تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أيها المسلمون، الأضحية سنة مؤكدة، يكره للقادر عليها أن يتركها، بل قال بعض علماء المسلمين: إنها واجبة وإن تاركها يأثم. ولقد ضحى النبي وداوم على الأضحية عشر سنوات، وقال: ((من وجد سعة ولم يضحِّ فلا يقربن مصلانا))، وكان يظهرها للناس؛ لأنها شعيرة ظاهرة، ومن لم يجد الأضحية فقد ضحّى عنه النبي.

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

الأضحية ـ يا عباد الله ـ سنة للأحياء، ولا بأس أن يشرك الإنسان في ثوابها من شاء من الأحياء والأموات، وفضل الله واسع. وإن من الحرمان ما يفعله بعض الناس من جعل الأضحية لوالديه المتوفيين، ويحرم نفسه وأهله من ثوابها، مع أن النبي لم يضحّ عن أحد من أمواته، فقد ماتت خديجة رضي الله عنها وهي أحب الناس إليه ولم يضحّ عنها أضحية مستقلة، ومات عمه حمزة ولم يضحّ عنه أضحية مستقلة. أما الوصايا فإنها يعمل بها على نص الموصي سواء أضحية أم غيرها.

ولا تجزي الأضاحي إلا من بهيمة الأنعام: الإبل والبقر والغنم، فتجزي الشاة عن واحد، والبدنة والبقرة عن سبعة، وللإنسان أن يشرك في أضحيته من شاء.

أيها المسلمون، إن الأضحية لا بد أن تكون موافقة لسنة النبي، وإلا فهي مردودة على صاحبها لقوله: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)). والموافق لسنته ما اجتمع فيه ثلاثة شروط:

الأول: أن تبلغ السن المعتبرة شرعًا؛ خمس سنين في الإبل، وسنتان في البقر، وسنة في المعز، ونصف سنة في الضأن.

الثاني: أن تكون سليمة من العيوب التي تمنع الأجزاء، وهي أربعة: العرجاء البين ضلعها فلا تعانق الصحيحة في المشي، والمريضة البين مرضها فظهرت عليها علامات المرض في أكلها أو شربها أو مشيها، والعوراء البين عورها، والعجفاء وهي الهزيلة التي لا تنقي. وكلما كانت الأضحية أكمل في ذاتها وصفاتها فهي أفضل.

الشرط الثالث: أن يذبحها في الوقت المحدد شرعًا، وهو من الفراغ من صلاة العيد إلى غروب الشمس في اليوم الثالث عشر.

والأفضل للمضحي أن ينتظر بالذبح حتى يفرغ الإمام من خطبته، ويجوز الذبح ليلاً ونهارًا، لكن النهار أفضل، ويذبح المضحي أضحيته بنفسه، فإن لم يحسن فإنه يحضر ذبحها، ويقول عند ذبحها: اللهم هذا منك ولك، اللهم هذه عن فلان أو فلانة، ولا يمسح ظهرها لعدم الدليل عليه من السنة.

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

عباد الله، الذكاة لها شروط لا تصح دونها، منها أن يقول عند الذبح: بسم الله، فمن لم يسمِّ فذبيحته ميتة حرام أكلها، لقوله تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ، وقول النبي: ((ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل))، وسواء تركها عمدًا أم نسيانًا فهي حرام؛ لأن الشروط لا تسقط بالنسيان. ومنها إنهار الدم، بأن يقطع الحلقوم وهو مجرى النفس، والمري وهو مجرى الطعام، والأوداج وهي مجاري الدم المحيطة بالعنق.

والسنة للمضحي أن يأكل منها ويتصدق ويهدي، وأفضل الصدقة والهدية ما كان للأقارب؛ لأنه صدقة وصلة رحم، ولا يعطي الجزار أجرته منها، وإن أعطي هدية فلا بأس.

عباد الله، هذه سنة نبيكم وشريعة ربكم، فاعملوا بها، والتزموا أوامره، واجتنبوا نواهيه، واعلموا أن العيد موسم للعودة إلى الله تعالى وترك الذنوب والآثام والالتجاء إلى ذي الجلال والإكرام وشكره على نعمه وسؤاله الزيادة والتمام.

متى يعود من لم يعد في هذه الأيام؟! ومتى يستيقظ أولو النهى والأحلام؟! أما علموا أن الدنيا دول، وأنها تتغير من ساعة إلى ساعة؟! كم إنسان أمسى غنيًا وأصبح فقيرًا! وكم من الناس كان في الدنيا ذا جاه فأصبح حقيرًا! أما في الأموات معتبر، وفي الماضين ذكرى لمن كان له سمع وبصر؟! أما كانوا بالأمس معنا، فأصبحوا رهنًا بأعمالهم؟! فماذا ينتظر المتأخرون؟! وعن أي شيء يبحث الباقون؟! أليس الله يقول في القرآن: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ؟! ولكن المؤمن يرجو ويخاف، ومن خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، وسلعة الله غالية، وهي الجنة، فاعملوا صالحًا، وأبشروا وأملوا، ومن حفظ الله حفظه الله، والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير