يقول كنت رجلا مذاءا أي كثير المذي (فأمرت المقداد أن يسأل الرسول ?صلى الله عليه وسلم ? وهو المقداد بن الأسود الكندي المشهور وفي رواية أخرى (فاستحييت أن أسأل رسول الله ? لمكان ابنته مني فأمرت المقداد أن يسأل الرسول ??صلى الله عليه وسلم فسأله فقال (فيه الوضوء) وفي رواية (يغسل ذكره ويتوضأ) وفي راوية
(اغسل ذكرك وتوضأ) وفي لفظ
(فأمره أن يغسل ذكره وانثييه ويتوضأ)
هذه الروايات كلها تدل على أن المذي ناقض من نواقض الوضوء وأن الذي أصابه المذي يغسل ذكره وانثييه يعني خصيتيه وهذا فيه ميزة زائدة عن حكم البول ولعل السر في ذلك والله أعلم أن المذي يكون له لزوجة وربما انتشر على الذكر وعلى الأنثيين ولم يشعر به الإنسان فكان مأمورا بغسل ذكره وانثييه
لعل من الحكمة أيضا أن مسألة غسل الأنثيين لقطعه ووقوفه وعدم خروجه ولا سيما إذا كان بالماء البارد فإن هذا من أسباب قطعه وعدم استمرار خروجه وهو يأتي عند تحرك الشهوة إذا تحركت الشهوة ومال الإنسان إلى أهله إلى الجماع ثم ضعفت الشهوة وزال السبب فإنه يخرج شيء يقال له المذي لزج أصفر في الغالب وهو نجس ولكن نجاسته مخففة ليست من جنس البول وليس من جنس المني، فالمني طاهر والبول نجس نجاسة مثقلة مشددة، والمذي بخلاف ذلك ولذلك جاء في حديث سهل بن حنيف يكفيك أن تأخذ كفا من ماء وتنضح به ثوبك حيث ترى أنه أصابه
وفيه الوضوء وغسل الذكر والأنثيين وهكذا في حديث عبد الله بن سعد الأنصاري عند أبي داود بسند حسن أن النبي ??صلى الله عليه وسلم أمره أن يغسل ذكره وأنثييه من المذي هذا هو الحكم في ذلك أنه ينتقض الوضوء بخروج المذي وأنه يطلب من المؤمن أن يغسل ذكره وأنثييه ثم يتوضأ وضوء الصلاة وليس عليه غسل وليس كالمني، بل لا غسل فيه.
بل هو ينقض الوضوء ولا يوجب الغسل، الغسل مختص بالمني.
وفي حديث سهل بن حنيف عند أبي داود بسند جيد أنه يكفي النضح إذا أصاب ثوبه فإنه يأخذ كفا من الماء وينضح حيث يظن أن الماء أصاب الثوب ويكفيه ذلك.
قالوا والمذي يكون من ضعف الشهوة ويكون من قوتها والغالب يكون من قوتها قوى الشهوة يكون مذيه كثيرا وضعيف الشهوة يكون أقل من ذلك.
والمني إذا خرج لشهوة يوجب الغسل، وإما إذا خرج لعلة أو مرض فإنه من جنس الأحداث الأخرى من جنس البول فإنه يوجب الوضوء ولا يوجب غسل الأنثيين بل يغسل طرف الذكر إن أصابه لأنه خارج ينقض الوضوء فقط وأما إذا كان دفقا بلذة فإنه يوجب الغسل كما يأتي إن شاء الله في حديث
(الماء من الماء).
صارت الخوارج أقساما منها الدم ومنها البول ومنها المذي ومنها المني.
فالبول والدم والمذي نجسه والمني وحده طاهر ولكنه يوجب الغسل إن كان بلذة وإن كان عن مرض فإنه يوجب الغسل فقط. ويكون ناقضا من نواقض الوضوء.
ومن ذلك ناقض آخر وهو الريح ويسمى الفساء إذا كان لا صوت له والضراط إذا كان له صوت وهو ينقض الوضوء ولكنه لا يوجب الاستنجاء لأنه شيء لا رطوبة له ولا يؤثر في المخرج فلا يوجب الاستنجاء، إنما الاستنجاء من البول والغائط والمذي لا من الريح وهكذا النوم وهكذا مس الذكر ومس الفرج وهكذا أكل لحم الإبل هذه توجب الوضوء ولكن لا توجب الغسل ولا توجب الاستنجاء فإذا خرج من الإنسان ريح أو أكل من الإبل أو نام أو مس فرجه فإنه يتوضأ الوضوء الشرعي ولا يلزمه الاستنجاء فالاستنجاء إنما يكون للخارج الرطب الذي يؤثر في المخرج كالبول والغائط والمني.
أما إذا كان لا أثر له كالريح أو لا صلة بالمخرج كأكل لحم الإبل والنوم فهذا يوجب الوضوء الشرعي الذي هو غسل أطراف الإنسان دون الاستنجاء، فلو استنجى الإنسان مثلا الضحى عن بول أو غائط ثم جاء وقت الظهر ولم يتوضأ فإنه يتوضأ في أطرافه فقط ولا يعيد الاستنجاء لأن الاستنجاء تقدم لإزالة النجاسة وقد حصل فيلزمه الوضوء الشرعي وهو غسل الأطراف فقط فالعامة إذا سمع الوضوء يعتقد أنه الاستنجاء وفي عرف الشرع هو الوضوء غسل الأطراف وهو المراد بقوله جل وعلا (إذا قمتم إلى الصلوة فاغسلوا وجوهكم .... ) الآية
¥