تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

من الصعب جدا أن نشتق من هذه الأحرف كلمات منحوتات يقبلها النظام الصرفي في اللغة العربية. ولهذا ترغب الصحافة العربية عن استعمال هذه الصور المفترضة من النحت، وتتجه إلى استعمال الأصل اللغوي كاملا. وفي أسوإ الأحوال تعْدل الصحافة العربية عن الأصل اللغوي العربي لتستعمل المنحوت الإنجليزي من غير مسوغ، نحو ما ورد بشكل مطرد في مجلة التنمية والبيئة حيث نجد: يمكن استخدام GIS (Geographic Information System) في عملية وضع السياسات البيئية (13). ولهذا يجد الحكم السابق نسبة معينة من الصواب، حينما ذهب إلى أن اللغة العربية لا تقبل النحت.

ومع ذلك يحتاج الأمر إلى تفسير ملائم، ولاسيما أن كلمة حماس منحوتة من حركة المقاومة الإسلامية، وهي من الاستعمالات اللغوية في الصحافة العربية، كما أن كلمة باسم منحوتة من البنك الآلي للمصطلحات السعودي (14)، وهي من الاستعمالات اللغوية في البحث العلمي، فضلا عن الأمثلة السابقة التي ذكرها إميل بديع يعقوب. ما هي يا ترى الأسباب التي تعوق شيوع النحت وتداوله للاستفادة من وظيفته؟ أهي أسباب اجتماعية اقتصادية أم هي أسباب تعود إلى بنية اللغة العربية؟

قد يقال إن الأسباب ـ وإن اختلفت ـ تعود إلى سبب رئيس، وهو الذي يرتبط باقتصاديات الدول العربية التابعة لاقتصاديات الدول الكبرى؛ إذ من المعروف أن اللغة الإنجليزية لم تصل إلى ما وصلت إليه من انتشار واسع بين أوساط عدد كبير من المجتمعات البشرية إلا بفضل تطور الاقتصاد الأمريكي. ولشيوع هذه اللغة ولاستعمالها المطرد كان لابد أن تعمل على تطوير أدواتها وآلياتها وقواعدها بطريقة علمية تساعد على ترسيخ هذا الشيوع والانتشار.

نحن لا نخالف هذا الرأي، بيد أن السبب الرئيس يعود، فيما يبدو لنا، إلى نظام الأصوات العربية، وبشكل خاص إلى التلفظ بالأبجدية العربية.

إذا تأملنا بنية المنحوتات في اللغات الغربية تبين لنا أن التلفظ بها ينبني على مبدإ التلفظ بالحروف الأبجدية. والمراد بذلك أن التلفظ بالصوامت Consonnes يتحقق بالصوائت voyelles في الوقت نفسه. وبعض الأمثلة التالية تؤكد ذلك (15):

B

?

/bi:/

تتكون من

cv

C

/si:/

-------

cv

D

/di:/

-------

cv

F

/ef/

-------

vc

S

/es/

-------

vc

X

/eks/

-------

vcc

H

/e?t?/

-------

vcc

R

/er/

-------

vc

Q

/kju:/

-------

ccv

K

/ke?/

-------

cv

لهذا حينما يجتبي النحت حرفا من كل كلمة فإن التوزيع الداخلي المتكافئ للصوائت في اللغة الغربية يساعد على التأليف بينها، فإذا أخذنا مثلا: هذه المتوالية من الحروف NATO I.M.F F.B.I C.I.A فإن التلفظ بها من الناحية الصوتية يكون ميسرا وخاليا من كلّ تعقيد. وتتأصل مثل هذه المتواليات في نظامها الصوتي بكثرة التداول والاستعمال فتصبح في النهاية وكأنها كلمات استقلت بمعناها، في حين لا يعدو أن يكون الأمر نحتا من نوع خاص. والظاهر أن شدة التآلف والتلاحم بين حروف الكلمات أسقطت الكثيرُ من المعاجم نقط الفصل بين الكثير من المنحوتات كما هي الحال في NATO , UNICEF وغيرها من الكلمات؛ الشيء الذي يثبت أن التوزيع المتوازن بين الصوامت والصوائت له دور فعال في إنتاج النحت ونجاح شيوعه أو عدمه.

ويبدو أن الأمر بهذه الصورة لا يستقيم في اللغة العربية، لأن التلفظ بالأبجدية العربية لا يتحقق بعدد قليل من الصوائت والصوامت كما هي الحال في اللغة الفرنسية أو الإنجليزية، بل يقتضي تحقيقُ ذلك التلفظ بكل المكونات الصوتية لعناصر الأبجدية. لنفحص ذلك ببعض الأمثلة:

ا ألف ? /? alif/ تتكون من cvcvc

ب باء / baa?/ ----- cvvc

ث ثاء /? aa?/ ----- cvvc

ح حاء /? aa?/ ----- cvvc

ق قاف / qaaf/ ----- cvvc

س سين / siin/ ----- cvvc

ل لام / laam/ ----- cvvc

ع عين /? ajn/ ----- cvcc

و واو / waaw/ ------ cvvc

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير