تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ابْغِنِي دَوَاءً لِلْبَاهِ.

فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، بَدَنَكَ فَلاَ تَهُدَّه، لاَ سِيَّمَا إِذَا تَكَّلفَ الرَّجُلُ الجِمَاعَ.

فَقَالَ: لاَ بُدَّ مِنْهُ، وَإِذَا بَيْنَ فَخِذَيْهِ مَعَ ذَلِكَ وَصِيْفَةً.

فَقَالَ: مَنْ يَصبِرُ عَنْ مِثْلِ هَذِهِ؟

قَالَ: فَعَلَيْكَ بِلَحْمِ السَّبُعِ، يُوخَذُ رِطلٌ، فَيُغلَى سَبْعَ غليَاتٍ بِخَلِّ خَمْرٍ عَتِيقٍ، فَإذَا جلَسْتَ عَلَى شُربِك، فَخُذْ مِنْهُ زِنَةَ ثَلاَثَةِ دَرَاهِمَ، فَإِنَّك تَجدُ بُغْيَتَكَ.

فَلَهَا أَيَّاماً، وَقَالَ: عَلِيَّ بِلحمِ سَبُعٍ السَّاعَةَ.

فَأُخْرجَ لَهُ سَبُعٌ، فذُبحَ وَاسْتعمَلَه.

قَالَ: فَسُقِي بَطنُه، فَجُمعَ لَهُ الأَطبَّاءُ، فَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لاَ دوَاءَ لَهُ إِلاَّ أَنْ يُسجَرَ لَهُ تنُّورٌ بِحطبِ الزَّيتُوْنِ، حَتَّى يَمتلئَ جَمراً، ثُمَّ يَكسحُ مَا فِيْهِ، وَيُحشَى بِالرُّطبَةِ، وَيَقَعدَ فِيْهِ ثَلاَثَ سَاعَاتٍ، فَإِنْ طَلبَ مَاءً لَمْ يُسقَ، ثُمَّ يَخرجُ فَإِنَّه يَجِدُ وَجَعاً شَدِيْداً، وَلاَ يُعَادُ إِلَى التَّنُّورَ إِلَى بَعْدَ سَاعَتَيْنِ، فَإِنَّهُ يَجرِي ذَلِكَ المَاءُ، وَيَخرجُ مِنْ مَخَارجِ البَولِ.

وَإِن هُوَ سُقِيَ أَوْ رُدَّ إِلَى التَّنُّورِ، تَلِفَ.

قَالَ: فَسُجِرَ لَهُ تَنُّورٌ، ثُمَّ أُخرجَ الجَمْرُ، وَجُعِلَ عَلَى ظَهرِ التَّنُّورِ، ثُمَّ حُشِيَ بِالرطبَةِ.

فَعُرِّيَ الوَاثِقُ، وَأُجلسَ فِيْهِ، فَصَاحَ، وَقَالَ: أَحرقتُمُونِي، اسقُونِي مَاءً.

فَمُنِعَ، فَتَنَفَّطَ بَدَنُه كُلُّه، وَصَارَ نُفَاخَاتٍ كَالبطِّيخِ، ثُمَّ أُخرِجَ وَقَدْ كَادَ أَنْ يَحترقَ، فَأَجْلَسَه الأطبَّاءُ.

فَلَمَّا شَمَّ الهَوَاءَ، اشتدَّ بِهِ الأَلَمُ، فَأَقبلَ يَصيحُ وَيَخُورُ كَالثَّورِ، وَيَقُوْلُ:

رُدُّونِي إِلَى التَّنُّورِ، وَاجْتَمَعَ نِسَاؤُه وَخوَاصُّه، وَرَدُّوهُ إِلَى التَّنُّورِ، وَرَجَوُا الفَرَجَ.

فَلَمَّا حَمِيَ، سَكَنَ صِيَاحُه، وَتَفَطَّرتْ تِلْكَ النُّفَاخَاتِ، وَأُخرِجَ وَقَدِ احْتَرَقَ وَاسودَّ، وَقضَى بَعْدَ سَاعَةٍ.

قُلْتُ: رَاويهَا لاَ أَعْرِفُه. (11/ 295)

وَعَنْ جَرِيْر بنِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي دُوَادَ، قَالَ: قَالَ أَبِي:

مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَشَدَّ قَلْباً مِنْ هَذَا -يَعْنِي: أَحْمَدَ- جَعَلنَا نُكلِّمُهُ، جَعَلَ الخَلِيْفَةُ يُكَلِّمهُ، يُسَمِّيْهِ مَرَّةً وَيَكْنِيْهِ مرَّةً، وَهُوَ يَقُوْلُ:

يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، أَوجِدْنِي شَيْئاً مِنْ كِتَابِ اللهِ أَوْ سُنَّةِ رَسُوْلِه حَتَّى أُجيبَكَ إِلَيْهِ.

أَبُو يَعْقُوْبَ القَرَّابُ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الصَّرَّامُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي الحَسَنُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الجَرَوِيُّ، قَالَ:

دَخَلت أَنَا وَالحَارِثُ بنُ مِسْكِيْنٍ عَلَى أَحْمَدَ حِدثَانَ ضَرْبِهِ، فَقَالَ لَنَا: ضُربتُ فَسقطتُ وَسَمِعْتُ ذَاكَ -يَعْنِي: ابْنَ أَبِي دُوَادَ- يَقُوْلُ:

يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، هُوَ وَاللهِ ضَالٌّ مُضِلٌّ.

فَقَالَ لَهُ الحَارِثُ: أَخْبَرَنِي يُوْسُفُ بنُ عُمَرَ، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّ الزُّهْرِيَّ سُعِي بِهِ حَتَّى ضُرِبَ بِالسِّيَاطِ.

وَقِيْلَ: عُلِّقتْ كُتُبه فِي عُنُقِهِ.

ثُمَّ قَالَ مَالِكٌ: وَقَدْ ضُربَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّب، وَحُلِقَ رَأْسُه وَلِحيَتُه، وضُرِبَ أَبُو الزِّنَادِ، وضُربَ مُحَمَّدُ بنُ المُنْكَدِرِ، وَأَصْحَابٌ لَهُ فِي حَمَّامٍ بِالسِّيَاطِ.

وَمَا ذكرَ مَالِكٌ نَفْسَه، فَأُعجبَ أَحْمَدُ بِقَولِ الحَارِثِ.

قَالَ مَكِّيُّ بنُ عَبْدَانَ: ضَربَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ مَالِكاً تِسْعِيْنَ سَوطاً سنَةَ 147.

وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي سَمِيْنَةَ، عَنْ شَابَاصَ التَّائِبِ، قَالَ:

لَقَدْ ضُرِبَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ ثَمَانِيْنَ سَوطاً، لَوْ ضَربتَه عَلَى فِيلٍ، لَهَدَّتْهُ. (11/ 296)

البَيْهَقِيُّ: أَخْبَرَنَا الحَاكِمُ، حَدَّثَنَا حَسَّانُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُوْلُ:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير