تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لقد طبّ أصحاب تلك الدعوات زكاما، فما أحدثوا في الحقيقة إلا جذاما، وحللوا بزعم منهم عقدا، وبالذي وضعوه زادت العقد، فكم يُقتل من المسلمين وكم تنزع من حريات وكم يُعتدى على حقوق في حين إن دعاة حقوق الإنسان يخفضون جناح الذل من رحمتهم وعدلهم المزعوم على دعم وتحصين منظمات عالمية لمحبي الكلاب وأصدقاء الحيوانات الأليفة، فتفتح الصوالين للكلاب ليقوم أخصائيون بقص شعرها وتزيينها وتعطيرها، وفي المقابل وفي القابل ـ عباد الله ـ تفتح الصوالين الدموية التي يُقص من خلالها شعور البشر المسلمين، ويَحلِقون أديانهم، ويغتصبون أرضهم وأموالهم، فليت مخبراً يخبرنا أتكون الكلاب المكلّبة أهم وأعظم من قطر إسلامي بأسره تعدو عليه حثالة لئيمة من ذئاب البشر، وعَبَدِ الطاغوت، فيقتلون الشيوخ والأطفال، ويرملون النساء في مسرى رسول الله، وفي غيره من أراضي المسلمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله، إنهم بذلك هم قتلة الإنسان، وهم حماة حقوق الإنسان المجرم.

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر الله أكبر، الله أكبر كبيراً.

أيها المسلمون، حجاج بيت الله الحرام، ما أحوج البشرية في هذا العصر وهي تكتوي بلهيب الصراعات الدموية والنزاعات الوحشية، ما أحوجها وهي تلتفت لبيت الله الحرام إلى أن تخلص نفوس أبنائها من الأنانية والبغضاء والكراهية والشحناء، وترتقي إلى أفق الإسلام السامي، فتتعلم الحياة بسلام ووئام، كما أراد الله لعباده المؤمنين، ي?أَيُّهَا ?لَّذِينَ ءامَنُواْ ?دْخُلُواْ فِي ?لسّلْمِ كَافَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُو?تِ ?لشَّيْطَـ?نِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ فَإِن زَلَلْتُمْ مّن بَعْدِ مَا جَاءتْكُمُ ?لْبَيّنَـ?تُ فَ?عْلَمُواْ أَنَّ ?للَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [البقرة:208، 209].

إنه بهذه الصفة وتلك الجموع يقرر الإسلام أنه ليست هناك دواعٍ معقولة تحمل الناس على أن يعيشوا متناكرين، بل إن الدواعي القائمة على الطريق الحق تمهّد للمسلمين مجتمعا متكافلاً، تسوده المحبة، ويمتد به الأمان على ظهر الأرض كلها، والله عز وجل رد أنساب الناس وأجناسهم إلى أبوين اثنين، ليجعل من هذه الرحم ملتقى تتشابك عنده الصلات، وتستوثق العرى، ي?أَيُّهَا ?لنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَـ?كُم مّن ذَكَرٍ وَأُنْثَى? وَجَعَلْنَـ?كُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَـ?رَفُواْ [الحجرات:13]، إنه التعارف لا التنافر، والتعاون لا التخاذل، فالأرض أرض الله، والكل عباد الله، وليس هناك إلا ميزان واحد تتحدد به القيم، ويُعرف به فضل الناس ألا وهو التقوى، إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ?للَّهِ أَتْقَـ?كُمْ [الحجرات:13]، ألا إن الكريم حقاً هو الكريم عند الله، فهو يزنكم عن علم وخبرة، إِنَّ ?للَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ.

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد.

حجاج بيت الله الحرام، بيت الله العتيق ما برِح يطاول الزمان وهو شامخ البنيان، في مناعة من الله وأمان بناه إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام، إعلاناً للتوحيد الخالص، إذ بناؤه مرهون بتوحيد الله حيث قال جل وعلا: وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْر?هِيمَ مَكَانَ ?لْبَيْتِ أَن لاَّ تُشْرِكْ بِى شَيْئاً [الحج:26]، فمن أجل التوحيد بُني بيت الله، لئلا يعبد إلا هو وحده، فقد حطم المصطفى الأصنام من حول الكعبة، وعلى رأسها أعلاها وأعظمها هُبل، وهو يردد: وَقُلْ جَاء ?لْحَقُّ وَزَهَقَ ?لْبَـ?طِلُ إِنَّ ?لْبَـ?طِلَ كَانَ زَهُوقًا [الإسراء:81] [1].

لقد تمثل التوحيد في الحج من خلال التلبية، وفي قراءة سورة الكافرون، وقل هو الله أحد في ركعتي الطواف، وتمثل في خير الدعاء، وهو دعاء يوم عرفة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير.

إذاً فالتوحيد ـ عباد الله ـ هو لباب الرسالات السماوية كلها، وهو عمود الإسلام وشعاره الذي لا ينفك عنه، وهو الحقيقة التي ينبغي أن نغار عليها، ونصونها من كل شائبة، فالتوحيد وسيلة كل نجاح، وشفيع كل فلاح، يُصيِّر الحقير شريفاً، والوضيع غِطريفا، يطوِّل القصير، ويقدم الأخير، ويُعلي النازل، ويُشهر الخامل، وما شُيِّد ملك إلا على دعائمه، ولا زال ملك إلا على طواسمه، ما عزت دولة إلا بانتشاره، ولا زالت وذلت إلا باندثاره.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير