تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حجاج بيت الله الحرام، أخلصوا لله حجكم، واتبعوا سنة نبيكم تفلحوا، واشكروا الله شكراً كثيراً على أن هيأ لكم سبل الراحة، وأداء الحج بيسر وسهولة، مع أمن مبذول، وتنظيم مشكور، ومعنيين بالدعوة والتوجيه، سخرهم الله في بلاد الحرمين خدمةً لحجاج بيته، فالحرمان الشريفان أهل لأن يُخدما، وبلاد الحرمين ـ حرسها الله ـ أهلٌ لأن تكون خادمة للحرمين، فشكر الله الجهود، وبارك في الخطى، وتقبل من الحجاج حجهم، إنه هو السميع العليم.

اللهم أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد.

عباد الله، إن يومكم هذا هو يوم الحج الأكبر، وهو عيد الأضحى والنحر، وإن من أعظم ما يؤدَّى في هذا اليوم هو بقية مناسك الحج، إضافة إلى الأضحية الشرعية، التي ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى الله من إراقة دم، وإن للمضحي بكل شعرة حسنة، وبكل صوفة حسنة، وهي سنة أبينا إبراهيم المؤكدة، ويكره تركها لمن قدر عليها، كما أن ذبحها أفضل من التصدق بثمنها، وتجزئ الشاة عن واحد، والبدنة والبقرة عن سبعة.

ثم اعلموا أن للأضحية شروطا ثلاثة: أولها أن تبلغ السن المعتبر شرعاً، وهو خمس سنين في الإبل، وسنتان في البقر، وسنة كاملة في المعز، وستة أشهر في الضأن، والشرط الثاني أن تكون سالمة من العيوب التي نهى عنها الشارع، وهي أربعة عيوب: العرجاء التي لا تعانق الصحيحة في الممشى، والمريضة البين مرضها، والعوراء البين عورها، والعجفاء وهي الهزيلة التي لا مخ فيها، وكلما كانت أكمل في ذاتها وصفاتها فهي أفضل، والشرط الثالث أن تقع الأضحية في الوقت المحدد، وهو الفراغ من صلاة العيد وينتهي بغروب الشمس من اليوم الثالث بعد العيد، فصارت الأيام أربعة.

ومن كان منكم يحسن الذبح فليذبحها بنفسه، ومن لا يحسنه فليوكل غيره ممن يحسنه، وليرفق الجميع بالبهيمة، وليرح أحدكم ذبيحته، وليحد شفرته، فإن الله كتب الإحسان على كل شيء، حتى في ذبح البهيمة، ثم ليسمّ أحدكم عند ذبحها ويقول: بسم الله والله أكبر، اللهم هذا منك ولك، اللهم هذه عن فلان أو فلانة، ويسمي صاحبها.

ثم اعلموا ـ أيها المسلمون ـ أن الله سبحانه وتعالى قد جمع لكم في هذا اليوم عيدين اثنين، وقد ثبت عند أبي داود وابن ماجه وغيرهما أن النبي قال: ((قد اجتمع في يومكم هذا عيدان، فمن شاء أجزأه من الجمعة وإنا مجمعون)) [4]، وقد قال المحققون من أهل العلم: إن من شهد العيد سقطت عنه الجمعة، لكن على الإمام أن يقيم الجمعة ليشهدها من شاء شهودها ومن لم يشهد العيد.

ثم اعلموا ـ يا رعاكم الله ـ أن الله سبحانه لم يشرع لأمة الإسلام في السنة إلا عيدين اثنين، هما عيد الفطر وعيد الأضحى، وبهذا تعلم أن ما يفعله البعض من التقليد الأعمى لأهل الغرب من خلال التشبه بأعيادهم ومناسباتهم وإقامتها في بلاد المسلمين كالذي يسمى: عيد الحب أو عيد الأم أو ما شابه ذلك، فإن هذا من الأعياد المحدثة التي لم يأذن بها الشارع الحكيم، بل حرمها من وجوه متعددة في كتابه وسنة نبيه، ورأس أسباب التحريم هو أنه من الإحداث في الدين، والنبي يقول في الحديث الصحيح: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) [5]، ناهيكم عن كونه تشبها بالمشركين، وقد جاء النهي عن التشبه بهم، بل قال النبي: ((من تشبه بقوم فهو منهم)) [6]، إضافة إلى كونها تسلب استقلالية المسلمين وعزتهم وتمسكهم بدينهم على وجه المسارقة والتدرج، وأمة الإسلام يجب أن تكون متبوعة لا تابعة وقائدة لا منقادة، ورضي الله عن ابن مسعود رضي الله عنه حيث يقول: (أنتم أشبه الأمم ببني إسرائيل سمتا وهديا، تتبعون عملهم حذو القذة بالقذة، غير أني لا أدري أتعبدون العجل أم لا) [7].

وَلِكُلّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لّيَذْكُرُواْ ?سْمَ ?للَّهِ عَلَى? مَا رَزَقَهُمْ مّن بَهِيمَةِ ?لأنْعَـ?مِ فَإِلَـ?هُكُمْ إِلَـ?هٌ و?حِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُواْ وَبَشّرِ ?لْمُخْبِتِينَ [الحج:34].

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير