تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أيها المسلمون، اتقوا الله تعالى واشكروه على نعمه العظيمة وآلائه الجسيمة وأطيعوا ربكم في السر والعلانية، في المنشط والمكره، في العسر واليسر، في كل حال وفي كل زمان، واحذروا الغفلة عن الله والدار الآخرة والاغترار بالدنيا وشهواتها فهي زائلة ولا محالة ولا ينفعكم إلا الأعمال الصالحة فعما قليل تنقلون من دوركم وأموالكم إلى حفر ضيقة، هي إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار. إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَى? وَمَن يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ ?لصَّـ?لِحَـ?تِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ ?لدَّرَجَـ?تُ ?لْعُلَى? [طه:74، 75].

فالسعيد في العيد يا عباد الله، من عمل الصالحات واشتغل بذكر الله عز وجل وشكره وتقرب إلى الله بذبح نسكه وابتعد عن اللهو واللعب والتشاغل بسقط القول وتافه العمل. فاتقوا الله عباد الله، واجعلوا يوم عيدكم يوم ذكر لله وتكبير له وشكر له، يقول تعالى: وَ?ذْكُرُواْ ?للَّهَ فِى أَيَّامٍ مَّعْدُود?تٍ [البقرة:203]، ويقول: ((أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل)) [1] وليس السعيد يا عباد الله، من لبس الجديد وفاخر بالمركوب والملبوس والمطعوم، إن السعادة الحقيقية تكمن في امتثال أوامر الله والبعد عن نواهيه والحذر من اللهو والغفلة، والإعراض عنه.

الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

إخوة العقيدة، أيها المجمع العظيم، حافظوا على دينكم وأقيموا عموده وركنه العظيم ألا وهو الصلاة حافظوا عليها بأركانها وواجباتها وسننها وخشوعها في الجماعة في بيوت الله يقول في الحديث الصحيح عن جابر رضي الله عنه: ((بين الرجل وبين الكفر أو الشرك ترك الصلاة)) [2] وأخرج الترمذي وأحمد وأهل السنن عن بريدة رضي الله عنه أن رسول الله قال: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)) [3] وأدوا زكاة أموالكم وطيبوا بها نفساً، فقد توعّّد الله مانعها بقوله: وَ?لَّذِينَ يَكْنِزُونَ ?لذَّهَبَ وَ?لْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ ?للَّهِ فَبَشّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى? عَلَيْهَا فِى نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى? بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـ?ذَا مَا كَنَزْتُمْ لانفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ [التوبة:34، 35].

واحفظوا جوارحكم في هذا اليوم وغيره، احفظوا أسماعكم وأبصاركم وألسنتكم وبطونكم وفروجكم وأيديكم وأرجلكم أن تمتد إلى الحرام وتلتبس به وتتلطخ بسوئه، إِنَّ ?لسَّمْعَ وَ?لْبَصَرَ وَ?لْفُؤَادَ كُلُّ أُولـ?ئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً [الإسراء:36]، وقوموا بما أوجب الله عليكم نحو أهليكم وأولادكم ونسائكم، فمروهم بالمعروف وانهوهم عن المنكر واحفظوهم عن المحرمات وأبعدوهم عن المنكرات ووسائلها وربوهم تربية إسلامية ووجهوهم وجهة صالحة: ي?أَيُّهَا ?لَّذِينَ ءامَنُواْ قُواْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا ?لنَّاسُ وَ?لْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَّ يَعْصُونَ ?للَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6].

شباب الإسلام، أنتم أمل الغد وجيل المستقبل، عودوا إلى دينكم وارفعوا راية لا إله إلا الله، وادعوا إليها واحذروا الرذائل وتحلّوا بالفضائل وانتبهوا إلى ما يكيده أعداؤكم.

أيها النساء المسلمات، اتقين الله عز وجل في هذا اليوم المبارك، حافظن على العفاف والحياء والحشمة والستر وإياكن وإبداء الزينة، واحذرن الإختلاط بالرجال ومزاحمتهم، واجتنبوا يا عباد الله في هذا اليوم المبارك وغيره باللهو واللغو والغيبة والنميمة وقول الزور والعمل به والوقوع في أعراض المسلمين، قال في خطبته البليغة عام حجة الوداع ((إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا)) [4] وانبذوا الخصام بينكم وصلوا أرحامكم وبروا والديكم وأكرموا فقراءكم وتسامحوا وتزاوروا وكونوا عباد الله إخواناً، واحذروا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، احذروا الربا والزنا والسرقة والرشوة وأكل أموال الناس بالباطل، واحرصوا على اجتماع القلوب وصفائها، وأنيبوا إلى ربكم وأصلحوا له، وتوبوا إليه توبة صادقة في هذا اليوم العظيم، وأقلعوا عن ذنوبكم واندموا على فعلها واعزموا على عدم العودة إليها.

الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

حجاج بيت الله الحرام، اتقوا الله في هذه الأيام المباركة، فطوفوا بالبيت طواف الوداع، واحرصوا على أداء نسككم وعدم إيذاء إخوانكم ومزاحمتهم وأخلصوا لله في جميع أعمالكم وألحوا عليه بالدعاء والقبول واتبعوا سنة نبيكم في أقواله وأفعاله.

أمة الإسلام، يعيش المسلمون في هذا اليوم هنا في هذه البلاد المباركة عيداً سعيداً، وأحوال المسلمين في كثير من البقاع تؤلم وتبعث على الأسى والأسف، وإذا كنتم معشر أهل هذه البلاد تعيشون العيد السعيد الآمن المطمئن فإن غيركم في بقاع كثيرة لا يعيش هذه النعمة فاشكروا الله على نعمه، وجدوا في إصلاح حالكم وانتبهوا لما تفاقم من أمركم قبل أن يصيبكم ما أصاب غيركم، واعلموا أن أعداءكم يتربصون بكم الدوائر، يريدون أبعادكم عن دينكم بكل الوسائل فاحذروهم واقهروهم بالتمسك بدنيكم.

الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير