واصطلاحاً يعني عند النحاة: (ما أفاد فائدةً يَحسن السكوت عليها بحيث لا يصير السامعُ منتظراً لشيء آخرَ انتظاراً تاماً).
(ما): يعني لفظٌ.
(أفاد فائدة يحسن السكوت عليها): ممن؟ قيل من السامع وقيل من المتكلم وقيل منهما، والمشهور أنه من المتكلم، لماذا؟ لأن الكلام صفة المتكلم والسكوت صفة له، كما أن الكلام صفةٌ له كذلك السكوت صفةٌ له، هذا هو المشهور.
والسكوت هو: (ترك الكلام مع القدرة عليه)، فإن لم يكن بقدرة فهو أخرس.
(المفيد): هذا قلنا أخرج خمسة أنواع من المركبات فاستقر على المركب الاسنادي والإفادة إنما تحصُلُ بالإسناد، والإسناد كما قلنا يقتضي مسنداً ومسنداً إليه.
(بالوضع): الجار والمجرور متعلقٌ بالمفيدِ لأنه اسمُ فاعلٍ.
(الوضع): هذا مصدرٌ، وَضَعَ يَضَعُ وَضعاً.
والوَضعُ لُغَةً: (يأتي بمعنى الولادةِ ويأتي بمعنى الإسقاطِ والحَطِّ)، وضعت المرأة إذا ولدت، وأسقطتُ أو وضعت الدَّينَ بمعنى حططته و أسقطته.
الوضع في الاصطلاح: هنا اختلفوا في تفسيره (بالوضع) هل المقصود به (الوضع العربي أو القصد)؟ قيل وقيل، يعني بعض النحاة فسر بالوضع في هذا الحد بأنه (الوضع العربي)، فيكون على هذا أخرج وأدخل، أخرج غير العربي، كلام البربر والترك و إلى آخره، كل كلام ليس بعربي أخرجه بقوله بالوضع، وأدخل كلام النائم والساهي والمجنون ومن جرى على لسانه ما لا يقصده، هذا إن فسرنا الوضع بالعربي.
وإن فسَّرناه بالقصدِ، وضابط القصد أو حد القصد (إرادة المتكلم إفادة السامع)، يعني يأتي بالمسند الجملة الفعلية والجملة الاسمية قاصداً بها إفادةَ السامعِ، فإن أتى بها لا بقصد الإفادة: هذا هو المحترز، إذن القصد هو: إرادة المتكلم إفادة السامع، فإذا فسرنا الوضع بالقصد هنا نقول أخرجَ وأدخل، أخرج كلام النائم والساهي والمجنون ومن جرى على لسانه ما لا يقصده، هذا لا يسمى كلاماً عندهم، وأدخل كلام البربر والترك والإفرنج إلى آخره، والأصح من القولين أن يفسر (بالوضع العربي)، لأنه ليس بشرط أن يكون الكلام مقصوداً، وعليه فيكون كلام النائم والساهي والمجنون هذا يعتبر كلاماً في لغة العرب وان لم يقصد، هذا هو الحد.
لكن (الوضع وضعان): 1 ـ وضع شخصي، و 2 ـ وضع نوعي.
المراد هنا بالوضع يعني (الوضع النوعي)، لأن الكلام مركب والوضع الشخصي هذا متعلق بالمفردات يعني أن يعيِّنَ الواضعُ، ومن هو الواضع؟ فيه خلاف، الجمهور على أنَّه الربُّ جل وعلا
واللغةُ الربُ لها قد وضعا ... وعزوها للاصطلاحِ سُمعا
(وعلّم آدم الأسماء كلها)، أكثر أهل العلم على هذا
توقيفٌ اللغاتُ عند الأكثرِ ... ومنهم ابنُ فوركٍ والأشعري
وباصطلاحٍ قال ذو اعتزالِ ... .........................
المعتزلة على أنها اصطلاح. طيب. الوضع الشخصي هذا متعلَّقهُ المفرداتُ، الكلماتُ دون تركيبٍ، الكلمة إما اسم وإما فعل وإما حرف، الاسم: زيد وعمرو وبيت ومسجد إلى آخره، هذه المفردات وَضعُها لمعانيها، وضع كلمة بيت للمدلول الخاص، هذا وضع، هذا المعنى مثلا هذا مسجد، المعنى الذي تراه تشاهده، قد يكون ذاتاً وقد يكون معنى ضد الذات، فوضع كلمة مسجد على هذا المدلول هذا وضع شخصي، كلمة قرء وضعها للحيض والطهر هذا وضع شخصي، يعني يتعلق بألفاظ معينة لمعانٍ معينة، لفظ معين لمعنىً معين، (مِن) توضع للابتداء، (إلى) للانتهاء، (قام) وُضعت للدلالة على وقوع الحدث في الزمن الماضي، (يقوم) وضعت للدلالة على وقوع الحدث وهو القيام في الزمن الحال، (قم) وضعت للدلالة على طلب الحدث في الزمن المستقبل، هذا لا خلاف بين النُّحاة أنه لا بدَّ مِن وضعه، يعني الكلمات المسموعة أسماءً وأفعالاً وحروفاً موضوعة بالوضع الشخصي لا نزاع فيه، وإنما الخلاف في الكلام والصحيح أن وضعَه وضعٌ نوعيٌّ، يعني العربُ أو الواضع أصلا وضع القوانين الكلية التي ندرسها في فنِّ النحو، القوانين الكلية، قواعد عامة نسير عليها في إسناد كلمة إلى أخرى، فمثلاً الشارع أو الواضع تكلم بـ (قام زيد)، إذا أردت أن تخبر أو تحكم على زيد بكونه وقع منه الحدث في الزمن الماضي، فيؤتى به بهذه الصيغة، فعل ماض ولا يخرج عن وزن فَعَل فَعِل فَعُل، ويؤتى بعده مباشرة بالاسم الظاهر الذي هو
¥