تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

العِراقي تضعيفَه أيضًا. ورجَّح ابن العربي أن مَنْ نسب إلى نبي الله الزنى، فإنه يُقتل، وأن مَنْ نسب إليه ما دون ذلك من الملامسة أو النظر، مختلفٌ فيه، فإن صمَّم، فإنه يُعَزَّر. وانظر: محاسن التأويل (14/ 5089)، وأضواء البيان للشِّنِقِيطي (4/ 536_ 538) ففيهما إشارات إلى كلام أهل العلم في عِصمة الأنبياء. وتفصيل ذلك في كتب العقائد، والملل والنحل. وقد صَنَّف قومٌ في عِصمة الأنبياء، منهم ابن اللبَّاد المالكي، كما في ترجمته من السِّير (15/ 360)، والشمس الكردري الحنفي، كما في كشف الظنون (1/ 333)، والفخر الرازي المتكلم، وهو مطبوع. وللقاضي عياض في الشِّفا مبحثٌ طويل في هذه المسألة، فانظره (2/ 85 – 153). وهو الباب الأول من القسم الثالث من الكتاب.

وآخرون كأبي جعفر النَّحاس في إعراب القرآن (كما في تفسير القرطبي 15/ 115)، والزَّمَخْشَرِي في الكَشَّاف (4/ 80، 81)، وتبعه النَّسَفِي في مَدارك التنزيل (3/ 1007) ذهبوا إلى أنه طلب منه أن يتنازل عنها كما تقدم ذِكْرُه. ورَجَّح هذا أيضًا الشوكاني في فتح القدير (4/ 599، 600)، وكذا تلميذه صديق حسن خان في فتح البيان (12/ 32)، إذ كان هذا من الجائز في شرعهم _ على حدِّ قولهم _ أما أبو جعفر النَّحاس، فقال: وليس هذا بكبيرٍٍ من المعاصي، ومَنْ تخَََََطَّى إلى غير هذا فإنما يأتي بما لا يَصِِِحُّ عن عالم ٍ، ويَلْحَقُه فيه إثمٌ عظيم. وقال في معاني القرآن _ كما في المصدر السابق: قد جاءت أخبارٌ وقِصَصٌ في أمر داود عليه السلام، وأكثرها لا يصح، ولا يَتَّصِلُ إسْنادُه، ولا ينبغي أن يُجْتَرأ على مثلها إلا بعد المعرفة بصحتها. وأصحُّ ما رُوي في ذلك: ما رواه مسروق، عن عبد الله بن مسعود قال: " ما زاد داود عليه السلام على أَنْ قال: أَكْفِلْنِيها، أي انْزِل لي عنها "، ثم ذكر رواية المنهال عن سعيد بن جبير نحوها، ثم قال: فهذا أَجَلُّ ما رُوي في هذا، وذَكر أن هذا كما يسأل الرجلُ الرجلَ أن يبيعه جاريته. واستَشهد غيرُ واحدٍ، منهم: ابن العربي في أحكام القرآن، والزمخشري في الكشاف (4/ 80،81) على عدم النَّكارة في هذا بقصة عبد الرحمن بن عوف مع سعيد بن الربيع رضي الله عنهما، حين أراد سعيدٌ أن يتنازل له عن إحدى زوجتيه، ليتزوجها عبد الرحمن – و القصة في البخاري (1943، 1944، 4785). قال ابن العربي: وما يجوز فِعْلُه ابتداء، يجوز طَلَبُه، لكنه استبعد ثبوت القصة – أي قصة طلب داود من أوريا التنازل عنها - من حيث الإسناد.

أقول، وبالله التوفيق: قد نبَّه القاسمي في محاسن التأويل (14/ 5089) أن الآثار الواردة في هذا الباب عن الصحابة والتابعين إنما تَلَقَّوها عن أهل الكتاب. وما نبَّه عليه واضحٌ جدًا، إذ لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه القصة شيء، كما ذكره غير واحد من أهل العلم بالأسانيد. ومنهم: القاضي عياض في الشفا (2/ 144)، ونقله عن غير واحد، والحافظ ابن كثير في تفسيره (4/ 31). كما مر معنا كلام الطَّاهر ابن عاشور أن القصة موجودةٌ في السِّفر الثاني من كتاب صَمْويل من كتب اليهود. وما ذهب إليه القاسمي، من تَلَقِّيهم تلك الآثار عن بني اسرائيل، مَبْني على ثبوت هذه الآثار عن الصحابة والتابعين، وفي هذا نَظَر. وقد نقل القاضي عياض في الشفا (2/ 144، 145) عن أحمد بن نصر، وأبي تَمَّام وغيرهما من المحققين نَفْيُ إضافة الأخبار الواردة في ذلك إلى داود عليه السلام، ونقل عن الداودي أن قصة داود وأوريا ليس فيها خبرٌ يَثْبُت. وأما وَصْفُ النحاس لما ورد عن ابن مسعود وسعيد بن جبير بأنه أصح ما ورد في ذلك، فلا يلزم منه صحة إسنادهما، كما لا يخفى على من له إطلاع على كلام أهل الحديث، إذ يُكثرون من قولهم: أصحُّ ما ورد في هذا كذا، أو أصحُّ ما في الباب كذا، أو هذه الرواية أصحُّ من تلك، فقد يكون هذا من قبيل المفاضلة بين صحيحين، أحدهما أصحُّ من الآخر، وقد يكون من باب ذِكر ما هو أصحُّهما و أقواهما، وإن كان كلاهما ضعيفين. وهناك صور أخرى لهذه العبارة، انظرها في: شرح لغة المحدِّث لأبي معاذ طارق بن عِوض الله (125_132).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير