تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما عن سياسية ابن الزبير الاقتصادية فبالإضافة إلى قلة موارده الاقتصادية, يلاحظ أنه كان متأثرًا في نظرته لما بين يديه من المال بأسلافه من الخلفاء الراشدين خاصة عمر بن الخطاب ?, وأراد أن يسلك مسلكهم في طريقة الإنفاق, فأصبح ينظر إلى هذا المال على أنه مال الله, وهو حق المسلمين, ولا يجوز أن يصرف إلا في أوجهه الشرعية, وتشدد في ذلك, وهذه السياسة لم ترق للكثيرين في ذلك العصر, لأن الناس-كما يقول د. العش- لم يكونوا قادرين على فهم هذه السياسة وقبولها () , فلم يسخر ابن الزبير هذا المال في توطيد حكمه, وتقوية صفه, وكسب الأنصار من الأعيان والمؤيدين واستمالتهم لمشروعه الشوري, وبطبيعة الحال لقد خسر ابن الزبير الكثير من المناصرين, خصوصًا إذا عرفنا أن الأمويين كانوا يغدقون الأموال على الشعراء والأعيان والزعماء لكسبهم.

3 - عدم استيعابه لزعماء العراق:

كثير من زعماء القبائل يمكن للحكام أن يستوعبوهم بالأموال والعطايا, فسلاح المال خطير يجذب القلوب ويؤثر في النفوس, فقد روى أن أخاه مصعبًا ذهب إليه -بعد مقتل المختار- بزعماء أهل العراق وقال له: يا أمير المؤمنين, قد جئتك بزعماء أهل العراق وأشرافهم, كل مطاع في قومه, وهم الذين سارعوا إلى بيعتك, وقاموا بإحياء دعوتك, ونابذوا أهل معصيتك, وسعوا في قطع عدوك, فأعطهم من هذا المال. فقال له: .... جئتني بعبيد أهل العراق وتأمرني أن أعطيهم مال الله, لا أفعل, وايم الله لوددت أن أصرفهم كما تصرف الدنانير بالدراهم, عشرة من هؤلاء برجل من أهل الشام () , وجاء في رواية: فقال له أبو حاضر الأسيدي -وكان قاضي الجماعة بالبصرة-: إن لنا ولكم مثلاً مضى يا أمير المؤمنين وهو ما قال الأعشى:

عُلِّقناك عرضًا وعُلِّقَت رجلاً

غيري وعُلِّق أخرى غيرها الرجل

عُلِّقناك يا أمير المؤمنين وعُلِّقت أهل الشام, وعُلِّق أهل الشام إلى مروان, فما عسانا أن نصنع؟ قال الشعبي: فما سمعت جوابًا أحسن منه () , ثم بعد ذلك خلعوا ابن الزبير وكتبوا إلى عبد الملك بن مروان أن أقبل إلينا ().

4 - عدم بيعة زعماء بني هاشم له ومعارضتهم لدولته:

فقد امتنع عن بيعته عبد الله بن عباس, ومحمد بن علي بن أبي طالب -ابن الحنفية- وغيرهما. ولم يعاملهم بالرفق واللين, بل اشتد عليهم في بعض الأحيان ().

5 - إسراف أخيه مصعب في الدماء بعد القضاء على المختار:

فقد جاء مصعب إلى ابن عمر فسلم عليه فقال: من أنت؟ قال: أنا ابن أخيك, مصعب بن الزبير. قال: صاحب العراق؟ قال: نعم. ثم قال لابن عمر: أسألك عن قوم خالفوا وخلعوا الطاعة وقاتلوا حتى إذا غلبوا دخلوا قصرًا وتحصنوا فيه وسألوا الأمان على دمائهم فأعطوا, ثم قتلوا بعد ذلك, قال: ... يا مصعب, لو أن امرأ أتى ماشية الزبير فذبح منها خمسة آلاف شاة في غداة كنت تعده مسرفًا؟ فسكت مصعب. فقال: أجبني, قال: نعم, إني لأعد رجلاً يذبح خمسة آلاف شاة في يوم مسرفًا. قال: أفتراه إسرافًا في البهائم؟ لا تعبد الله وما تدري ما الله, وقتلت من وحَّد الله؟ أما كان فيهم مستكره يراجع به التوبة أو جاهل ترجى رجعته ()؟. فهذا القتل الكثير في أهل العراق أوغر عليه صدور عشائرهم وليس ببعيد أن يكون موقفهم منه في معركة دير الجاثليق له علاقة بهذه الأحداث, فالذي قتل مصعبًا هو زياد بن ظبيان, فلما ذهب إلى عبد الملك أمر له بألف دينار فرفض ابن ظبيان أن يأخذ شيئًا وقال لعبد الملك: لم أقتله على طاعتك وإنما قتلته على قتل أخي النابئ () , وقيل: اشترك في قتله زائدة بن قدامة الثقفي وقال حين قتله: يا لثارات المختار! ().

6 - تهاون ابن الزبير في أمر الأمويين:

كان الأولى أن يعمل ابن الزبير على منع الأمويين من الخروج من المدينة إلى الشام, وبخاصة مروان بن الحكم وابنه عبد الملك, ولو فعل ابن الزبير ذلك لما وجد الأمويون من يلم شعثهم, ويعيد السلطة ثانية, فلم يفكر مروان بن عبد الملك في الخلافة إلا بعد أن خرج من المدينة ووصل الشام, ولم يبذل الجهد المطلوب في دعم مناصريه في الشام, كخروجه على جيش كبير لضبط الأمور بها والقضاء على فتنة الأمويين عند ظهورها.

7 - إهماله الدعاية والإعلان: وأقصد بذلك عدم اهتمامه بالشعراء وإغداق الهدايا عليهم, صحيح أن دعوة عبد الله بن الزبير أيدها مجموعة من الشعراء كعبيد الله بن قيس الرقيات () , الذي قال:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير