ـ آه! حتى أنت قد صدقت هذه الأكذوبة كسائر الناس .. مارسدن جونز لم يحقق مغازي الواقدي ولا بذل فيه إلا أضعف الجهد .. وهذا هو السبب في أني رفضت مقابلته. فقد حدث يوماً أن جاءني رجل مصري غلبان اسمه عبدالفتاح الحلو، وأخبرني أنه هو الذي حقق كتاب المغازي من أوله إلى آخره بناءً على تكليف من مارسدن جونز، ومقابل بضعة جنيهات كان في حاجة ماسة إليها، ولم يظهر اسمه على الغلاف لا باعتباره محققاً ولا حتى باعتباره مشتركاً في التحقيق، واكتفى جونز بالإشارة إليه في المقدمة باعتباره أحد الذين قدّموا له العون أثناء تحقيقه للكتاب!! هذا مجرد مثل لأخلاقيات هؤلاء المستشرقين الذين تغنَّى والدك بفضلهم!.
ـ وما الذي مال بك إلى تصديق زعم عبدالفتاح الحلو دون تصديق زعم مارسدن جونز أنه محقق الكتاب؟.
قال شاكر في ضيق وهو يتململ في كرسيه مؤذناً بانتهاء الجلسة:
ـ الذي مال بي إلى تصديق زعم الحلو يا سيد حسين هو معرفتي بأخلاقيات المستشرقين .. بالمر، جيب، ماسينيون، مرجوليث، شاخت، كلهم خنازير استعماريون. وإني لأرد على كل عربي يتحدث عن فضل هؤلاء سواء في تعليمنا المنهج العلمي في تحقيق التراث أو في كتابة التاريخ أو غير ذلك، بأن المسلمين هم الذين خرجوا على الدنيا في عصرهم الذهبي بالمنهج العلمي في التأليف، وهم الذي ابتدعوا وضع الفهارس للكتب لا الغربيون كما يزعمون .. لقد وضعتُ بنفسي فهارس كتاب المقريزي " إمتاع الأسماع" الذي حقّقتُه، فوصلتني رسالة من مستشرق فرنسي شهير يُبدي فيها انبهاره بروعة هذه الفهارس، ويقول: إنه ليس بوسع أي غربي أن يأتي بمثلها ...
المسألة إذن ليست مسألة فضل، وإنما هي تتعلق بخيبة المسلمين المحدَثين حيال تراثهم .. كل الأمور معنا تسير من سيء إلى أسوأ، في الثقافة، والسياسة، والاقتصاد، والأخلاق، أو ما شئت. والله سبحانه وتعالى إنما يعاقبنا على ما نرتكب وما نُهمل، وهو على كل شيء قدير ".انتهى.
تعليق
1 - رحم الله الأستاذ محمود شاكر عن هذه الصراحة والنصيحة، وكنتُ أتمنى أنه كتب كتابًا مفصلا عن هذه الشخصيات وجنايتها على الإسلام؛ كما فعل مع طه حسين.
2 - سألتُ الدكتور المحقق عبدالرحمن العثيمين - حفظه الله - عن رأي محمود شاكر في الأفغاني وعبده، فقال لي: " صدق، فقد كانا كما قال ".
3 - أخبرني الأستاذ خالد الغليقة أنه سأل الشيخ علي الطنطاوي - رحمه الله - عن العقاد، فقال: " كتاباته إسلامية، وهو ليس بإسلامي ".
4 - ذكر أنيس منصور تلميذ العقاد في كتابه " كانت لنا أيام في صالون العقاد " عنه كلامًا شبيهًا بما ذكر محمود شاكر.
5 - الأستاذ أنور الجندي رحمه الله ممن يُحسن الظن بالأفغاني وعبده، ويضع اللوم على تلاميذهما الذين انحرفوا عن نهجهما " سعد زغلول - قاسم أمين - لطفي السيد .. ". وليته - رحمه الله - واجه الحقيقة المرة الصعبة، فإن البلاء " منهما ". ولازال بعض الفضلاء على نهج الجندي، والأمر يحتاج لشجاعة
ـ[شتا العربي]ــــــــ[10 - 01 - 10, 02:00 م]ـ
هذا مقال مفيد في معرفة بعض جوانب الحقبة الزمنية السابقة
العلامة محمود شاكر"2"
يسوسون الأمور بغير عقل فينفذ أمرهم ويقال ساسة
فأفًّ من الحياة وأُفُّ منِّي ومن زمن رئاسته خساسة
جيل يساق إلى المجزرة وهو فرح بها نشوان.
http://www.mohamadabbas.net/Ma2al/3lama02.htm
ـ[شتا العربي]ــــــــ[10 - 01 - 10, 02:22 م]ـ
المعركة بين القديم والجديد في الأدب العربي
التاريخ: الأثنين 01 مايو 2006
الموضوع: قراءات/ كتاب في مقال
الرافعي والعقاد نموذجا
على السفود: قراءة جديدة في معركة قديمة
بقلم: أنور إبراهيم
يمكن القول بأنَّ النصفَ الأول من القرن العشرين كان يتميز بنشاطٍ ثقافيٍّ وتفاعلٍ وحركةٍ على صعيد الأفكار لم تتوفر في النصفِ الثاني من هذا القرن، فقد شهدت عشرينات وثلاثينيات وأربعينيات هذا القرن أهمَّ المعارك الفكرية والثقافية، وكان نجومها: مصطفى صادق الرافعي، وطه حسين، وعباس محمود العقاد، وزكي مبارك، ومحمود شاكر، وسيد قطب، وبينما كان عددٌ من الأسماءِ السابقة يُدافع عن أصالةِ الثقافة العربية الإسلامية وينتصر للإسلام الذي يُشكِّل هويةَ الأمةِ كان هناك آخرون انبهروا بالأفكارِ الوافدة، وذابوا فيها، وجعلوا من أنفسهم أبواقًا لها، كما حدث في معركة الشعر الجاهلي
¥