تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[الدسوقي]ــــــــ[29 - 07 - 10, 02:14 ص]ـ

الوجه السابع والثلاثون: لا يشترط أن تكون رؤية الهلال بعد غروب الشمس، وقد عمل جماهير العلماء برؤية الهلال نهارًا، ويكون الغد هو أول الشهر:

وهذا فيه إبطال لشبهة الفلكيين: أن القمر في اليوم الذي رآه فيه المسلمون غرب قبل الشمس، أو مكث بعدها مدة يسيرة لا تمكن معها الرؤية بزعمهم، أو كان قريبا منها جدا؛ فتستحيل رؤيته بعد غروبها، لظنهم أن من شروط رؤية الهلال أن تكون بعد غروب الشمس.والأدلة على العمل برؤية الهلال نهارًا كثيرة:

... فعَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

" اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ فَقَدِمَ أَعْرَابِيَّانِ فَشَهِدَا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّهِ لَأَهَلَّا الْهِلَالَ أَمْسِ عَشِيَّةً فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ أَنْ يُفْطِرُوا. زَادَ خَلَفٌ فِي حَدِيثِهِ: وَأَنْ يَغْدُوا إِلَى مُصَلَّاهُم " رواه أبو داود والدارقطني وقال: " إسناد حسن ثابت "، وقال الألباني: " إسناده صحيح ".

* قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ في شرح سنن أبي داود: " (عَشِيَّة) الْعَشِيُّ مَا بَيْن الزَّوَال إِلَى الْغُرُوب " اهـ

* وفيه عملُ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برؤية من رأى الهلال نهارًا.

... وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:

" إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فاقدروا له " أخرجه البخاري ومسلم.

* قال الإمام الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار: " ظاهره إيجاب الصوم حين الرؤية متى وجدت ليلا أو نهارا لكنه محمول على صوم اليوم المستقبل " اهـ

* قال الإمام الشافعي رحمه الله في الأم: " وإن غم عليهم فجاءهم شاهدان بأن هلال شهر رمضان رئي عشية الجمعة نهارا بعد الزوال أو قبله فهو هلال ليلة السبت لأن الهلال يرى نهارا وهو هلال الليلة المستقبلة لا الليلة الماضية " اهـ

* قال الإمام ابن قدامة في المغني (4/ 431، 432 - هجر): (مَسْأَلَةٌ: قَالَ (أي الخرقي): (وَإِذَا رُئِيَ الْهِلَالُ نَهَارًا، قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَهُ، فَهُوَ لِلَّيْلَةِ الْمُقْبِلَةِ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَشْهُورَ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّ الْهِلَالَ إذَا رُئِيَ نَهَارًا قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي آخِرِ رَمَضَان، لَمْ يُفْطِرُوا بِرُؤْيَتِهِ. وَهَذَا قَوْلُ عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَنَسٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَمَالِكٍ، وَاللَّيْثِ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو يُوسُفَ: إنْ رُئِيَ قَبْلَ الزَّوَالِ فَهُوَ لِلَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فَهُوَ لِلَّيْلَةِ الْمُقْبِلَةِ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. رَوَاهُ سَعِيدٌ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ}. وَقَدْ رَأَوْهُ، فَيَجِبُ الصَّوْمُ وَالْفِطْرُ، وَلِأَنَّ مَا قَبْلَ الزَّوَالِ أَقْرَبُ إلَى الْمَاضِيَةِ. وَحُكِيَ هَذَا رِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ. وَلَنَا مَا رَوَى أَبُو وَائِلٍ، قَالَ: " جَاءَنَا كِتَابُ عُمَرَ - وَنَحْنُ بِخَانِقِينَ - أَنَّ الْأَهِلَّةَ بَعْضُهَا أَكْبَرُ مِنْ بَعْضٍ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ الْهِلَالَ نَهَارًا فَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تُمْسُوا، إلَّا أَنْ يَشْهَدَ رَجُلَانِ أَنَّهُمَا رَأَيَاهُ بِالْأَمْسِ عَشِيَّةً " (1). وَلِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَمَنْ سَمَّيْنَا مِنْ الصَّحَابَةِ، وَخَبَرُهُمْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا رُئِيَ عَشِيَّةً، بِدَلِيلِ مَا لَوْ رُئِيَ بَعْدَ الزَّوَالِ. ثُمَّ إنَّ الْخَبَرَ إنَّمَا يَقْتَضِي الصَّوْمَ وَالْفِطْرَ مِنْ الْغَدِ، بِدَلِيلِ مَا لَوْ رَآهُ عَشِيَّةً. فَأَمَّا إنْ كَانَتْ الرُّؤْيَةُ فِي أَوَّلِ رَمَضَان، فَالصَّحِيحُ أَيْضًا، أَنَّهُ لِلَّيْلَةِ الْمُقْبِلَةِ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ. وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهُ لِلْمَاضِيَةِ، فَيَلْزَمُ قَضَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَإِمْسَاكُ بَقِيَّتِهِ احْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ لِلَّيْلَةِ الْمُقْبِلَةِ فِي آخِرِهِ، فَهُوَ لَهَا فِي أَوَّلِهِ، كَمَا لَوْ رُئِيَ بَعْدَ الْعَصْرِ) اهـ

... ولنضرب مثالا يوضح المسألة: إذا رؤي هلال شوال نهار الاثنين (قبل الزوال أو بعده = أي قبل غروب الشمس) لم يفطروا ذلك اليوم (الاثنين)، ويكون الهلال لِلَّيْلةِ المستقبَلَةِ، فيكون العيد الثلاثاء، وهذا هو مذهب الجمهور، والله أعلم.


(1) رواه عبد الرزاق (4/ 162، 163) وابن أبي شيبة (3/ 67) و البيهقي في السنن الكبرى (4/ 213).
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير