تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الجار و المجرور متعلق بمحذوف، وهذا المحذوف مختلفُ فيه هل هو فعلُ أم اسم، هل هو عام أم خاص، هل هو مقدم أم مؤخر، والصحيح من هذه الأقوال نقول هو فعلُ خاصُ مؤخر، تقديره في هذا الموضع هنا بسم الله الرحمن الرحيم أؤلف، أؤلف هذا فعل مضارع متأخر وخاص، خاص يعني يختص بالحال التي يبسمل لها المبسمل، لو قلنا عام مثل أبدأ، بسم الله الرحمن الرحيم أبدأ، أبدأ ماذا؟ هذا هو العام، إذا سمى الحدث الذي يريد أن يبسمل له فنقول هذا خاص، أما إذا أطلق ولم يعين مثل أبدأ وابتدائي أو نبدأ فنقول إنه عام، إذن الصحيح أنه فعل، لماذا هو فعل؟ نقول أولاً: لأن الأصل في العمل يكون للأفعال، وسيأتي إن شاء الله لماذا كان الأصل في العمل للأفعال، ثانياً: قد ورد التصريح به في الكتاب والسنة فعل.

(اقرأ باسم ربك الذي خلق)، باسم هذا جار ومجرو متعلق بقوله اقرأ واقرأ هذا فعل وليس باسم، و جاء في السنة (باسمك ربي وضعت جنبي) .. وضعت هذا فعل ومتعلق به قوله باسمك الذي هو جار ومجرور، خاص لأن كل من بسمل لابد وأن ينوي في نفسه ما جعل البسملة مبدأً له، لا يمكن أن يأتي الإنسان يقول بسم الله ويشرب وينوي أنه يأكل .. لا يمكن هذا، إذن لابد أنه قد أضمر في نفسه ما جعل البسملة مبدأً له، مؤخراً لفائدتين، الأولى: الاهتمام ببسم الله، الثانية: إفادة الحصر المسمى بالقصر عند البيانيين.

الباء هنا نقول إنها أصلية على الصحيح، يعني لابد لها من متعلق والمتعلق ما سبق، أما من جهة المعنى فنقول هي: إما للاستعانة أو للمصاحبة على وجه التبرك، يعني معنى الباء هنا إما بمعنى أستعين يعني تفسر بالاستعانة أو بالمصاحبة على وجه التبرك يعني أصاحب اسم الله متبركاً به، والتبرك هو التيمن وطلب الفوز.

اسم الله: هذا مشتق من (السمو) عند البصريين ومن (وسم) عند الكوفيين، ومعنى السمو: العلو، أصله سِموٌ أو سُموٌ بكسر السين أو ضمها، فِعلٌ أو فُعلٌ، حذفت الواو يعني اللام اعتباطاً يعني لغير علة تصريفية وجيء بهمزة الوصل عوضاً عنها في أول الكلمة بعد سلب حركة السين، صارت (اسم) وزنه عند البصريين (افعٌ)، أما عند الكوفيين قلنا من (وسم) حذفت الفاء اعتباطاً وجيء بهمزة الوصل عوضاً عنها وسكنت السين فصار (اسم) وزنه عند الكوفيين (اعلٌ)، إذن وزن اسم (افعٌ) على قول البصريين، (اعلٌ) على قول الكوفيين.

اسم مضاف ولفظ الجلالة مضاف إليه، ولفظ الجلالة الصحيح أنه مشتق وأصله الإله، حذفت الهمزة تخفيفاً وأُدغمت اللام في اللام، لأن اللام الأولى ساكنة والثانية متحركة، اجتمع مثلان وسكن الأول فوجب الإدغام ثم فُخمت اللام تعظيماً بعد الضم وبعد الفتح، قال ابن الجزري:

وفخّم اللام من اسم الله ... عن فتحٍ او ضمٍ كعبدُ الله

يعني تقول هذا عبدُ الله تفخم اللام تعظيماً، ورأيت عبدَ الله بعد الفتح أيضاً تفخمها، ومررت بعبدِ الله ترقيقاً، وهذا قول الجمهور وبعضهم يرى الترقيق مطلقاً وبعضهم يرى التفخيم مطلقاً ولكن الصواب الأول.

اضافة اسم إلى لفظ الجلالة من اضافة الاسم إلى المسمى، لأن المراد معنى اسم الجلالة وليس المقصود أن يضاف إلى نفس لفظ الجلالة، فيكون لفظ اسم نكرة على هذا التعبير، والنكرة إذا أضيفت إلى معرفة عند الأصوليين: من صيغ العموم يعني تعم، وإن تعدوا نعمة الله، نعمة هذا واحد مفرد مضاف إلى لفظ الجلالة، هل المراد نعمة واحدة؟ لا يمكن، لم؟ لأن الواحدة لا تعد، إذن المعنى وإن تعدوا نعم الله، من أين أخذنا نعم الله، نقول نعمة هذا نكرة أضيف إلى لفظ الجلالة فاكتسب التعريف وأيضاً اكتسب الشمول وهو العموم، اسم نكرة أضيف إلى لفظ الجلالة فعم، إذن يكون المعنى: استعين بكل اسم هو لله، سمى به نفسه او أنزله في كتابه او علمه أحداً من خلقه او استأثر به في علم الغيب عنده، إذن يستشعر هذا المعنى، ولو لم يكن في دراسة البسملة إلا هذا المعنى لكفى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير