الحديث الثامن والعشرون: وعنه رضي الله عنه قال: لما كان يوم خيبر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا طلحة فنادى ((إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية فإنها رجس)) متفق عليه.
يوم خيبر وقع في أول السنة السابعة من الهجرة في صفر جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر وحاصرهم وقاتلهم وفتح بلادهم عليه الصلاة والسلام ثم استعملهم في خيبر حراثين فلا حين يفلحون الأرض لأن المسلمين كانوا مشغولين بالجهاد ثم أمر بإجلائهم في آخر حياته فأجلاهم بعد ذلك عمر رضي الله عنه
قال يوم خيبر لما وقع الناس في الحمر فأصابت الناس مجاعة لأنه حاصر اليهود حصارا شديدا وتأخر الفتح فأصاب الناس مجاعة فوقع الناس ذات يوم في الحمر حمر أهل خيبر التي كانت خارج البلد فأخذوها وذبحوها وطبخوها في القدور وظهر ريحها للناس
فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا؟ فقال الحمر طبخها الناس فأمر بأكفاء القدور وقال أكفئوها واكسروها فقالوا يا رسول الله أو نغسلها فقال أو ذاك فأمر بغسلها وأمر بإراقة اللحوم وأخبر بأنها رجس وإنها نجس خبيثة فدل ذلك على أن الحمر لا يجوز أكلها وثبت فيها أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أنس وحديث على رضي الله عنه وحديث ابن عمر وجابر وجماعة كثيرة من الصحابة رضي الله عنهم
وهي تعد متواترة لكثرتها وصحتها عند جماعة من أهل العلم وهي محرمة
قال ابن عبد البر وهو أبو عمر إمام أهل المغرب في زمانه المتوفى سنة 463هـ يقول رحمه الله ((وقد انعقد إجماع أهل العلم اليوم على تحريمها بلا خلاف وما روى عن بعض السلف أنها حرمت لأنها دواب كانت تأكل القمامة والنجاسات حول البلد ـ قال أبن عباس وجماعة أنها حرمت لأجل هذا ـ
والصواب أنها حرمت لذاتها لا لأجل أنها ترعى خارج القرية لأنها رجس كما جاء في الحديث، حرمت لذاتها.
وثبت في الصحيحين عن على رضي الله عنه وأرضاه أنه حرم لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر وجاء هذا في روايات أخرى عن جابر وغيره وحديث عبد الله بن أبي أوفى
فالمقصود أن هذه الأحاديث متواترة على الصحيح متواترة لفظا ومعنى.
لأن التواتر هو أن يجتمع جماعة على حديث واحد ينقلونه ويستحيل تواطؤهم على الكذب اتفاقا أو خلفةً.
ومن تأمل هذه الأحاديث الواردة عن الصحابة في الباب ودلا لتها وعظم أسانيدها عرف أنها لا يمكن أن تقع صدفة وأن يتفق على هذا الحكم صدفة بل يستحيل عليها ذلك
والحاصل أن هذه الأحاديث صحيحة مستفيضة ومتواترة دالة على تحريم الحمر الأهلية لإجماع أهل العلم على ذلك فيما بعد عصر التابعين
ـــــــــــــــــــــــــ
وروى عن ابن عباس التوقف في ذلك وأن الحمر من دواب القرية وروى أنها تباح للضرورة كالميتة وهذا لا يختلف فيه فالميتة تباح من الحمر وغيرها من المحرمات.
س .....
ج /ظاهر هذا أنها كانت مباحة لهم ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم تحريمها عليهم
* وفيه فائدة وهي جواز النسخ قبل الفعل. يجوزان ينسخ الشيء قبل أن يفعل لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اكفئوها واكسروها فقالوا يا رسول الله: أو نغسلها فقال أو ذاك.
استدل به بعض أهل العلم على جواز النسخ قبل الفعل
وقال آخرون بل هذا يدل على أن الأمر بالكسر ليس للوجوب بل للندب فلما طلبوا الغسل قال: أو ذاك. فدل على أن الأمر بكسرها ليس للوجوب وإنما هو للندب ولهذا أذن لهم صلى الله عليه وسلم في غسلها بدل كسرها.
وفي هذا جواز الجمع بين الله ورسوله في قوله ((الله ورسوله أعلم)) وهذا الفعل وقع كثيرا فدل على جواز ذلك
وأما جاء في حديث ((بئس الخطيب أنت)) لما قال ((ومن يعصهما فقد غوى))
فحمل على أن ذلك في جواز المعصية لأنه قال ((من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما)).
وقيل أن الأمر نسخ ..
وقيل أن هذا في باب الخطب لأنالخطب ينبغي التوسع والإيضاح وبكل حال فهو إما منسوخ وإما شاذ للأحاديث الصحيحة الكثيرة الدالة على جواز الجمع بينهما لحديث
(ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان إن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما)) في الصحيحين و حديث أنس هذا في الصحيحين
وجاء ذلك في أحاديث كثيرة.
¥