تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أيها المؤمنون:، من هدي نبيكم في خطبة صلاة العيد أن يخُصَّ النساء بموعظة، كما ثبت في صحيح مسلم عن جابر قال: شهدت مع رسول الله الصلاة يوم العيد، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة، ثم قام متوكئًا على بلال، فأمر بتقوى الله، وحث على طاعته، ووعظ الناس وذكّرهم، ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكّرهن، فقال: ((تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم) فقامت امرأة من سِطَة النساء سفعاء الخدين ـ وكان ذلك قبل نزول فرض الحجاب ـ فقالت: لِمَ يا رسول الله؟! قال: ((لأنكن تكثرن الشكاة ـ أي: الشكوى ـ وتكفرن العشير)) أي: تجحدن إحسان أزواجكن.

أيتها المسلمات، يا إماء الله، اتقين الله تعالى واحذرن من غضبه وسخطه، وقُمْنَ بما أوجب الله عليكنّ من حق الأزواج والأولاد، فقد قال النبي: ((إذا صلّتِ المرأة خمسها وصامت شهرها وحصّنت فرجها وأطاعت بعلها ـ أي: زوجها ـ دخلت من أي أبواب الجنة شاءت)) رواه حمد واللفظ له ورواه مسلم.

أيتها الأخت الكريمة والأم الرحيمة والزوجة المصونة والبنت العزيزة، لقد أيقن أعداء الإسلام من كفار ومنافقين أنك أفضل وسيلة يتوصلون بها لإفساد المجتمع المسلم، وتصريحاتهم في ذلك أشهر وأكثر من أن تذكر، وهم يعلمون أيضًا أنه من المستحيل أن يتوصلوا لما يصبون إليه من إفساد المرأة المسلمة خلال أشهر أو سنوات معدودة، فعمدوا إلى أسلوب ماكر وخبيث يقوم في أساسه على التدرج والتخطيط للمدى البعيد من الزمن، ويرتكز على نزع حياء المرأة وتنفيرها من دينها دون تصريح بذلك ولا عرضٍ مباشر له، ومكرهم في هذا عظيم، ومحاولاتهم متجددة ومتنوعة، لكنها مع كل ذلك لا تعدو أن تكون مكرًا بشريًا يقابل مكر الله العزيز العظيم، وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ [إبراهيم: 46]، لن يتجاوزوا كيد الشيطان في صنعهم، وكيد الشيطان ضعيف أمام إصرارِكِ على العفاف والحشمة والتدين، ولقد غِظْتِ أعداء الإسلام والفضيلة بالمحافظة على شرفكِ وعِرضِك وأُنوثتك، فبارك الله فيكِ وزادك هدى، وثبتك على الحق وحفظك من كل سوء ومكروه.

واعلمي ـ أيتها المصونة ـ أن الصراع بين الحق والباطل ليس فيه خطر علينا؛ لأننا مؤيدون بقوة الله الجبار، ونحن واثقون من النصر، ولكن الخطر أن يفقد الناس الإحساس بين ما هو إسلامي وما هو غير إسلامي، ترى البنت من أسرة كريمة ذات فضل وإذا بها تجهل كثيرًا من أمور الشرع مما يعلم من الدين بالضرورة.

الخطر أيضًا أن يُتخذ من المهزومين أو النفعيين أو المنافقين العلمانيين مرجعية في الفتوى فيما يتعلق بشأن المرأة، لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ [النحل: 25]. وأبشري بالنصر والتأييد من الله تعالى، فالله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

اعلموا ـ عباد الله ـ أنه لا وجه للنهي عن تحية المسجد في مصلى العيد، بل لا وجه للنهي عن التنفل بالصلاة في المصلّى لأمر النبي بأداء تحية المسجد وترغيبه بكثرة الصلاة والسجود في مثل قوله: ((عليك بكثرة السجود)) رواه مسلم، وقوله: ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) أخرجه مسلم أيضًا. والمصَلَّى مسجد لأنّ النبي أمر النساء أن يخرجن إليه وأمر الحيّض أن يعتزلنه، والمرأة لا تعتزل إلا المسجد، فأعطى النبي مصلى العيد حكم المسجد بالنسبة لمنع الحائض منه، وعلى هذا نصّ فقهاء الحنابلة المتأخّرين وإن كان الأولى بعد أداء تحية المسجد أن ينشغل المسلم بالتكبير وحمد الله لأنه وقتها ومحلها، لكنه لا يُنكر على من زاد من التنفل في الصلاة قبل دخول الإمام أو بعد الخطبة، هذا ما قرره الإمام الشيخ محمد الصالح العثيمين، وقال رحمه الله: "وأما الاستدلال بما ورد في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي خرج إلى مصلى العيد فصلى ركعتين ـ يعني صلاة العيد ـ لم يصل قبلها ولا بعدها، فهذا الحديث لا يدل على كراهة التنفل بالصلاة قبل صلاة العيد ولا بعد الخطبتين لمن أراد من المصلين، بل لا يكره ذلك حتى للإمام لأنّ النبي خرج إلى مصلى العيد ليصلي بالناس، فصلى بهم وخطب ثم انصرف، كما أنه يوم الجمعة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير