تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لله وحده لا شريك له، والابتعاد عن الشرك وأنواعه.

وثاني معاني العيد: تحقيق معنى شهادة أنّ محمدًا رسول الله، وذلك باتباعنا له واقتدائنا به في هذا اليوم، ومعنى شهادة أن محمدًا رسول الله طاعة أمره واجتناب نهيه وتصديق أخباره وعبادة الله بما شرع مع محبته وتوقيره، قال الله تعالى: قُلْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمّلَ وَعَلَيْكُمْ مَّا حُمّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ [النور:54]، وقال: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [آل عمران:31].

ومن حكم العيد ومنافعه العظيمة: شهود جمع المسلمين لصلاة العيد، ومشاركتهم في بركة الدعاء والخير المتنزل على جمعهم المبارك، والانضواء تحت ظلال الرحمة التي تغشى المصلين، والبروز لرب العالمين إظهارًا لفقر العباد لربهم وحاجتهم لمولاهم عز وجل، وتعرضًا لنفحات الله وهباته التي لا تُحدّ ولا تُعدّ، عن أم عطية رضي الله عنها قالت: أمرنا رسول الله أن نخرجهن في الفطر والأضحى؛ العواتق والحيَّض وذوات الخدور، فأما الحُيّض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين. رواه البخاري ومسلم.

وإن من حكم العيد ومنافعه العظمى: التواصلَ بين المسلمين والتزاورَ وتقاربَ القلوب وارتفاعَ الوَحشة وانطفاءَ نار الأحقاد والضغائن والحسد. فالعيد ـ عباد الله ـ مشهد من مشاهد الوحدة، ومنظر من مناظرها، وعبرة جعلها الله للمسلمين ليعتبروا بها، فكما أن المسلمين اجتمعوا على هذا العيد الذي هو عيد عند جميع المسلمين في مختلف الأمصار والأقطار، ولم يختلفوا فيه، كذلك فإن المسلمين قادرون على أن يجتمعوا على كلمة الإسلام دون أن يختلفوا فيه، ويتركوا ويبتعدوا عن كل ما يفرقهم من عنصريات وعصبيات وقوميات، وأن يجتمعوا و يتوحدوا، ويكونوا كالبنيان المرصوص، يشدّ بعضه بعضًا، ويكونوا كاليد الواحدة في جلب الخير ودفع الشر، فربنا واحد، ورسولنا واحد، وديننا واحد، كما أن عيدنا اليوم واحد عند جميع المسلمين، فكما أن الإسلام جمع المسلمين في مكان واحد لأداء صلاة العيد، فهو قادر أيضًا على أن يجمعهم على الحق، ويؤلف بين قلوبهم على التقوى، فلا شيء يجمع و يؤلف بين المسلمين سوى الإسلام وهو دين الحق؛ ولا يفرق بين القلوب إلا الأهواء لكثرتها، فالتراحم والتعاون والتعاطف صفة المؤمنين فيما بينهم، كما روى مسلم من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله: ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)).

والمحبة بين المسلمين والتوادّ غاية عظمى من غايات الإسلام، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: ((لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أوَلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟! أفشوا السلام بينكم)) رواه مسلم. فجاهد نفسك ـ أيها المسلم ـ لتكون سليمَ الصدر للمسلمين، فسلامة الصدر نعيم الدنيا وراحة القلب ورضوان الله في الآخرة، قال تعالى عن إبراهيم: وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [الشعراء:87 - 89]، وعن عبد الله بن عمرو قال: قيل: يا رسول الله، أي الناس أفضل؟ قال: ((كل مخموم القلب صدوق اللسان) قالوا: صدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب؟ قال: ((هو التقي النقي، لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد)) رواه ابن ماجه بإسناد صحيح والبيهقي.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بركة وأصيلاً، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير