تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تحت السماء، وارتد الرداء المبلل في الشتاء، لا تفكر في الراحة البدنية، اجتنب سائر الملذات، نم على الأرض ولا تأنس بالمكان الذي أنت فيه، إذا مشيت فامش حذرا حتى لا تتخطى عظما أو شعرا، وحتى لا تطأ حشرة، وإذا شربت الماء فاحذر أن تبتلع بعوضة أو نحوها، لا تفرح باللذيذ ولا تحزن للرديء.

يقول كاتب هذا الحديث محمد تقي الدين الهلالي: عجبا للبراهمة يتورعون عن بلع البعوضة مع الماء الذي يشربون، وعن الوطء على النمل بأقدامهم حين يمشون، أما سفك دماء المسلمين رجالا ونساء وشيوخا وأطفالا فإنه عندهم من أقرب القربات التي ترضي آلهتهم، وتصعد أرواحهم إلى الملأ الأعلى.

كنت في لكنو عام 1343 ضيفا عند الدكتور محمد نعيم الأنصاري فوقعت معركة بين المسلمين والمشركين واستمرت ثمانية أيام، وتعطلت الأسواق وعجزت الشرطة التي يدير شؤونها الإنجليز عن إخماد نار تلك الفتنة، فإنهم كانوا يركبون بأعداد كبيرة في السيارات ولا يضعون شيئا، لأن الشرطة أيضا وإن كانوا تحت القيادة الإنجليزية فأكثرهم وثنيون والقليل منهم مسلمون، وجعل أغنياء الوثنيين عشر ربيات لكل من يأتيهم برأس مسلم أو مسلمة سواء أكان شيخا أو شابا، رجلا أو امرأة أو صبيا، صحيحا أو مريضا، فبقينا تلك المدة ليس لنا طعام إلا العدس، مع أن الدكتور الأنصاري كان يعيش معيشة المترفين، وكان غاندي موجودا، وكان له أتباع وأنصار وتلامذة في تلك المدينة فلم يهتم هو ولا غيره من البراهمة بإزهاق أرواح المسلمين، والمسلمون في مدينة لكنو لا يزيد عددهم على ربع سكانها، فقتلوا تقتيلا وكان الذين بدأوا بالعدوان وأوقدوا نار الحرب هم الوثنيين، وهذا يذكرنا بقول ابن عباس رضي الله عنهما لأهل العراق حين سألوه عن المحرم يقتل بعوضة ماذا عليه، فقال لهم: عجبا لكم يا أهل العراق سفكتم دم الحسين ومن معه من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ولم تتورعوا عنه ثم جئتم تسألونني عن قتل البعوض، ولا حاجة لنا إلى ذكر الماضي، فحوادث هذه الأيام فيها كفاية، فكلنا يعلم أن الدولة الوثنية الهندية التي تدين بدين البراهمة هجمت على خمسة وسبعين مليونا في باكستان الشرقية وأعملت فيهم السيف والقنابل والإحراق والتعذيب تحت سمع الدنيا وبصرها، فلم يغثهم أحد لا من المسلمين ولا من غيرهم، وهاهم يسرحون ويمرحون ويملون شروط الصلح على من بقي من المسلمين في باكستان الغربية، فقبح الله من زعم أن هذا عصر النور والحرية والمساواة وفي مثله ينبغي أن ينشد:

يا ليت لي من جلد وجهك رقعة فأقد منها حافرا للأدهم

اقتفاء جهلة المتصوفة آثار الهنادكة في تعذيب أنفسهم

من المعلوم أن الوثنيين في الهند لا يؤمنون بالأنبياء فعقائدهم ناشئة عن الجهل والرعونة فلا يستغرب منهم ذلك، والعجب كل العجب من قوم نشئوا في بلاد الإسلام في زمان كانت البلاد الإسلامية مشرقة بأنوار الكتاب والسنة ورايات الإسلام منصورة وأيامه في أيامهم مشهورة، ومع ذلك تركوا الكتاب والسنة وسيرة السلف الأمة واقتدوا بالبراهمة في تنسكهم السخيف، وسأورد هنا ما يتسع له المقام من حكاياتهم المضحكة المبكية.

الحكاية الأولى

ابن الكريتي ومرقعته، قال الحافظ أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي في كتابه تلبيس إبليس على الطوائف المختلفة بسنده إلى نصر عبد الله السراج ذكر عن ابن الكريتي وكان أستاذ الجنيد أنه أصابته جنابة وكان عليه مرقعة ثخينة فجاء إلى شاطئ دجلة والبرد الشديد فحزنت نفسه عن الدخول في الماء لشدة البرد فطرح نفسه في الماء مع المرقعة ولم يزل يغوص ثم خرج، وقال عقدت ألا أنزعها عن بدني حتى تجف عليّ فلم تجف عليه شهرا، ثم روى الحكاية بسند آخر إلى الجنيد قال سمعت أبا جعفر ابن الكريتي يقول: أصبت ليلة جنابة فاحتجت أن أغتسل وكانت ليلة باردة فوجدت في نفسي تأخرا وحدثتني نفسي لو تركت حتى تصبح يسخن لك الماء أو تدخل حماما وإلا اعبأ على نفسك، فقلت واعجبا أنا أعامل الله في طول عمري يجب على حق لا أجد المسارعة إليه، وأجد الوقوف والتباطؤ والتأخر، آليت لا أغتسل إلا في نهر وآليت لا أغتسل إلا في مرقعتي هذه، وآليت لا أعصرها وآليت لا أجففها في شمس أو كما قال، ثم قال ابن الجوزي: وكان وزن كُم هذه المرقعة وحده أحد عشر رطلا، قال محمد تقي الدين الهلالي الرطل اثنتا عشرة أوقية، والأوقية أربعون درهما، فإذا كان

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير