تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إنّ قاعدة اللغويين في تساوي التذكير و التأنيث في لفظ واحد قاعدة جزئية لا علمانية فيها و لا يمكنها أن تكون من القرءان إذ هم بنوا هذا القول على إعتبار التجنيس معنوي أو مجازي و القرءان لا يعرف لا المجاز و لا المادي و المعنوي، و نسأل إذن لماذا وردت بعض ألفاظ في القرءان معنوية أو مجازية كما يقولون بتجنيس واحد حصرا و من أمثلتها:

اللسان

الجنّة

اليد

العين

... الخ

إستبعاد قواعد اللغويين عن القرءان ضروري لإفتقادها للعلمانية في تتبع ألفاظه و ليس هدف هذا الإستعباد إنتقاص اللسان الجزيري أو ما يسّميه البعض اللسان الشامي و ما يُطلق عليه خطأ "اللسان العربي" فإنشاء قواعد اللغة ضروري للتراكم و التحديث و لكن ينبغي أن نفهم أنّ القرءان هو صاحب اللسان العربي و لغة البشر أيّا كانت أعجمية. فقواعد الأسلاف و قواعدنا ستبقى فاقدة للدّقة و ستبقى تتحايل في إعتبار الشذوذ تأكيدا لقواعدها اللغوية و سنبقى نكرر أنّ "الشاذ يُحفظ و لا يقاس عليه" ذلك أنّ القواعد تنشأ بعد نشوء السماع و بداية الخطاب بين بني الإنسان و ليس قبله، و استمرار ألفاظ السابقين مانع و سد كبير في تأسيس القواعد اللغوية المطرّدة العلمانية إذ الإنسان يسمّي الأشياء و فق آليات متعددة، صوتية و ذوقية و عرفية و لا يمكنها تسمية الأشياء وفق آلية كونية إلاّ إذا حدث التقابل بين لسانه و لبنات الكون الأولية و هذا ما لا و لن يستطيعه. و على سبيل المثال فإن تسمية الفيزيائيين للجزئيات الأولية لا تخضع لآلية واضحة و لا تسمية البيولوجيين لأنواع الأحماض الأمينية و الأنزيمات و غيرها تخضع لقاعدة مطرّدة و إذا حاولنا إنشاء قاعدة لهذه التسميات فإنّنا حتما سنتذرع بالشذوذ في بعضها لتثبيث القاعدة. هكذا يظهر أنّ غياب البنية في لغة البشر سببه الأساس هو غياب الإحاطة في معرفة الكون و سيبقى هذا العجز متواصلا و لذلك فقول القرءان بإستحالة الإتيان بمثل القرءان هو في هذا الطريق.

4 ـ الأوصاف الخاصة بالمؤنث لا تلحقها التاء إلاّ سماعا:

فلفظ الثيب في القرءان اعتبر مؤنثا و هو و إن لم يحمل تاء التأنيث فإلحاقه بوصف المرأة الطالق جعله مؤنثا معنويا كما يقولون و أضافوا للقاعدة عبارة "إلاّ سماعا" ليتحايلوا على القاعدة كشأن كل علم يفتقد معرفة موضوعه، فموضوع علم اللغة كان حرّيا به أن يفصل فصلا تاما بين دراسة التوراة و القرءان من جهة كتنزيل للكتاب على الأقل كفرضية و بين دراسة لغة البشر في بنيتها و قواعدها و حدث أن جعل الناس كلامهم ككلام السماء فتشابه البقر عليهم في البحث.

و هذه الإستثناءات في القواعد من باب "إلاّ سماعا" تهدم القواعد التي أسّسوها و لا نجد سبب مثلا في ورود لفظ "مرضعة" في القرءان بدل مرضع بتطبيق هذه القواعد و لا نرى سبب إيراد التاء المربوطة فيه و لو أنّ لفظ "مرضعة" في القرءان أتى من غير التاء المربوطة لوجدوا له تفسيرا و تبريرا و قاعدة. فالإشكال في التعامل مع النص القرءاني هو تحديد السبب اليقيني لمجيء اللفظ بصيغته تحديدا و لماذا لم يأت بصيغة ثانية و هذا هو مفهوم الإحكام القرءاني و ما دمنا نجد التبريرات في كل مرّة فإنّ قولنا لا يعدو الظنّ البعيد.

و لمّأ نقرأ هذا البلاغ:

"و لا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها و ادعوه خوفا و طمعا؛ إنّ رحمت الله قريب من المحسنين"

الأعراف: 56

نقف و كأنّ في لفظ "قريب" خطأ مطبعي أو لعل النساخ الأولون لم ينتبهوا و أسقطوا التاء المربوطة و أنا أجزم أنّ لو وُضعت التاء المربوطة لما احتجّ أحد و أقول صادقا أنّنا ما دمنا ندرس القرءان بقواعد الأسلاف اللغوية فنحن نعيش في عصرهم و إن امتلكنا الأقمار الصناعية و فجّرنا الذّرة. وعندما نقرأ تبريرات الأسلاف لهذا "الخطأ" المطبعي تنتابنا الحيرة و نقول هل حقّا هؤلاء مصدّقين بأنّ القرءان كلام الله وهل صدقا يتعاملون معه على هذا الأساس أم أنّهم مجرد موّظفين ينتظرون الراتب فيواظبوا على تبرير أخطاء من يدفع لهم، و كأنّ الرب أخطأ في صياغته و لمّا كان هذا الرّب هو المتنفذ و المالك ليوم الحساب فتبرير خطأه ضروري للفوز بالنعيم، أظنّ جازما أنّها نفسية من يمارس التبرير. فهم يقولون أنّ "قريب" صفة لخبر محذوف مذكر و تقدير الجملة "إنّ رحمت الله شيء قريب" أو "إنّ رحمت الله أمر قريب"!!!!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير