تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

() التَّسَوُّر: تَفَعُّلٌ مُشْتَقٌ من السُّور، وهو الجدار المحيط بمكانٍ، أو بلد. يقال: تَسَوَّر: إذا اعتلى على السُّور. ونظيرُه قولهم: تَسَنَّم جَمَلَه، إذا علا سِِنامَه. وقريبٌ منه في الاشتقاق قولهم: صَاهَى: إذا ركب صَهْوَة فرسه. والمعنى أن بيت عبادة داود - محرابه – كان محوطًا بسُور لئلا يدخله أحدٌ إلا بإذن من حارس السُّور. كذا في التحرير والتنوير (23/ 232). وانظر للمزيد: المحرر الوجيز (4/ 498)، والكشاف (4/ 82)، ومفردات ألفاظ القرآن، والنهاية في غريب الحديث، واللسان، والقاموس (مادة: سور)، وروح المعاني (23/ 178).

() عبارة الجَصَّاص في أحكام القرآن له (3/ 499) تفيد أنه يقطع بكونهم من الملائكة. وقد قطع بهذا غيرُ واحد، منهم: أبو بكر ابن العربي المالكي في أحكام القرآن له، واسْتَحْسَن هذا القولَ الثعلبيُ. قال القرطبي (15/ 112): وعلى هذا أكثر أهل التأويل. انتهى. بل ادَّعى أبو جعفر النحاس في معاني القرآن (6/ 94)، وابن عطية في المحرر الوجيز (4/ 498) أنه لا خلاف بين أهل التأويل في كونهم ملائكة. وقد ذهب غير واحد إلى كونهم من الإنس، منهم: أبو محمد ابن حزم في الفصل (4/ 14)، وأنكر على القائلين بكونهم من الملائكة إنكارًا شديدًا، والنقاش (كما في القرطبي 15/ 109)، والفخر الرازي (26/ 194، 195)، وناقش أدلة الفريقين مفصلاً، وأبو حيان في البحر (9/ 151).

() جنايةُ كثيرٍ من القُصَّاص - وهم الوعاظ والمُذَكِّرون - على الأمة الإسلامية عظيمة، إذ أشاعوا بين المسلمين كثيرًا من الأحاديث والأخبار التي لا أصل لها، بحُجَّة حَضِّ الناس على الخير , وبعضهم لم يكن يتَعَمَّد التحديث بالموضوعات والأباطيل، ولكنه من الزُّهاد الذين غلب زُهْدُهم على تَثَبُّتِهم في الرواية، فيُؤتى من قِبَل الوهم والخطأ. ولا يكاد يَسْلَم من ذلك منهم سوى من كان من أهل العلم، كثابت البُناني رحمه الله تعالى، وهو من أثبت الناس في أنس بن مالك رضي الله عنه. وقد صنف غير واحد من العلماء في التحذير من أخبارهم التالفة، فمنها: أحاديث القصاص لابن تيمية، والباعث على الخلاص من أحاديث القصاص للحافظ العراقي، وتحذير الخَوَاص من أحاديث القصاص للسيوطي، و الثلاثة قد طُبعوا. وأنشد أبو حيان في البحر (9/ 151) قول الشاعر:

ونُؤْثِرُ حُكم العقل في كل شُبهةٍ إذا آثر الأخبارَ جُلَّاسُ قُصَّاص ِ

() لمعرفة مناسبة الآيات لما قبلها وما بعدها، انظر: نظم الدرر في تناسب الآيات والسور للبرهان البقاعي (16/ 355 – 365)، وما قبلها، وما بعدها، فإنه متخصص في هذا الباب.

() قال في الكشاف (4/ 77): فإن قلت: كيف تُطابق قوله: ?اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ? [ص: 17]، وقوله: ?وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ? [ص:17]، حتى عطف أحدَهما على صاحبه؟ قلت: كأنه قال لنبيه عليه الصلاة والسلام: ?اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ? [ص: 17]، وعَظِّم أمر معصية الله في أَعْيُنهم بذكر قصة داود، و هو نبي من أنبياء الله تعالى، قد أَوْلاه ما أَوْلاه من النُّبوة، والمُلك، لكرامته عليه، وزُلْفَته لديه، ثم زَلَّ زَلَّةً، فبعث إليه الملائكة، ووَبَّخَه عليها، على طريق التمثيل والتعريض، إلى أن قال: أو قال له صلى الله عليه وسلم: اصبر على ما يقولون، وصُنْ نَفْسَك، وحافظ عليها أن تَزِلَّ فيما كُلِّفْتَ، من مُصابرتهم، وتَحَمُّل أذاهم، واذكر أخاك = داود، وكرامته على الله، كيف زَلَّ تلك الزَّلَّة اليسيرة، فلقي من توبيخ الله، وتَظْليمه، ونسبته إلى البَغْي ما لقي. انتهى. وقد ذكرنا في المقدمة ما ذهب إليه الزمخشري في تفسير الآية، فبنى عليه ما نقلناه عنه هنا من التناسب.

() أي القوة في الدين والعبادة. وقد مَرَّ أن داود عليه السلام كان أعبد الناس. وليست أَيْدٍ هنا بجَمْعٍ ليَدٍ، كما قد يُظن، لأن جمع يَدٍ أيادٍ، وليس أَيْدٍ. ونَظيرُ هذا قوله تعالى: َ? والسماء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُون? [الذاريات:47]. وتفسير الآية على هذا المعنى مَرْوِي عن ابن عباس، وقتادة، وغير واحد. فلا حُجَّة لمُعَطِّلٍ في الاحتجاج بهذه الآية على تأويل صفات الرب تعالى. قال أبو بكر الرازي في مختار الصّحَاح (مادة: يدي) تعليقًا على قول الجوهري في الصحاح: واليَدُ القوة، وأَيَّدَه قوَّاه، وما ليَ بفلانٍ يَدَان: أي طاقة، وقال الله تعالى ?والسماء بنيناها بأَيْدٍ?. قلت – القائل الرازي -: قوله تعالى ?بِأَيْد? أي بقوة، وهو مصدر آدَ يئيد، إذا قَوِي، وليس جمعًا ليدٍ ليُذكر هنا، بل موضعه باب الدال. وقد نصَّ الأزهري على هذه الآية في الأَيْدِ بمعنى المصدر، ولا أعرف أحدًا من أئمة اللغة أو التفسير ذهب إلى ما ذهب إليه الجوهري من أنها جَمْعُ يَدٍ. انتهى. انظر للمزيد: مفردات ألفاظ القرآن، واللسان (مادة: أَيَدَ)، وأضواء البيان للشِّنقيطي (7/ 669)، والإبانة عن أصول الديانة لأبي الحسن الأشعري (ص 108، 109)، وفيه تفصيلٌ قوي. وللشيخ المَراغي رسالةٌ في هذا المعنى، منها نسخة مخطوطة بدار الكتب المصرية تقع في نحو ثلاث ورقات.

وهذا آخر ما تيسر من التعليق على هذه الرسالة الكريمة المَرْجُو نَفْعُها إن شاء الله تعالى. خَطَّه بيمينه: أفقر العباد إلى رحمة الله تعالى، و عفوه، ومغفرته: حسام الحفناوي، جَمَّل الله تعالى أحواله في الدَّارين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير