تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذا يدلنا على أن الإستحاضة وهي الدماء العارضة من عرق يقال له العاذل يعني من مخرج غير مخرج دم الحيض وإنما هي دماء تعرض للمرأة من أمراض تعتري رحمها فيصيبها اصفرار الدم فهذا يقال له استحاضة وهو خروج الدم في غير الوقت المعتاد بل يستمر معها ويشغلها ولكن ليس بالدم المعتاد المؤقت فهذا حكمه حكم البول وحكم ما يحصل للإنسان من سائر الخوارج التي تستمر معه فلا تمنعه من صلاة ولا طواف ولا غير ذلك وإنما هو مرض يعالج بخلاف الحيض الذي هو الدم المعتاد الذي كتبه الله على بنات آدم فإن هذا دم معتاد وكتبه الله على بنات آدم وهو جبلة وطبيعة من طبائعهن يخرج في أوقات معلومة في الشهر ثم ينتهي والغالب أنه يمكث ستةأيام أو سبعة وقد تزيد وقد تنقص ويقال له الحيض وهو شيء كتبه الله على بنات والغالب أنه ينقطع مع الحمل ويوجد عند عدمه ولهذا جعلت الحيضات الثلاث دليلا على براءة الرحم وعلى خلوه من الحمل

قال لها ((فاغسلي عنك الدم)) هذا يدل على أن ما يصيبها من دماء في بدنها وثيابها يغسل وفي اللفظ الآخر (واغتسلي) أي تغسل الدماء وتغتسل من الحيض الغسل الشرعي كما تغتسل الجنب

ثم قال ((وتوضئي لكل صلاة)) هذا في حال استمرار الدم في حال استحاضتها الوضوء عند استحاضتها. والغسل وغسل الدم عند انتهاء مدة الحيض هذه انفرد بها البخاري رحمه الله وأشار مسلم إلى أنه حذفها عمدا فإنه رحمه الله استنكرها فحذفها أما الإمام البخاري فعرف معناها وأثبتها واحتج بها العلماء على أن من دام حدثه بالبول أو الريح أو الدم يتوضأ لكل صلاة ويكفيه ذلك ولا يكلف ما لا يطيق لقوله تعالى (فاتقوا الله ما استطعتم) (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) فتصلي المستحاضة ولو خرج الدم ويصلي صاحب سلس البول ولو خرج البول ويصلي من استمر معه الريح وإن طلعت الريح لأنه لا يستطيع خلاف ذلك ولكن يكون وضوءه لكل صلاة يعني عند دخول الوقت فإذا دخل الوقت توضأ لأنه مضطر إلى أداء الصلاة فيتوضأ فإن وقف الدم والبول والريح فالحمد لله وإن لم يقف صلى على حسب حاله (فاتقوا الله ما استطعتم) ولا يضره ذلك ولا قضاء عليه لأنه اتقى الله ما استطاع

والشاهد من هذا أن الدم ناقض للوضوء أما من الفرج فلا خلاف في ذلك لحديث المستحاضة فإنه أمرها بالوضوء لكل صلاة فدل ذلك على أن الدم الخارج من فرجها ينقض وضوءها لأنه دم عرق وليس بحيض والحيض له شأن آخر وأحكام أخرى واحتج به أيضا على أن الدم ينقض الوضوء مطلقا لأنه ??صلى الله عليه وسلم قال (إنه دم عرق) دل على دماء العروق كلها تنقض الوضوء بخلاف الشيء القليل العارض مثل بثرة العين أو من الرعاف هذا يعفى عنه

ولهذا روى عن بعض الصحابةرضي الله عنهم أنه كان يغسل البثرة ولا يتوضأ وبعضهم يبصق الدم ولا يتوضأ فالمقصود أن الشيء القليل يعفى عنه ولا يكلف الإنسان فيه الوضوء بخلاف الدم الكثير فإنه يتوضأ منه لقوله إنما ذلك دم عرق وليس بحيض

وجاء أحاديث أخرى يأتي بعضها إن شاء الله

ومثله الريح الذي يصيب بعض الناس مرض لا تزال الريح تخرج معه من دبره فإذا أصابه هذا فحكمه حكم صاحب سلس البول والمستحاضة فيتوضأ إذا دخل الوقت ويجزئه ذلك ولا حرج عليه وبهذا يعلم أن الخارج الذي ليس بالاختيار لا ينقض الوضوء بل ينقض الخارج الاختياري قد اعتاده الإنسان هذا الذي ينقض الوضوء أما الشيء غير العادي الذي يصاب به الإنسان بسبب مرض ويستمر معه ولا يتمكن من السلامة منه فهذا يعفى عنه ولا يعد ناقضا في الوقت نفسه بل يكفيه الوضوء وإن خرج ذلك الشيء لأنه شيء مضطر إليه الإنسان ليس باختياره ولا يتمكن من دفعه فسامحه الله جل وعلا

...

الحديث الخامس والسبعون: وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كنت رجلا مذاءا فأمرت المقداد أن يسأل النبي ??صلى الله عليه وسلم فسأله فقال ((فيه الوضوء)) متفق عليه، واللفظ للبخاري

علي بن أبي طالب أمير المؤمنين رابع الخلفاء الراشدين وأحد العشرة المبشرين بالجنة رضي الله عنهم جميعا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير