تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أساسية في قضية الولاء، ويتحدثون عن الاندماج الكامل في حضارة هذه المجتمعات تحت دعاوى الاستنارة والعقلانية والواقعية ... الخ، ومثل هذا الخلل لا سيبل إلى تسويغه، ولا وجه لتخريجه مهما حاول المبطلون واجتهد المستنيرون!.

أما الثاني: فهو تغيّر طرأ على بعض القضايا الاجتهادية التي تُبنى على أساس النظر العرفي أو على أساس النظر المصلحي، ولا يخفى أن الفتوى في مثل هذا تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال، فما بُني من الفتوى على العُرف تغيّر بتغيره، وما بُني منها على الاستصلاح تغيّر بتغيّر وجوه المصلحة وهكذا، وجل ما أشرت إليه من القضايا كان النظر فيها مصلحياً، فليس بغريب تغيّره بتغيّر وجوه هذه المصالح.

هذا .. ويغلب على التجديد الناشئ في الخطاب العلمي المتعلق بهذه المسائل أنه يرجع في الجملة إلى اختلاف العصر والزمان، وليس اختلاف الحجة والبرهان، فقد جدت متغيرات كثيرة في الساحة الدعوية، وتجدّد معها الموقف الفقهي والدعوي تجاه كثير من هذه القضايا، ويبقى بعد ذلك أن النظر في هذه المسائل دقيق وشائك، ففي أزمنة الفتن وغربة الدين يكثر اختلاط المصالح بالمفاسد، فلا تكاد تتمحض مصلحة في كثير من المواقف، بل الاختلاط الذي ينشأ عنه الالتباس والإيهام، فهو بحق مزلة أقدام ومدحضة أفهام، والمعصوم من عصمه الله -عز وجل- ولا يخفى أن مرد الخطأ والصواب في هذه الاجتهادات إلى توفيق الله -عز وجل- للمباشرين لها بحيث ينضبط الأمر في أيديهم على موازين الشريعة ومعاييرها ومقاصدها.

الإسلام اليوم: هناك من يرى أن الجماهير متقدمة في مبادراتها ووعيها –أحياناً- على قياداتها السياسية والفكرية وحتى "العلمانية"، فبرأيك لماذا أصبح الوعي خارج العلماء والدعاة أكثر حيوية وفعالية؟

د. صلاح الصاوي: أول ما نقف عنده هو هذا التعميم، فلا يصلح إطلاق القول بأن الوعي خارج العلماء والدعاة أصبح أكثر حيوية وفاعلية، بل لا يزال من العلماء والدعاة من يعيشون زمانهم، ويعرفون أحواله ولكنهم يلجمون نزوات الانفعالات بلجم العقول وضوابط الحكمة، فيحسبهم بعض الناس مغيبين وما هم بمغيبين، ولكنهم أهل علم وحلم وبصيرة وتأمّل في العواقب واعتبار بالمآلات! وأرجو ألاّ تكون من ذلك ذريعة -وإن كانت غير مقصودة- إلى مظاهرة العلمانيين في الحض على علماء الشريعة وشن الغارة عليهم، ورميهم بالتهم والمناكر لتسقط حرمتهم ومهابتهم من النفوس؛ فيسقط بسقوط ذلك ما يحملونه من مواريث النبوة!

الإسلام اليوم: حق العامي هو تقليد العلماء، وأن يسأل من يثق في أمانته وعلمه، لكن كيف يمكن للعامي أن يضع ثقته في عالم يدين الله بفتواه، وهو لا يملك المعايير والآليات التي على أساسها يقيم هذا العالم؟

د. صلاح الصاوي: الموقف الشرعي في نوازل هذا العصر بل وفي باب الفتيا بصفة عامة إنما يتكون من خلال المزج بين خبرة الخبراء وفقه الفقهاء، فالفتوى -كما يذكر أهل العلم- "معرفة الواجب في الواقع"، فلا بد فيها من المعرفة بكلا الأمرين: الواجب والواقع، أي خبرة الخبراء وفقه الفقهاء، وأي خلل في أحد هذين الجانبين ينعكس على الفتوى بالخلل والقصور لا محالة، فإذا قصّر المستفتي في عرض نازلته أو طاف به في عرضها على المفتي طائف من الهوى فلا يلومنّ إلا نفسه! لأن المفتي أسير المستفتي، والمفتي إنما يفتي على نحو ما يسمع، كما أن القاضي إنما يقضي على نحو ما يسمع، وقد رأيت بنفسي في كثير من المواقع كيف يكون التأثير على المفتين واستنطاقهم على نحو معين تنسجه أهواء المستفتين، فيكون الغش في عرض النوازل والمبالغة في تصوير الحاجات؛ لتصبح من قبيل الضرورات، فكيف يُلام في ذلك علماء الشريعة إذا كان المستفتي عيياً أو صاحب هوى؟!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير