ففي فعل التذكير "يكون" و المؤنث "حجة" تنافر حسب القواعد اللغوية و يذهب هؤلاء كالعادة إلى تقدير المحذوفات في النص القرءاني ليتلاءم مع ما أرسوه من قواعد.
" قال قآئل منهم لا تقتلوا يوسف و ألقوه في غيابات الجبّ يلتقطه بعض السيارة إن كنتمـ فاعلين"
يوسف:10
"يلتقطه" للتذكير و "السيارة" للتأنيث حسب قواعد اللغويين و هم يتذرعون أنّ التاء المربوطة تستعمل في جمع التكسير لتدل على جمع القلّة و هم بهذا قضوا على علمانية القاعدة و كان يجب أن تُصاغ القاعدة بالشكل التالي:
"ورود التاء المربوطة في أخر لفظ لا يعني بحال أن اللفظ مؤنث"
و بطبيعة الحال فإن من يصيغ القواعد لا يمكنه وضع قاعدة بهذا الشكل إن كان يأمل أن يُقرأ ما يكتبه.
و لمّا كانت التاء المربوطة في أخر لفظ لا تدل أساسا على التأنيث كان من المفروض أن يتمهل الناس في هذه الأية ولا يجعلوا النسوة جمع إناث:
"و قال نسوة في المدينة امرأت العزيز تراود فتاها عن نفسه!! قد شغفها حبّا، إنّا لنراها في ظلال مبين"
يوسف:30
فإعتبار المفسرين للنساء على أنّه جمع أنثى أدّى إلى إعتبار النسوة إناثا بطبيعة الحال و الأية في الحقيقة لا تتحدث عن جمع إناثي قليل العدد (جمع قلّة) بل عن تجمع يشبه بتعبيرنا الحزب سياسي الضعيف مقارنة بالعزيز و القوي بتماسك أفراده الدالة عليه تاؤه المربوطة و هذا الحزب يسعى للولادة و الظهور لإهتمامه بقضايا السلطة و هو يحاول التشكيك بأخلاقيات بيت العزيز ليصل بتأثيره إلى مبتغاه. و نلاحظ أنّ تاء امرأت العزيز جاءت مفتوحة للدليل على إقترانها بالعزيز و السكين ليس آلة كما اعتقد المفسرين بل أقرب مشتقاته في القرءان السكن / سكينة ... الدال على هدوء الذات و معاني الإطمئنان للشيء و كأنّ إمرأت العزيز وضعت أعضاء هذا الحزب المتنفذين في مكان هادئ و أعطتهم ما به يسكنون من أكل و شرب و لهو في إنتظار مجيء يوسف، و لما ظهر و جرى معه الحديث و التعرف و الإستئناس المعبر عنه بالقول حدث تقطيع الأيدي و ليس هذا القطع بترا لعضو في الجسم بل هو تقطيع للرابط بين أعضاء هذا الحزب فالقطع في القرءان ليس مرادفا للبتر. و نجد هنا سبل الولوج إلى الأيات من هندستها وحدها دون معرفة تفاصيل الحدث التاريخي في غيره فالأيات تدخلنا للحدث قولا و كأنّنا نعيش الصورة و لن ننهي هذا التعليق دون تقديم وصف القرءان لإمرأت العزيز بـ:
"إنّ كيدكن لعظيم"
لا تُقصد به هذه المرأة لجنسها بل الأية تتحدث عن إتهام العزيز لزوجه بالمشاركة في جريمة الإنقلاب و أنّها تعد شيئا معهم فهي تنتمي لجماعة بدليل نون "كيدكن" و هذا الإتهام هي بريئة منه و لكنّها تريد في نفس الوقت الحفاظ على زوجها و الحفاظ على يوسف الذي أحبته.
و لنعد لموضوع القاعدة أعلاه و نقرأ:
"و النخل باسقات لها طلع نضيد (10
) رزقا للعباد، و أحيينا به بلدة ميتا؛ كذلك الخروج" ق:11
فحسب القواعد بلدة مؤنث و كان يجب أن تأت ميتا بالتاء المربوطة "ميتة"، و نجد تصحيح الخطأ في القرءان حسب الكهنوت اللغوي في البلاغ القرءاني:
"لقد كان لسبأ في مسكنهم ءاية، جنّتان عن يمين و شمال، كلوا من رزق ربّكم و اشكروا له؛ بلدة طيّبة و ربّ غفور" سبأ:25
بطبيعة الحال ستبدأ التعليلات من كل صوب من قائل يرى أنّ ميتا مفعول مطلق حُذفت تاؤه و أخر أنّ بلدة مؤنث مجازي تقديره بلد و لكن لا يذهب الأسلاف أبدا إلى أبعد من هذا في إعتبار الحرف دليلا بعينه بل قد رسخت فيهم قاعدة أنّ الجذر في اللغة ثلاثي و لا يمكن للحرف أن يحمل دليلا و مفهوما و كان يكفي ملاحظة هيروغليفيا الحروف القرءانية ليُبدأ في دراسة مفاهيمها و لكن هيهات.
سنرجأ بحث دلالة التاء الأن لنحاول فقط توضيح جزئية قواعد اللغة و إستحالة علمانيتها و لا يمكن بحال تجاوز البنية لمحاولة فهم النص القرءاني و خطابه، فالإعتماد على قواعد الأسلاف هو ضرب من الشلل الفكري. و لو لاحظنا هذا المثال في لفظ "بلدة" و بحثنا قليلا في النص القرءاني لتبيّن لنا أنّ لفظ "بلد" ورد في القرءان و لنقرأ:
"ربّ اجعل هذا البلد ءامنا"البقرة:126
"لا أقسم بهذا البلد" البلد:1
¥