تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفي مصر كان الدكتور لويس عوض، وهو رجل كان يكرر في كل مناسبة أنه ليس قومياً، وأنه علماني، وقد لعب هذا الرجل دوراً خطيراً في الحياة الثقافية في مصر في الخمسينيات من هذا القرن العشرين، حين كانت وسائل الإعلام كلها موجهة وتحت الرقابة الصارمة، وكان هو المستشار الثقافي لجريدة الأهرام.

وقد قام لويس عوض - بروح متعصبة - دون أي شاعر عمودي يبتغي طريقه إلى وسائل الإعلام والنشر من إذاعة أو صحافة أو أي وسيلة أخرى إلى الجماهير، كما يقول الدكتور طاهر أحمد مكي في كتابه "الشعر العربي المعاصر - دوافعه ومداخل لقراءته ": (وأفسح المجال واسعاً عريضاً لكل من يكتب الشعر الحر، وإذا نشر قصيدة عمودية لشاعر عمودي مثل كامل الشناوي "مثلاً" نشرها موزعة الجمل على نحو يوحي بأنها من الشعر الحر، وفي ظل هذه الحركة تحول شبان كثيرون لا يزالون شاردين في عالم الشعر - وكان يمكن أن يصبحوا شعراء عموديين ممتازين - إلى شعراء يكتبون كلاماً تافهاً في الشكل الجديد، وأصبحوا كما يقول الشاعر أدونيس وهو ليس متهماً في شهادته هذه؛ لأنه من دعاة الشعر الحر المتحمسين له "في الشعر الجديد اختلاط وفوضى وغرور تافه وشبه أمية، ومن الشعراء الجدد من يجهل حتى أبسط ما يتطلب الشعر من إدراك لأسرار اللغة والسيطرة عليها، ومن لا يعرف من فن الشعر غير ترتيب التفاعيل في سياق ما، إن الشعر الجديد مليء بالحواة والمهرجين ".

كان هناك بدر شاكر السياب، وعبد الوهاب البياتي، وهما من أخلص دعاة الماركسية نشر السياب قصائده وكلها صيحات إنكار وحيره بل وثورة على الله (جل في علاه).

هذا أمر، أما الأمر الآخر الذي يهدف إليه هذا التيار فقد كان واضحاً في تلك الرغبة المحمومة في إظهار الأحتقار للتراث الإسلامي العربي والزراية على الشعراء العرب القدامى المجددين، ونعتهم بالصنعة والتكسب، وإعلاء التراث اليوناني والروماني على ما فيه من وثنية.

ويسخر أدونيس من حادثة الإسراء في قصيدة (السماء الثامنة).

ومعين بسيسو الماركسي يهزأ بالتراث وأعلام التاريخ، ومن طريقة الإسناد في الحديث النبوي الشريف ويؤلف مقطوعة ساخرة (حدثني وراق الكوفة / عن خمار البصرة / عن قاضٍ في بغداد عن سايس خيل السلطان / عن جاريةٍ / عن أحد الخصيان) إلخ .. والحق أن الشعر الحر مترع بالدعوة إلى الإباحية على نحو لم يشهده الشعر العربي، إلا عند بعض الشعراء الشواذ أو المنبوذين. والعجيب أن دعاة هذا اللون العجيب قد قفزوا في كثير من البلاد العربية إلى حيث التحكم في وسائل الإعلام، حتى إنك تكاد تراهم يسيطرون سيطرة كاملة على هذه الوسائل في بعض بلدان العرب، وفي هذا الجو الإرهابي أصبحت ترى شعراء عموديين يكتبون قصائدهم، أو يعيدون كتابتها بعد تسطيرها وتبييضها وتقطيعها - إرضاء لهم وتقية - وقد ترجم كثير من تلك القصائد؛ ليس لجودتها وإنما أولاً لسهولة ترجمتها لمستشرق شاذ، أو لدوافع سياسية وعلل دينية.

ونحن نرجح أنها حركة مقصودة أريد بها طعن اللغة العربية؛ لغة القرآن والإسلام وعمادها؛ توطئة للإجهاز عليها. وستبقى العربية والشعر العمودي، وسيبقى من فوقها القرآن والإسلام إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ولن يصمد هذا المسمى بالشعر الحر طويلاً لأنه لا يعلق بالذاكرة، أو يفرط في الرمزية المطرقة الجامحة والغموض والتلفيق).

وإذا ذهبنا نستعرض الدعاة إلى الحداثة نجدهم جميعاً من متعصبي الأديان الذين دأبوا على محاربة الإسلام واللغة العربية، واتخذوا شعار الحداثة ستاراً ينفثون من تحته سمومهم، ويظهر ذلك واضحاً في كتاب غالي شكري (شعرنا الحديث إلى أين؟) ومنهم أدونيس.

والماركسيون أكبر أعداء الإسلام: بدر شاكر السياب والبياتي ودنقل، وشعراء المجون، وكان القس (يوسف الخال) قد رسم الخطة لهؤلاء وساقهم إليها وهو مبشر نصراني يقول: (خاسر من يبيع ثلاثة ويشري واحداً). يقصد بالثلاثة عقيدة التثليث النصرانية والواحد هو عقيدة الإسلام.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير