و يظهر أنّ الأنثى مريم داخلة في جمع الذكور. و لكن كما قلنا فالأمر بنيوي أي في دلالة "ـون" على محتوى الجمع و هو جمع درجة أعلى في نفس الوعاء من ـات الدال على جمع درجة أخفض ينتظر التوليد للدخول في الوعاء ن.
و نفس الملاحظة نراها في امرأت العزيز:
"يوسف أعرض عن هذا و استغفرى لذنبك إنّك كنتِ من الخاطئين"
يوسف:29
و أسجل هنا ملاحظة تُقنع من لم يقتنع بعد بعلّو الرسم القرءاني و أن لا علاقة لبشر في صياغته و هو غياب الياء في أخر كل الألفاظ القرءانية التي تلفظ ياءها في الأخر مع نطقها تلاوة فلفظ "استغفري" لا يُرسم بياء في أخره إذ الياء هي الأيادي الممدودة للعمل داخل اللفظ و ليس في طرفه.
و نفس الملاحظة التي جعلت مريم وامرأت فرعون في الجمع ـون" نجدها مع ملكة سبأ:"
"و صدّها ما كانت تعبد من دون الله، إنّها كانت من قومـ كافرين"
النمل:43
فالتاء إذن لها بعدا كونيا و هي تصور رحما ينتظر دفع المولود مستقبلا زوجي اللولبين و إلصاق التاء بالأنثى في بعض بلاغات القرءان إلاّ من حيث أنّ الأنثى مؤهلة كونيا و بيولوجيا للحمل و ليست التاء محصورة في أنثى الإنسان بل هي كأي حرف و أي لفظ و أي رمز في القرءان تحمل مفهوما.
و لنقف قليا مع نظرية التغليب التي تجعل من خطاب القرءان ذكوريا تدخل فيه الأنثى عرضا حسب المشيئة الكهنوتية و نلاحظ تأزم الأوضاع على هذه النظرية من كل جانب في القرءان و من أغرب ما قرأت لهم القاعدة التالية: أنّ العاقل المعنوي يذّكر و غير العاقل يؤنث!!!! بطبيعة الحال هذه ليست هديّة للأخوات في المنتدى و لكنّها قاعدة و عليهم أن يقبلوها و السبب أنّ الأسلاف أوردوها في كتبهم أقصد في تلفيقاتهم. و لكن ما العمل مع هذه الأيات و هي تتحدث عن غير العاقل:
"قالت نملة يأيها النمل ادخلوا مساكنكم"
"قال بل فعله كبيرهم فأسألوهم إن كانوا ينطقون"
و من غريب ما قرأت من قواعدهم ليتملّصوا من نظرية التغليب أنّه يجوز تأنيث الفعل إذا كان الفاعل مؤنثا مجازيا و عطف عليه فاعل مذكر، ذلك أنّهم لم يستطيعوا الصمود بنظرية التغليب أمام البلاغات القرءانية التالية:
"لا تأخذه سنة و لا نوم"
"و ما أُنزلت التوراة و الإنجيل إلاّ من بعده"
"حرّمت عليكم الميتة و الدم"
"قد جاءتكم موعظة من ربّكم و شفاء لما في الصدور"
"رجال لا تلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر الله"
"شغلتنا أموالنا و أهلونا"
و لكن إختراع هذه القاعدة لم يحل المشكل إذ ظهر في القرءان ما يهدمها:
"و جُمع الشمس و القمر"
و هنا نلاحظ التلاعب في إختراع القواعد التي تليها القواعد المخصصة للقواعد التي تليها القواعد المخصصة للقواعد المخصصة إلى المالانهاية. بدل التركيز على العلمانية في البناء و أنّ تأسيس قاعدة ما معناها إنطباق كل الأمثلة عليها دون الحاجة إلى قاعدة مخصصة و لا إلى التستر وراء الشذوذ و لا إختراع مصطلحات لتبرير القاعدة الهشّة من مثل المؤنث المجازي و المعنوي و السماعي. إنّ في القرءان ما يدفع إلى كشف البنية و هو من جعل أساسه البنية أي علمانية الوقاعد من الحرف صعودا.
6 ـ قاعدة جواز تأنيث الفعل إذا كان الفاعل جمع تكسير مذكر و لنقرأ البلاغات القرءانية:
"ثمّ قست قلوبكم"
"فأولئلك حبطت أعمالهم"
"و تقطعت بهم الأسباب"
"تجري من تحتها الأنهار" البقرة:266
"تكاد السماوات يتفطرن منه" مريم:90
لكن ما العمل مع هذه البلاغات:
"أنؤمن كما ءامن السفهاء" البقرة:13
"أو لو كان أباؤهم لا يعقلون شيئا و لا يهتدون" البقرة:170
"و إنّ من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار" البقرة:74
و ما العمل مع تذكير الفعل إذا كان الفاعل مؤنثا:
"إنّ الحسنات يذهبن السيئات" هود:114
"والوالدات يرضعن أولادهنّ" البقرة:233
"و لا تكونوا كالذين جاءهم البينات"
لقد عمدت للإطالة لأفتح أكبر عدد من نوافذ البحث المستقبلي في البنية و ها أنا سأختم هذا البحث بالتركيز على ما يسّمى بالضمائر لتظهر جليّأ بنيوية القرءان الداخلية و أنّ دراسته بقواعد لا علمانية فيها خطر كبير في ضبط مفاهيم ألفاظه.
ـ يعلم كل من دخل مدرسة أنّ الضمائر في اللغة هي:
أنا
أنتَ / أنتِ
هو/هي
هما
هم/هنّ
أنتما
أنتم/أنتنّ
نحن
و يغيب المؤنث في صيغة المفرد أنا و المثنّى أنتما و في الجمع نحن.
فأنا للذكر و الأنثى:
¥