تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وجاء التأكيد في تربية الطفل وأهل البيت على آداب الاستئذان وحفظ حرمة البيوت (وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (59)، فينشأ وقد تعود على الستر وعدمرؤية ما يُستحيى منه ويحرك غرائزه فيصبح هذا السلوك القويم ديدنه في شبابه وعمره كله،فالعين إذا تعودت على الستر والفضيلة والابتعاد عن رؤية ما يخدش الحياء والعفة؛ لن ترضى أن ترى خبيثاً بعد ذلك بل وتنفر منه حيثما رأته.

وقاعدة مراعاة الحاجة أيضاً ظاهرة:

- (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ)

- (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ)

وقد غايرت "النور" بين الأبصاروالفروج فالأولى فِعلُها (يَغُضُّوا) والثانية فِعلُها (يَحْفَظُوا)، والإغضاء هو: صرف المرء بصره عن التحديق وتثبيت النظر فهو أغلبي وليس تاماً بخلاف الحفظ.

ثم جيء بـ (مِن) التي للتبعيض مع (الغض) دون (الحفظ).

يقول ابن القيم رحمه الله في روضة المحبين (1/ 92) عن غض البصر: ولما كان تحريمه حريم الوسائل فيباح للمصلحة الراجحة ويحرم إذا خيف منهالفساد ولم يعارضه مصلحة أرجح من تلك المفسدة؛ لم يأمر سبحانه بغضه مطلقا بل أمربالغض منه وأما حفظ الفرج فواجب بكل حال لا يباح إلا بحقه فلذلك عم الأمر بحفظه.

- (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ)

وهنا حرّم الله على النساء إبداء كل زينة وهذا هو الأصل فلا يجوز إظهار الزينة إلا ما استثناه الله وهو (إلا ما ظهرمنها)، واللفظ الذي جاءت به "النور" هو (ظهر منها) ولم يقل هنا سبحانه (إلا ماأظهرته) أو (إلا ثيابها) أو (إلا وجهها وكفيها) بل إلا ما ظهر هو ولم تقصد هي إظهاره قال ابن عطية رحمه الله: ويظهر لي بحكم ألفاظ الآية أن المرأة مأمورة بألاتبدي، وأن تجتهد في الإخفاء لكل ما هو زينة، ووقع الاستثناء فيما يظهر بحكم ضرورة حركة فيما لابد منه، ونحو ذلك، فما ظهر على هذا الوجه مما تؤدي إليه الضرورة في النساء فهو المعفو عنه. اهـ

ولذا جاز ما ظهر ضرورةً كالقوام من وراء الجلباب، وما أظهرته الحاجة كالنقاب للعينين وهو جائز بالنص والاتفاق، وجاز لها ظهور يديها عند الحاجة لذلك كتناول شيء أو فتح باب أو أداء مهنة ونحوها ولم يوجب أحد من الفقهاء القفازين عليها، وجاز ظهور وجهها عند الشهادة والخطبة والبيع والشراء إذا احتاجت لذلك عند كافة الفقهاء.

- ومن آيات مراعاة الحاجة في "النور" عند ضعف الفتنة (وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَعَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (60)

فالمسألة هنا رباعية:

1) إذا قويت الذريعة وضعفت الحاجة:

كفتاة جميلة لا تحتاج إظهار يديها أو وجهها، أو صوتهارخيم رقيق بطبعه ولم تحتج للكلام مع أجنبي عنها. فهنا يُغلب جانب سد الذريعة.

2) قويت الحاجة وضعفت الذريعة:

كامرأة كبيرة لا يُشتهى مثلها عادة تعمل فتحتاج لكشف يديها ووجهها حينا لطبيعة عملها، أو في بلد لا يُنظر لمثلها عادةً، فهاهنا يُغلب جانب مراعاة الحاجة.

3) تقاربتا في الضعف:

وأمثلة هذه تظهر مما سبق، والأصل هنا الستر كما سبق في آية الزينة ويؤيده قوله تعالى في القواعد من النساء (وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ)، فكيف بغيرهن؟!

4) تقاربتا في القوة:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير