[حمل كتاب القول المحمود في تنزيه داود عليه السلام لتقي الدين السبكي]
ـ[حسام الحفناوي]ــــــــ[02 - 01 - 06, 12:55 ص]ـ
هذا كتاب القول المحمود في تنزيه داود عليه السلام، و يا ليت أحد الأخوة يضغطه على ملف وورد، فأنا لا أحسن فعل هذا، و قد فوجئت أن ترقيم الهوامش قد اختفى.
و الكتاب هدية خالصة للملتقى.
القول المحمود في تنزيه داود عليه السلام
لتقي الدين السبكي الشافعي المتوفى سنة 756 هـ رحمه الله تعالى
قدَّم لها وعلَّق عيها
حسام الحفناوي
حقوق الطبع محفوظة للمحقق
هذه النسخة
هدية لموقع ملتقى أهل الحديث
ملخصٌ لكلام أهل العلم في المسألة
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وبعد؛
فإن المُطالع لما كتبه كثيرٌ من المؤرخين، و المفسرين عن أخبار الأمم السابقة، و ما وقع لأنبياء الله تعالى مع أقوامهم، يجد الأثر البالغ الذي تركته الإسرائيليات المُخْتَلَقَة على تلك الأخبار.
و من أشنع الاختلاق و أَسْمَجِه: ما نسبوه إلى داود عليه السلام من وقوعه في عشق امرأةِ قائدِه أَوريا.
فنفرٌ من المفسرين والمؤرخين ذكروا _ نقلاً عن تلك الإسرائيليات _ أنه طلب منه أن يتنازل عنها، فاستحيى، ففعل، فتزوجها، ونفرٌ ادَّعوا أن أُوريا لم يكن متزوجًا بها، وإنما كان قد خطبها فقط، فخطب داود على خِطبته، ونفرٌ زعموا أن داود عليه السلام _ نقلاً عن الإسرائيليات أيضًا _ أرسل زوجها أُوريا في مقدمة الجيوش في عِدِّة معارك، معرضًا إيّاه للقتل، رَجاءَ أن يُقتل، فيظفر هو بها، فلما قُتل تزوجها.
وخيرُ مَنْ انتقى من تلك الإسرائيليات مَنْ قال: إنه لم يقصد قتله، ولكنه قُتل في إحدى المعارك مع مَنْ قُتِل من القادة الآخرين، ولم يحزن داود عليه كما حزن على غيره، ثم تزوج امرأته، ومَنْ قال: إن الخصمين المذكورين في الآية كانا من أعدائه، وأرادا قتله، فكان ذنبه عليه السلام، أنه همَّ بقتلِهما لمَّا علم بذلك، ثم استغفر الله تعالى من ذلك، ومَنْ قال: كان ذنب داود أنه تعجل في الحكم بينهما، ولم يسمع كلام الخصم الآخر.
وهذه الثلاثة الأخيرة أحْسَبُها من بُنَيِّات أفكار المسلمين، راموا بها توجيه ما ورد من الإسرائيليات في القصة، تحسينًا للظنِّ بنبي الله داود، والثالث منها، الظاهر أنهم استخرجوه من سياق الآية. وقد نبَّه الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور في التحرير والتنوير (23/ 237، 238) على أن القصة على ما فيها من خلاف موجودة في السفر الثاني من كتاب صمويل، من كتب اليهود. وذكر البرهان البقاعي في نَظْم الدُّرر (16/ 362) أن بعض مَنْ أسلم من اليهود أخبره أن اليهود يتعمدون ذلك الكذب في حق داود عليه السلام، لأن المسيح عليه السلام من ذريته، ليتوصلوا بذلك إلى الطعن في المسيح عليه السلام.
وقد حاول بعض المنهزمين عقديًا وفكريًا أن يُلَفِّق _ وهو يزعم التوفيق _ بين ما ورد في التوراة من أن داود كان ملكًا، وليس نبيًا، وبين ما جاء به القرآن، وقد ردَّ عليه العلاَّمة القاسمي في محاسن التأويل (14/ 5092) ردًا متينًا. ?فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَق فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ?ّ [يونس: 32].
ومن العجيب أن نفرًا من المفسرين _ ومنهم أكابر _ قد نقلوا في كتبهم كثيرًا من الأخبار المتعلقة بهذه القصة _ وفيها ما فيها _ دون أن يقطعوا بكذبها، واستحالة وقوعها من نبي من أنبياء الله، لا سيما مَنْ هو موصوفٌ بالاجتهاد في العبادة، والتشمير في الطاعة.
وإن القلب ليمتلئ حزنًا وكمدًا أن يرى الطبري في تفسيره (23/ 91 _ 97)، والزَّجَّاج في معاني القرآن (4/ 327، 328)، والقُشَيري في لطائف الإشارات (3/ 250_ 252)، والماوَرْدي في النُّكت والعيون (5/ 85 _ 89)، وابن عَطِِيَّة في المُحَرَّر الوجيز (4/ 498، 499) يوردون أمثال تلك القصص التَّالفة، دون أن يتعرضوا لها بكبير نقد، أو أن يميلوا ميلةً واحدةً على من يُشيعها، فيستأصلون شَأْفَتَه، أو يُلقمونه الحَجَر. لكن المفسرين أجمعوا على نفي نسبة الفاحشة الكبرى إلى نبي الله داود عليه السلام، وذكروا أثرًا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، لكنه لم يصِح عن عليٍ كما ذكر ابن العربي المالكي في أحكام القرآن (4/ 1639)، ونقل الأَلُوْسِي في روح المعاني (23/ 185) عن الحافظ
¥