رَأَيْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ فِي مَسْجِدِ الخَيْفِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ حَيٌّ، وَهُوَ يُفْتِي فَتْوَى وَاسِعَةً، فَسلَّمتُ عَلَيْهِ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ: سَمِعْتُ أَبِي سَنَةَ 237 يَقُوْلُ:
قَدِ اسْتخرتُ اللهَ أَنْ لاَ أُحدِّثَ حَدِيْثاً عَلَى تَمَامِهِ أَبَداً.
ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللهَ يَقُوْلُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالعُقُودِ} [المَائدَةُ: 1]، وَإِنِّي أُعَاهدُ اللهَ أَنْ لاَ أُحدِّثَ بِحَدِيْثٍ عَلَى تَمَامِهِ أَبَداً.
ثُمَّ قَالَ: وَلاَ لَكَ، وَإِنْ كُنْتَ تَشتهِي.
فَقُلْتُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَشْهُرٍ: أَلَيْسَ يُرْوَى عَنْ شَرِيْكٍ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
قَالَ: العَهْدُ يَمِيْنٌ؟
قَالَ: نَعَمْ.
ثُمَّ سَكتَ، فَظننتُ أَنَّهُ سَيُكَفِّرُ، فَلَمَّا كَانَ بَعْد أَيَّامٍ، قُلْتُ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَلَمْ يَنشَطْ لِلْكَفَّارَةِ، ثُمَّ لَمْ أَسْمَعْهُ يُحَدِّثُ بِحَدِيْثٍ عَلَى تَمَامِهِ. (11/ 310)
قَالَ المَرُّوْذِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ فِي العَسْكَرِ يَقُوْلُ لِولَدِهِ:
قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: {أَوْفُوا بِالعُقُودِ} [المَائدَةُ: 1]، أَتدرُوْنَ مَا العُقودُ؟ إِنَّمَا هُوَ العُهُوْدُ، وَإِنِّي أُعَاهدُ اللهَ - جلَّ وَعَزَّ -.
ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ، وَاللهِ، وَاللهِ، وَعَلَيَّ عَهدُ اللهِ وَمِيثَاقُهُ أَنْ لاَ حَدَّثتُ بِحَدِيْثٍ لِقَرِيْبٍ وَلاَ لِبَعيدٍ حَدِيْثاً تَامّاً حَتَّى أَلقَى اللهَ.
ثُمَّ التَفَتَ إِلَى وَلدِهِ، وَقَالَ: وَإِنْ كَانَ هَذَا يَشتهِي مِنْهُ مَا يَشتهِي.
ثُمَّ بَلَغَهُ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الدَّوْلَةِ - وَهُوَ ابْنُ أَكْثَمَ - أَنَّهُ قَالَ: قَدْ أَردتُ أَنْ يَأمرَهُ الخَلِيْفَةُ أَنْ يُكفِّرَ عَنْ يَمِيْنِهِ، وَيُحَدِّثَ.
فَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ لِرَجُلٍ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الكَلاَمِ: لَوْ ضَربتَ ظَهرِي بِالسِّيَاطِ، مَا حَدَّثْتُ.
مِنْ تَوَاضُعِهِ:
الخَلاَّلُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ التِّرْمِذِيُّ قَالَ:
رَأَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَشترِي الخُبْزَ مِنَ السُّوْقِ، وَيَحملُهُ فِي الزَّنْبِيلِ، وَرَأَيْتُهُ يَشترِي البَاقِلاَّءَ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَيَجْعَلُهُ فِي خِرقَةٍ، فَيحمِلُه آخذاً بِيَدِ عَبْدِ اللهِ ابْنِهِ. (11/ 311)
الخَلاَّلُ: أَخْبَرَنَا المَرُّوْذِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ:
أَرَادَ ذَاكَ الَّذِي بِخُرَاسَانَ وَمَاتَ بِالثَّغْرِ أَنْ يُحَدِّثَ هَا هُنَا بِشَيءٍ، وَكَانَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ حَيّاً، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّ يَزِيْدَ حَيٌّ، وَإِنْ قَالَ: لاَ، فَهُوَ لاَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، فَلَمْ يُظهِرْ شَيْئاً حَتَّى مَاتَ يَزِيْدُ.
المَيْمُوْنِيُّ: قَالَ لِي أَبُو عُبَيْدٍ:
يَا أَبَا الحَسَنِ، قَدْ جَالَسْتُ أَبَا يُوْسُفَ وَمُحَمَّداً، وَأحسِبُهُ ذَكَرَ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ، مَا هِبتُ أَحَداً مَا هِبتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ.
مِنْ جِهَادِهِ:
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مَحْمُوْدِ بنِ الفَرَجِ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ يَقُوْلُ:
خَرَجَ أَبِي إِلَى طَرَسُوْسَ، وَرَابَطَ بِهَا، وَغزَا.
ثُمَّ قَالَ أَبِي: رَأَيْتُ العِلْمَ بِهَا يَمُوْتُ.
وَعَنْ أَحْمَدَ، أَنَّه قَالَ لِرَجُلٍ: عَلَيْك بِالثَّغْرِ، عَلَيْك بِقَزْوِيْنَ، وَكَانَتْ ثَغْراً. (11/ 312)
بَابٌ
ابْنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ المُؤْمِنِ بنُ أَحْمَدَ الجُرْجَانِيُّ، سَمِعْتُ عَمَّارَ بنَ رَجَاءَ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ:
طَلبُ إِسْنَادِ العُلُوِّ مِنَ السُّنَّةِ.
الخَلاَّلُ: حَدَّثَنَا المَرُّوْذِيُّ: قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللهِ: قَالَ لِي رَجُلٌ:
مِنْ هُنَا إِلَى بِلاَدِ التُّركِ يَدعُونَ لَكَ، فَكَيْفَ تُؤدِّي شُكرَ مَا أَنعمَ اللهُ عَلَيْكَ، وَمَا بَثَّ لَكَ فِي النَّاسِ؟
فَقَالَ: أَسْأَلُ اللهَ أَنْ لاَ يَجْعَلَنَا مُرَائِينَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ، وَيُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ، قَالاَ:
¥