وصح عن عباس بن محمد الدوري الحافظ الناقد تلميذ يحيى بن معين (ت271هـ) (5) أنه قال عن العجلي: " إنا كنا نعده مثل أحمد بن حنبل ويحيى بن معين " (6).
وقال مالك بن عيسى بن نصر القفصي – أحد أئمة الحديث ونقاده بالمغرب (ت 305هـ) (7) وقد سئل: " من أعظم من رأيت بالحديث؟ فقال: أما من الشيوخ فأبو الحسن أحمد بن عبد الله بن صالح الكوفي الساكن بأطرابلس المغرب" (8)
وقال علي بن أحمد بن زكريا بن الخصيب الأطرابلسي – فقيه محدث صالح عابد (ت370هـ) (9) -: " إن ابن معين واحمد بن حنبل قد كانا يأخذان عن العجلي " (10).
وقال عنه أيضاً: " ثقة ابن ثقة " (11).
وقال الوليد بن بكر الأندلسي – المتقدم ذكره -: " كان أبو الحسن من أئمة أصحاب الحديث الحفاظ المتقنين من ذوي الورع والزهد " (12).
وقال الخطيب: " كان ديناً صالحاً " (13)
وقال الذهبي: " الإمام الحافظ الأوحد الزاهد " (14)
وقال ابن ناصر الدين الدمشقي: " كان إماماً، حافظاً، قدوة، من المتقنين وكان يعد كأحمد بن حنبل ويحيى بن معين " (15).
هذا بعض ما قيل في الإمام العجلي، مما يبين أنه من كبار النقاد وأعلام الحديث وأئمة الجرح والتعديل.
• كتابه في الجرح والتعديل:
(الاختلاف في اسمه،وشرطه فيه) (16):
لا شك أن معرفة الاسم الصحيح للكتاب من أهم ما ينبغي التأكد منه لمن أراد الاستفادة منه،ومن أوائل اسس التحقيق السليم، لأسباب كثيرة، ليس هذا موطن ذكرها.
وتسمية كتاب العجلي التسمية الصحيحة لها أهمية خاصة لأن الاسم الصحيح هو أو مُعين لمعرفة شرط الكتاب وغايته ومضمونه،وهي أمور وقع فيها خلاف نشأ عن الخطأ في تسمية الكتاب.
وقد طبع ترتيب كتاب العجلي عدة طبعات:
منها طبعة بتحقيق د. عبد المعطي القلعجي، باسم (الثقات للعجلي)، وطبع طبعة أخرى بتحقيق الأستاذ عبد العليم البستوي، باسم (معرفة الثقات من رجال أهل العلم والحديث، ومن الضعفاء وذكر مذاهبهم وأخبارهم) (17)
وأما اسم الكتاب في نسختي ترتيبه فاسمه في النسخة المخطوطة لترتيب الهيثمي: (ترتيب ثقات العجلي) (18)، وأسمه في نسخة ترتيب تقي الدين السبكي: (كتاب سؤالات أبي مسلم صالح أباه أبا الحسن أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي الكوفي، وهو مترجم بمعرفة الثقات من رجال أهل العلم والحديث ومن الضعفاء وذكر مذاهبهم وأخبارهم، أملاه أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي الكوفي على ابنه أبي مسلم صالح بن أحمد بالمغرب –) رحمهما الله تعالى -) (19).
أما الأسماء التي أطلقها الأئمة على الكتاب، فمختلفة: فسموه بـ (الثقات) و (الجرح والتعديل) و (التاريخ) و (معرفة الرجال)، و (السؤالات) وقال عبد العليم البستوي في مقدمة تحقيقه: " يظهر بعد هذا أن كل هذه الأسماء العديدة لكتاب واحد، وقد وصفه كل حسب ما بدا له بالنظر إلى موضوعه ومحتوياته فهو كتاب (الثقات) لغلبتهم عليه، وهو كتاب (الجرح والتعديل) كما هو واضح، وهو كتاب (التاريخ) بالمعنى المعروف عند المحدثين " (20).
قلت: لكن تسمية الكتاب بـ (الثقات) جرت إلى خطأ كبير عن هذا الكتاب، فلم يفهم على أن تسميته بـ (الثقات) لأن الثقات هم أغلب من ذكر فيه، بل فهم على أنه كتاب مختص بـ (الثقات) فقط، كثقات ابن حبان وابن شاهين!!.
فمن الحفاظ: يقول خاتمتهم الحافظ ابن حجر في (نزهة النظر): " ومنهم من أفرد الثقات بالذكر، كالعجلي، وابن حبان وابن شاهين " (21).
ومن المعاصرين: يقول فضيلة العلامة الأستاذ الدكتور أكرم ضياء العمري في (موارد الخطيب البغدادي):" أما كتب الثقات، فأول من صنف فيها: أبو الحسن أحمد ابن عبد الله بن صالح العجلي " (22).
إلا أن الصواب: أن كتاب العجلي ليس مختصاً بـ (الثقات) ففيه جماعة جرحهم العجلي نفسه، بالضعف تارة (23) وبالترك أخرى (24)، وبالكذب أحياناً (25)، وبالزندقة أيضاً (26)، بل لقد بوّب لكتابه باباً بعنوانه: " ومن المتروكين " كما في الجزء المتبقي من أصل كتاب العجلي (27).
إذن فكتاب العجلي ليس مختصاً بالثقات، ولذلك فإن أعتبر تسمية كتابه بـ (الثقات) خطأ، جرّ إلى خطأ اعتقاد اختصاصه بالثقات!.
¥