تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكان أساسُ الأسُس وأصلُ الأصول في دَعوتِه عليه الصلاة والسلام وركيزةُ مرتَكَزاتها ورُكن أركانها توحيد الله عزّ وجلّ وإفرادَه بالعبادة، وَمَا خَلَقْتُ ?لْجِنَّ وَ?لإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56]. بالتوحيد أرسِلت الرسل وأُنزلت الكتب، وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِى إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَـ?هَ إِلاَّ أَنَاْ فَ?عْبُدُونِ [الأنبياء:25]، قُلْ إِنَّ صَلاَتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى للَّهِ رَبّ ?لْعَـ?لَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162، 163].

فلِواحدٍ كن واحدًا في واحدِ أعني سبيلَ الحقّ والإيمان [7]

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

إخوةَ الإسلام، ومن الأمور المهمّة التي يجب أن يتوارَد عليها المسلمون في موسِم حجّهم المبارك ما تميّزت به شريعتنا الغرّاء من منهجِ الوسَطيّة والاعتدال في كلّ أبوابها ومَقاصِدِها، فهي وسطٌ في الاعتقاد والعبادات والمعاملات وفي كلّ شيء، لقول الله عز وجل: وَكَذ?لِكَ جَعَلْنَـ?كُمْ أُمَّةً وَسَطًا [البقرة:143]، فلا إعناتَ ولا غلوّ، ولا إفراط ولا تفريط، ولا مشقّة ولا حرَج، وَمَا جَعَلَ عَلَيْكمْ فِى ?لدّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج:78].

ولما انحرَفَ فِئامٌ من المسلمين عن مِنهاج الوسطيّة والاعتدال ظهَرَت فتنةٌ فاقِرَة يقاسي المسلمون جرّاءها الكروبَ، فِتنَة زلّت فيها أقدامٌ وضَلّت فيها أَفهام، ألا وهي فِتنة التّكفير الدّاعية إلى الخروجِ على ولاة أمر المسلمين وإثارةِ القلاقِلِ وزعزعة أمنِ الأمّةِ وشَرخِ صفّ جماعَتها. وأسبابُ هذا الضلال فهمٌ منحرِف أُحاديّ لنصوص الكتاب والسنة، ولله درّ الإمام العلاّمة ابن القيم حيث يقول:

ولهم نصوصٌ قصّروا في فهمِها فأُتوا من التّقصير في العِرْفان

الكفر حقّ الله حقّ رسوله لا بالهوى أو برأي فلانِ

من كان ربّ العالمين وعبده قد كفّراه فذاك ذو كفران [8]

إنّ الذين يؤلّبون المسلمين على وُلاةِ أمرهم ابتغاءَ الفِتنةِ والفوضَى ويَسعَون في الأرضِ فسادًا وتدميرًا وإرهابًا وإِرعابًا وتفجيرًا واستِحلالاً للدّماءِ المعصومة من المسلِمِين والمعاهَدين والمستَأمَنين باسمِ الإسلام أو دعوى الإصلاح زعموا لَمَا هم عليه من أبطَل الباطِل وأشدِّه تنكُّبًا عن دين الإسلام، مِنْ أَجْلِ ذ?لِكَ كَتَبْنَا عَلَى? بَنِى إِسْر?ءيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى ?لأرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ?لنَّاسَ جَمِيعًا [المائدة:32]. الله أكبر، أيُّ وعيدٍ وتهديدٍ أبلغُ وأزجر من هذا؟! يقول عليه الصلاة والسلام: ((من قتَل معاهَدًا لم يَرَح رائحةَ الجنّة، وإنّ ريحَها ليوجَد من مسيرة كذا وكذا)) أخرجه البخاري [9]. وهل يعني الولاءُ والبراء اتخاذَ المستأمَنين والمعاهَدين والذمّيين غرضًا للقتل والترويع وسفكِ الدماء وتناثُر الأشلاء؟! وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَن لاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى? [المائدة:8]، لاَّ يَنْهَـ?كُمُ ?للَّهُ عَنِ ?لَّذِينَ لَمْ يُقَـ?تِلُوكُمْ فِى ?لدّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مّن دِيَـ?رِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُواْ إِلَيْهِمْ إِنَّ ?للَّهَ يُحِبُّ ?لْمُقْسِطِينَ [الممتحنة:8]. والآية دليلٌ على سماحةِ الإسلام ويُسرِه ووسطيّته واعتداله وموقفِه المنصِفِ من المخالفين.

إنّ قضيّة التكفيرِ الخطيرة ناجمةٌ عن انحرَافٍ وغلُوّ، وقد نُهِينَا عن الغلوّ في الدين لأنّه سبب هلاكِ الأوّلين: يَـ?أَهْلَ ?لْكِتَـ?بِ لاَ تَغْلُواْ فِى دِينِكُمْ غَيْرَ ?لْحَقّ [المائدة:77]. والغلوّ مذمومٌ في جانب الوجودِ والعدَم والفِعل والترك، كما أنّ الإرهابَ مذمومٌ في الأسبابِ والبواعث والمقدّمات والنتائجِ والأفعال وردودِ الأفعال، إضافةً إلى أنّ امتَطاءَ صَهوةِ تكفير المجتمعاتِ يبعَثُ عليها جَهلٌ مركَّب في فهمِ مسائلَ من الدّين، وقد بلغت حدًّا يوجِب التصدِّي لها من قِبَل أهلِ العِلم بالحجّةِ والبَيان والدّليل والبرهان، حراسةً لناشئة الأمّة مِن الهُويّ في عَينِها الحَمِئة والتمرُّغِ في أَوحَالها النّتِنة، يقول عليه الصلاة والسلام: ((من رَمَى أخاه بالكفرِ أو

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير