{ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون} التغابن: 16.
{يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً} النساء: 28.
تنساق ألفاظ الحديث مع مدلول هذه القاعدة ولا تتعارض معها بحال من الأحوال، بل هي أخف بكثير من ضوابط الزكاة عند المسلمين.
3 - من حيث قاعدة رفع الحرج:
تجلى رفع الحرج في القصة حينما انكشف عن كل واحد منهم ما ألم به حتى استقذرهم الناس وذلك لما كانوا أهلا لتكريم الله باليسر ورفع الحرج.
{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج} الحج: 78.
{مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} المائدة: 60.
ولما أضحى الأقرع والأبرص أهلا للعسر أرجعا إلى ما كانا فيه قبل رفع الحرج. فالشرع يريد رفع الحرج عنا وتأبى المخالفات الشرعية إلا الارتكاس والانتكاس والوقوع في المصائب.
4 - من حيث قاعدة التدرج:
انضبطت القصة بضابط سنة التدرج فلم تأت بخيال ولا بما يناقض الواقع، حيث ينتقل كل واحد منهم من حالة إلى أخرى وفق ضوابط عوامل الصراع: أعطي الأعمى شاة حاملا وانتقل بها من فقر إلى غنى واسع، فاقتضى ذلك برهة زمنية حتى تنجب الشاة واديا من الشياه، وأدام الله عليه غناه بإنفاقه. بينما تحول الأقرع والأبرص من فقر إلى غنى واسع ومنه إلى الحالة الأولى: الفقر، كل ذلك عبر مراحل زمنية.
وهكذا تنضبط القصة بضوابط عوامل الصراع حيث تنتقل من النقيض إلى النقيض عبر مراحل زمنية إذا توفرت لها المؤثرات والعوامل المغيرة لواقعها.
5 - من حيث قاعدة التطهير:
وتجلت هذه القاعدة بتطهير الله لهم مما أصابهم من أمراض ظاهرة حتى تستوي لديهم طهارة الحس ظاهرا وباطنا.
واستمر الحال على ذلك حتى رفض الأقرع والأبرص الطهارة الحسية بالإنفاق فجلب البخل قذارة الظاهر، كما جلبت طهارة الباطن طهارة الظاهر قبل ذلك، واستمر فضل الله على الأعمى لما استمرت طهارة باطنه.
{يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم} المائدة: 6.
كما يقصد أيضا الحث على الزكاة والطهارة لكون وقاية الشح فلاحا:
{إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} الأحزاب: 33.
6 - من حيث قاعدة إتمام النعمة:
يتم الله نعمته على صنفين من الناس:
- الذين لا يخشون في الله لومة لائم.
- الشاكرين.
وتنضبط القصة بضابط إتمام النعمة لما كان كل منهم أهلا لذلك:
{نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ} القمر: 35
فلما تنكر الأقرع والأبرص كانا أهلا لزوال النعم لما حل بهما عامل الكفر فانقلبا على عقبهما خاسرين.
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} الأنفال: 53
7 - من حيث قاعدة إحقاق الحق:
قانون الله عدل مطلق لا حيف فيه ولا ظلم، وسننه مضت على نفس السبيل؛ إذ لا تحابي أحدا سواء أكان نبيا رسولا، أو وليا موصولا، أو عبدا جهولا، فكل من خالف سنن الله كان جزاؤها له بالمرصاد.
فما غفر للأقرع والأبرص استكبارهما رغم ما كانا عليه من الاستقامة في السابق. وما جاء العقاب للجميع، بل من استحق شيئا حصل عليه:
{وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُون} آل عمران: 117
8 - من حيث قاعدة قطع دابر الكافرين:
غريب أمر هذا الإنسان، فكل الإنذارات المتتالية، والسنن المتعاقبة، والرسائل اليومية التي يتلقاها لم تكن كافية لتشده عن سبيل الغي والكفر والاستكبار.
{وَإِذَا مَسَّ الْأِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَاداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّار} الزمر: 8 ..
{ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ} الزمر: 49.
{وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب} البقرة: 211 ..
¥