تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أنت ابن معتلج البطاح

كدَيِّها فكَدَائها

فالبيت ذي الأركان

فالمستن من بطحائها

إلى أن قال:

ولدت أغرَّ مباركًا

كالبدر وسط سمائها

في ليلة لا نحس فيه

سحريها وعشائها

إن البلاد سوى بلادك

ضاق عرض فضائها

فاجمع بني إلى بنيك

فأنت خير رعائها

نشهدك منا مشهدًا

ضنكًا على أعدائها

نحن الفوارس من قريش

يوم جد لقائها ()

إلى أن المعركة الإعلامية انتصر فيها الأمويون انتصارًا كبيرًا على ابن الزبير, فقد كانوا يعطون الشعراء ويشترون الناس بالأموال, فهذا أعشى ربيعة من الشعراء الأمويين يقول:

آل الزبير من الخلافة كالتي

عجل النتاج بحملها فأحالها

أو كالضعاف من الحمولة حُملت

ما لا تطيق فضيعت أحمالها

قوموا إليهم لا تناموا عنهمُ

كم للغواة أطلتمُ إمهالها

إن الخلافة فيكمُ لا فيهمُ

ما زلتمُ أركانها وثمالها

أمسوا على المعروف قفلاً مغلقًا

فانهض بيمنك فافتتح أقفالها ()

8 - استخدام الشدة والقوة مع أخيه عمرو بن الزبير: إن الطريقة التي اتبعها ابن الزبير في القضاء على أخيه عمرو بن الزبير بعد أن وقع في الأسر جعلت الناس ينظرون إليه على أنه رجل تنقصه العاطفة والشفقة, وكان لذلك مرده السيئ على تعاطف الناس مع قضيته, فعمرو بن الزبير كان يضرب الناس في المدينة بناء على تهم موجهة إليهم بشأن تعاطفهم وتعاملهم مع ابن الزبير, وكان معينًا من قبل الدولة, وكانت قراراته يتخذها بطبيعة عمله, وإن كان فيها شيء من التجني والخطأ والظلم, وبالتأكيد كان الكثير من الناس يتمنون أن يقوم ابن الزبير, نفسه بحبسه, أو أن يطلب من كل الذي يدّعون على عمرو بن الزبير بأنه ظلمهم أن يسامحوه ويصفحوا عنه, ويغفروا له خطأه () , لقد اعتبر البعض أن ابن الزبير ما هو إلا طالب سلطة ودولة, وإلا لما تعامل مع أخيه بتلك القسوة () , واستغل تلك الحادثة شعراء الخصوم, فقد قال الضحاك بن فيروز الديلمي ساخرًا من ادّعاء عبد الله بن الزبير الزهد والصلاح:

تخبرنا أن سوف تكفيك قبضة

وبطنك شبرٌ أو أقلُّ من الشبر

وأنت إذا نلت شيئًا قضمته

كما قضمت نار الغضا حطب السدر

فلو كنت تجزي أو تبيت بنعمة

قريبًا لردتك العطوف على عمرو ()

وقال عبد الله بن الزبير الأسدي مؤلبًا على ابن الزبير داعيًا عليه:

تحدث من لاقيت أنك عائذ

وصرعت قتلى بين زمزم والركن

قتلتم أخاكم بالسياط سفاهة

فيالك للرأي المُشَلَّل والأفن ()

إلى أن قال:

قطعت من الأرحام ما كان واشجًا

على الشيب وابتعت المخافة بالأمن ()

9 - تفوق خصوم ابن الزبير: ليس بمستغرب أن يتفوق بنو أمية على ابن الزبير, الذي لم تتح له الفرصة لأن يتولى إقليمًا من الأقاليم ليكتسب الخبرة, في حين أن بني أمية تهيأت لهم العديد من الفرص, خاصة بعد أن آلت الخلافة إليهم في عهد معاوية بن أبي سفيان, وفي الجانب العسكري نلمس تفوق بني أمية على ابن الزبير من حيث التكتيك الحربي, وقيادة الجيوش, ولعل من أبرز ما يلاحظ في ذلك أن مروان بن الحكم قد خرج بنفسه على جيش كبير لضم مصر, ثم باشر ابنه عبد الملك حرب العراق بنفسه, وهذا أتاح لهما التعرف على ما يدور في ساحة القتال عن كثب, كما أنه يعطي المقاتلين دفعة معنوية كبيرة, وفي المقابل نجد ابن الزبير يعتمد على قواده أو ولاة الأقاليم في حروبه ولم يغادر مكة قط, وقد انتقد عبد الملك بن مروان هذه السياسة فقال: إن عبد الله بن الزبير لو كان خليفة كما يزعم لأبدى صفحته, وآسى أنصاره بنفسه, ولم يغرز ذنبه في الحرم ().

ويلاحظ أيضًا أن بني أمية منذ صراعهم مع ابن الزبير كانوا دائمًا في موضع المهاجم, بعكس ابن الزبير الذي ظل في موقف الدفاع ().

10 - الظروف التي نشأت فيها حركة ابن الزبير: إن من الإنصاف أن نذكر أن الظروف السيئة التي وجدت فيها حركة ابن الزبير أسهمت إلى حد كبير في سقوط خلافته, تمثلت هذه الظروف بظهور التيارات والاتجاهات المذهبية, والقبلية, وانعدام الاستقرار السياسي الذي هو من أهم الشروط لقيام حكم مستقر, لقد شغل الخوارج ابن الزبير كثيرًا, كما أن حركة المختار أخذت من جهده ووقته ورجاله, فهذه الحركات ذات المنطلقات العقائدية شغلت ابن الزبير كثيرًا عن التفكير في تنظيم دولته, كما استنزفت الكثير من طاقاته المادية والبشرية ().

رابعًا: رثاء عبد الله بن الزبير:

رثي ابن الزبير بقصائد كثيرة مبكية حزينة حفظها لنا التاريخ, ولم تهملها الليالي, ولم تفصلها عنا حواجز الزَّمن, ولا أسوار القرون, ومما قيل في رثائه ما قاله عبد الله بن أبي مسروح:

لقد أدركت كتائب أهل حمص

لعبد الله طرفًا غير وعل

شجاع الحرب إذ شدّت وقودًا

وللحادين خيرُ محل رحل

ومن ذا يكره الأبطال منه

إذا اعتنشوا طريقًا غير سهل

فما للشامتين بنا أصيبوا

وقلُّوا من سراتهم لمثلِ ()

وقال قيس بن الهيثم السلمي:

فقدنا مصعبًا وأخاه لما

نفَتْ سماؤهما المحُولا

وكنا لا يرام لنا حريم

تُسحّب في مجالسنا الذيولا

إذا أمن الجناب وإن فزعنا

ركبنا الخيل واجتنبنا الشَّليلا

ونرمي بالعداوة من رمانا

ونوطئهم بها وطأ ثقيلاً

فيا لهفي ولهف أبي وأمي

لقد أصبحت بعدهما ذليلا

ذ

ويا لهفًا على ما فات مني

ألا أصبحت في القتلى قتيلاً

ولم أصبح لأهل الشام نَصْبًا

يذكرني ابن مروان الذُّحولا

فلا رفدًا يعد ولا غناء

ولا إذنًا ولا حبسًا جميلاً

ولكن بين ذلك بين بين

لقد ضلّ ابن مروان السبيلا ()

...

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير