تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وهذا الموطن مُشكل، فمثلا إذا كانت حسنة الوجه واحتاجت حاجة قوية لكشفه عند الجوازات لتسافر مع زوجها أو لطبيعة عملها الذي تعول نفسها وأهلها منه، وكانت حصاناً تحفظ نفسها، ونقول هنا بأن الأصل وجوب ستر الزينة ما لميقع الحرج (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) الحج: 78،ولحديث الخثعمية المشهور فإنها مع فتنة الفضل رضي الله عنه بنقابها فلم يأمرها صلى الله عليه وسلم بتغطية عينيها لشدة حاجتها إلى النظر مع ما يحتاج إليه الحج والسفر، وإنما صرف صلى الله عليه وسلم وجه الفضل عنها، وهذا هو أرجح الوجوه في تأويل الحديث، والله أعلم.

ـ مشروعية النكاح:

الجوارح بفطرتها قد جُبلت على حب الشهوة كما في الصحيحين مرفوعاً: "إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنْ الزِّنَا أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ"، ولذلك شرع الله النكاح لتصرف هذه الشهوة في مَحِلها الذي خلقها الله من أجله.

وقد جاء الأمر صريحاً في "النور" بالنكاح (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ) (32)، ولأجل أن أكثر ما يمنع الناس من النكاح خوف الفقر والعَيلة إن تزوج أو زوّج وعدهم الله الغني الواسع بالغنى منه سبحانه (إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)، وقد روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح؛ ينجز لكم ما وعدكم من الغنى (إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله)، وجاء معناه أيضاً عن عمر الفاروق وابن مسعود وابن عباس وغيرهم رضوان الله عليهم أجمعين.

وأما من ضاقت به اليد فلم يجد ما يتزوج به فليطلب العفة ويصابر عليها حتى يأتي الفرج (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) (33)، واللام في (لْيَسْتَعْفِفِ) لام الأمر، و"يستعفف" السين والتاء فيها للطلب، والمعنى ليجتهد في سلوك سبيل العفة، فهو أمر بملازمة أسباب العفاف في مدة انتظارهم، والسين والتاء فيهما معنى المبالغة في الفعل ليؤكد عليه لزوم بذل كل الوسع في تحصيل العفاف.

ومن أعظم أسباب العفاف ما جاء في الحديث المشهور المتفق عليه «يَا معشر الشَّبَاب، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُم الْبَاءَة فليتزوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغضّ لِلْبَصَرِ، وَأحْصن للفَرْج، ومَنْ لم يسْتَطع فَعَلَيهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاء»، والصوم الذي يكون وِجاءً وقاطعاً للشهوة هو الصوم المتتابع شهرين وثلاثة، كأن يصوم يوما ويفطر يوما أو يصوم ثلاثة أيام في الأسبوع ونحو هذا أشهراً عدة، أما الصوم المتباعد أو صيام شهر واحد كرمضان فالعادة أنه لا يضعف الشهوة كثيراً كما هو مجرب من أحوال الشباب، وعموماً هذا يختلف من شاب لآخر لكن ما سبق هو الغالب من أحوالهم، ويدل عليه قوله في الحديث (فعليه) فإنها بمعنى فليلزم الصوم، قال في الفتح (6/ 146): "واستشكل بأن الصوم يزيد في تهييج الحرارة وذلك مما يثير الشهوة، لكن ذلك إنما يقع في مبدأ الأمر فإذا تمادى عليه واعتاده سكن ذلك". ا هـ

ـ[عصام العويد]ــــــــ[23 Dec 2010, 06:27 ص]ـ

السور الثالث: أسلوب الإقناع بتعليل الأحكام

من الأمور المؤثرة في حفظ الأعراض وتثبيت غرس الفضيلة في نفوس الفتيان والفتيات قناعتهم العقلية الراسخة بفضل العفة وشرفها ودناءة الفاحشة وخساستها، فحين النقاش بينهم وبين منتكسي الفطرة يعلو منطقهم وتغلب حجتهم، وتكون مواقفهم قويةً مدعومةً بدليل العقل الذي يُذعن له كل عاقل.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير