تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[إيجاد النص: التحقيق والترجمة]

ـ[الاستاذ]ــــــــ[03 - 10 - 05, 12:29 م]ـ

سعيد يقطين

[إيجاد النص: التحقيق والترجمة]

يصلنا لمترجم بثقافة الآخر، وإبداعه في عالمنا الحالي، ويجعلنا من ثمة نحقق تفاعلا إيجابيا مع العصر الحديث لو توفرت الشروط الضرورية، كما أن المحقق يضطلع بالدور نفسه لكن من خلال صلته التي يقيمها مع النص العربي القديم. إنه بكلمة أخرى الوجه الآخر للمترجم. نود أن نتوقف قليلا لنتساءل عن عملية تحقيق النصوص، ودور المحقق في واقعنا الحالي، ما دام المحقق يرتبط ارتباطا وثيقا بالأدب شأنه في ذلك شأن العالم والناقد والدارس والصحفي والمترجم. نتحدث عن المحقق، وضمنيا نتحدث من خلاله عن المترجم. وذلك لأنهما معا يعملان معا على ما نسميه بـ "إيجاد النص".

لنتساءل بسذاجة كم من الكتب انتقل من المخطوط إلى المطبوع؟ وكم من تلك الكتب المطبوعة التي حققت تحقيقا علميا يجعلها يسيرة الاستعمال، بسيطة الفهم والإدراك؟ وكم من تلك الإبداعات الشفوية انتقلت من التداول الشفاهي إلى التوثيق والتقييد بشتى الصور الممكنة والضرورية للحافظ على قطاع واسع من الذاكرة الجماعية والتاريخية؟؟ ... لنغامر بالجواب عن هذه الأسئلة وما يتناسل منها بالذهاب إلى أن ما طبع قليل جدا، وأن ما حقق تحقيقا علميا أقل بقليل ممّا طبع. كما أن ما جمع من التراث الشفاهي، وبكل اللهجات، لايكاد يذكر، لأنه لم تبذل مجهودات في هذا الإطار.

إن مغامرتنا بالجواب ليست ركوبا لصيد خاطر، ولا تهورا يتأسس على رغبة دفينة في تعذيب الذات أو جلدها كما صار يقال. ليس هذا ولا ذاك، ولكنها حقيقة مرة. ويكفي للتأكد من هذا الرجوع إلى قوائم المخطوطات العامة والخاصة، وإلى كل الفهارس والتراجم القديمة، ولنعاين كل ما طبع منها، وكل ما يزال منها مخطوطا، ولنعاين الفرق. ولنتأمل من جهة ثانية الكتب المحققة تحقيقا علميا، ولنقارنها بالكتب المحققة تحقيقا تجاريا، أو المقدمة بدون تحقيق، ولنلاحظ البون!

لا تخفى أهمية النصوص العربية القديمة. ومنذ دخول المطبعة عرفت بعض الكتب طريقها إليها، ولكنها ما تزال على طريقتها الأولى (المطبوعات الحجرية)، وهي بدورها تحتاج إلى تحقيق، وإعادة طبع. وللتاريخ نشير هنا إلى أنّ المستشرقين والمستعربين لعبوا دورا كبيرا في عملية تحقيق النصوص العربية القديمة وفي التعريف بالعديد منها وأصحابها، سواء في الأدب أو التاريخ أو الجغرافيا أو التصوف ... وسار على منوالهم علماء حاذقون من العرب، وخصوصا في حقبة أولى من مصر (أحمد أمين _ طه حسين _ إبراهيم السقا _ عبد السلام هارون _ محمود شاكر) وساهموا بتحقيقاتهم العلمية في تقديم العديد من الأعمال العربية أو في كتب البلاغة أو التصوف لتيار معين أو في منطقة عربية محددة. هذه العطاءات المؤسسة على الغيرة على التراث العربي _ الإسلامي والعمل على خدمته ساهمت بدور كبير في تقديم العديد من النصوص التي أغرت الدارسين والباحثين بالاشتغال بها والبحث فيها بهدف تقديم رؤيات جديدة أو عصرية للتراث العربي.

لكن هذه المجهودات سرعان ما عرفت طريقها إلى التوقف، وظهر جيل آخر من المحققين حاول مواصلة العطاءات السابقة، لكنه ظل محدودا وقليلا، ويعود ذلك إلى عاملين اثنين:

1_ هيمنة التمييز بين القديم والحديث في طريقة تعاملنا مع التراث أو الأدب، وعادة ما ينظر إلى المشتغل بالقديم بأنه لا يساير "الحداثة؟ ". ومعنى ذلك أن جهود المحققين لم تكن تقدر بالشكل الملائم أمام سيادة رؤية تحقيرية لما هو تراثي.

2_ غياب استراتيجية محددة المعالم لدى الكليات والمؤسسات الثقافية لإخراج ذخائر التراث العربي وجعلها في متناول القارىء والباحث، وفق خطة معينة، وقابلة للتطبيق في آماد محددة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير