ـ[عصام العويد]ــــــــ[23 Dec 2010, 05:16 ص]ـ
السور الثاني: حفظ الفروج لا يكونإلا بحفظ الجوارح.
(البصر) (السمع) (اللسان) (القلب) (الأيدي) (العورة) (الرِّجل) (الرأس "خُمرهن") (الجَيب "النحر والصدر")
هذه "تسع" جوارح نصّت عليها "النور"،
عجباً من أجل صوت خلخال من رِجْلِ امرأةٍيتكلم الله!! نعم إنها العفة.
العِرض في سورة النور كقلب المدينة الحَصان لن تتسلل إليها الأيدي الخائنة إلا بغدرة خوَّان من داخلها، فإذا غَدرت جارحة ثُلم في جدار العفاف ثُلمة.
وأثر هذه الجوارح على العفة أو ضدها واضح لا يحتاج إلى برهان
ولذا اتفق الأئمة الأربعة على:
تحريم مس يد المرأة الأجنبية الشابة المشتهاة في العادة، بل ذهب المالكية والشافعية إلى تحريم مصافحة العجوز، وينظر فيها الموسوعة الفقهية الكويتية (37/ 359) وغيرها.
وعلى حرمة النظر إليها والخلوة بها لكون ذلك سببا ظاهرا للفساد
وعلى حرمة كشف المرأة لوجهها إذا خيف عليها خوفاً ظاهراً
وكذا تعطرها بما يجد الرجال رائحته منها، أو تغنجها بالكلام أو بالرسائل أو تكسرها بالمشي أو غمزها بالعين ونحو ذلك.
وقد قال الله تعالى في "النور" (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) (21)
وفي الصحيحين "فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ وَيُكَذِّبُهُ"
والذي نحتاجه من "النور" هو النور القلبي الذي يضيء لهذه الجوارح طريقها
أين تمضي؟ وأين تقف؟ فإن المضي دائماً هلاك، والوقوفَ دوماً فناء.
وهنا مسألة أُصولية عظيمة نبهت عليها إشارات "النور" وهي أن:
حِياطة الطُّهر لابد فيها مِن إعمال قاعدتين:"سدّ الذريعة" و "مراعاة الحاجة"
فالأولى تَقي والثانية تُبقي، الأولى تَحُوط والثانية تُنفِّس.
وإهمال إحدى القاعدتين مآله إلى شيوع الفاحشة في الذين آمنوا.
فإهمال الأولى؛ تركٌ لذئاب الشهوة من داخل النفس وخارجها تُمزق العفة تمزيقا،
وإغفال الثانية بزعم الغيرة؛ سيحبس النفوس هُنيهة ثم ترقب متى يتفجر البركان؟
وقاعدة سدّ الذريعة في النور ظاهرة جداً:
- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُواخُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُيَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) 21
- (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوامِنْ أَبْصَارِهِمْ) 30
- (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْأَبْصَارِهِنَّ) 31
- (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَمِنْهَا) 31
- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوابُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا ... ) 27
ولذا اتفق الفقهاء على أن المرأة إذا تميزت بحسنها أوكثر الفساق في مجتمعها من دون رادع عن الطمع فيها؛ فإنه يجب على المرأة أن تستر زينتها سواء كانت في وجهها أو في غيره عند خوف الفتنة الظاهرة عليها.
بل من دقة معالجة السورة لقضايا العفة ونواقضها وتشديده في هذه الأمر أنه سبحانه قال (وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ) فالضمير في قوله (فإنه) عائد على (مَن) الشرطيةكما هو اختيار ابن سيده في إعراب القرآن وأبو حيان وجماعة، وعليه فقد جعلت الآية المتبع لخطوات الشيطان والمنساق وراء دعواته؛ أمراً بالمنكر والفحشاء، لما يتبعذلك من تأثيره في محيطه ومجتمعه، فيكون حال هذا المتبع في المآل كحال الآمر بالمنكر، فجاءت الآية تنبه المجتمع المسلم إلى أمرٍ غايةٍ فيالخطورة وهو أثر سلوك الأفراد في نشر ما يناقض العفة وينشر الفاحشة ودواعيها بين عموم الناس.
¥