ـ[عاطف جميل الفلسطيني]ــــــــ[18 - 11 - 09, 02:43 ص]ـ
الخطبة الأولى
الله أكبر، الله أكبر، لا إلهَ إلاّ الله، والله أَكبر، الله أَكبر، ولله الحَمد.
أمّا بعد: فيا إخوةَ الإسلامِ في كلّ مكان، أيّها الإخوة المسلمون في أمّ القرى بلدِ الله الحرام، حجّاجَ بيتِ الله الكرَام، خيرُ ما يُوصَى به الأنامُ تقوَى الله الملِكِ القدّوس السّلام، فاتَّقوا الله ـ عبادَ الله ـ في السِّرِّ والإعلان، وزكّوا بواطنَكم من الأوضارِ والأدران. اتَّقوا الله في الغَيبِ والشهادةِ تحوزوا والحسنَى وزِيادة.
أيّها الحُجّاجُ الميامِين، ها قد أنعَم الله عليكم ببُلوغ هذا اليومِ المبارَك الأزهَر، وشهِدتُم بفضلِه ومنِّه يومَ الحجّ الأكبَر والمنسكِ الأشهَر، يَوم عِيدِ الأضحى المبارك، اليوم الذي يجود فيه البارِي جلّ وعلا بمغفرةِ الزّلاّت وسَتر العيوبِ والسيّئات وإقالةِ العثَرات وإغاثةِ اللّهَفات ورفعِ الدرجات وإجابةِ الدعوات وقَبول التوبَات. طوبى لكم أيّها الحجَّاج الكِرام، ثم طوبى ما تَنعَمون به من غامِرِ الإيمانيات وسابغ الرَّوحانياتِ، دُموعُكم لرضوانِ الله مطَّرِدَة، والضُّلوع مِنكم بالأشواق متَّقِدَة، والدّموعُ والإنابَة ما يكادُ يذهَب بالمُهَج ويأخُذ الألبابَ.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبِيرًا.
عِبادَ الله، منَ الشّعائر العظمَى التي يتقرّب بها المسلمون إلى ربِّهم في هذا اليوم الأغرّ المبارك شعيرةُ ذبحِ الأضاحِي، اقتِداءً بخَليلِ الله إبراهيم ونبيِّ الله وحبيبِه محمّدٍ عليهما الصّلاة والسلام.
إنّ الأضاحي ـ عباد الله ـ سنة أبيكم إبراهيم وحبيبكم محمد، فاتقوا الله عباد الله، وضحّوا تقبّل الله ضحاياكم، فقد ضحّى عليه الصلاة والسلام بكبشين أملحين أقرنين [1]، لَن يَنَالَ ?للَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَـ?كِن يَنَالُهُ ?لتَّقْوَى? مِنكُمْ [الحج:37]. أخرج البخاريّ من حديث جُندب بن سفيان رضي الله عنه قال: صلّى النبيّ يَومَ النّحرِ ثم خطَب ثمّ ذبح وقال: ((من ذبَحَ قبل أن يصَلّي فليذبح أخرَى مكانَها، ومن لم يذبح فليذبَح بسمِ الله)) [2].
ويبدأ وقتُ الذّبحِ ـ عبادَ الله ـ مِن صلاةِ العِيدِ، وينتهِي وقتُ ذَبح الأضاحي بغروب شمسِ اليومِ الثالث من أيّام التشريقِ لقوله عليه الصلاة والسّلام: ((وكلّ أيام التشريق ذبحٌ)) أخرجه الإمام أحمد وغيره [3].
ولا يجوز التّضحيةُ بالمعِيبةِ عيوبًا بيّنَة، لما في حديثِ البراءِ بن عازب رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله: ((أربعٌ لا تجزِئُ في الأَضَاحِي: العَورَاءُ البيِّنُ عوَرُها، والمريضة البيّن مَرضُها، والعَرجاء البيِّن ظلَعُها، والكبيرةُ التي لا تُنقِي)) أخرجه أحمد وأهل السنن [4].
اللهُ أَكبر، الله أَكبر، لا إلهَ إلاّ الله، والله أَكبر، الله أَكبر، ولله الحَمد.
ويُعتبَر في سِنّ والأضاحي السنُّ المعتبَر شَرعًا، وهو في الإبِل خمسُ سنين، وفي البقَرِ سنتان، وفي المَعز سنة، وفي الغنَم نصفُ سنة.
وتُجزئ الشّاةُ الواحدة عن الرجُل وأهلِ بيتِه، كما في حديث أبي أيوب رضي الله عنه [5].
والسنةُ أن يتَولّى المضحِّي الذَّبحَ بنفسِه؛ لأنَّ النبيَّ عليه الصلاة والسلام نحر ثلاثًا وستين بدنةً بيده الشريفة، ثم أعطَى عليًّا رضي الله عنه فنحَر الباقي، كما جاء ذلك في صحيح الخبر عنه [6].
الله أكبر، الله أكبر، لا إلهَ إلاّ الله، والله أكبر، الله أكبر، وللهِ الحَمد.
ومِن السّنَّة ـ يا عبادَ الله ـ أن لا يُعطَى جازِرها أجرَتَه منها.
ومِنَ السنّة أن يأكلَ منها ثُلثًا، ويهديَ ثلثًا، ويتصدّق بثلُث، لقول الله عز وجل: فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ?لْقَـ?نِعَ وَ?لْمُعْتَرَّ كَذ?لِكَ سَخَّرْنَـ?هَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [الحج:36].
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرًا.
أمّةَ الإسلامِ، اشكُروا الله على ما هداكم لهذا الدين، فلقد كان الناسُ قبلَه في جهالةٍ جهلاء وضلالة عمياء، إلى أن منّ الله عز وجل ولله الفضل والمنّة، فأضاءَ الكون بشمسِ الرسالة المحمّدية على صاحِبِها أزكى صلاةٍ وأفضل سلامٍ وتحيّة، فأخرجَ الناسَ من الظّلُمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد.
¥