تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مما لا يفعله العدو بعدوه, فرأينا أن جمود الجامدين أخف ضررا مما تدعون إليه.

وأما قولكم: إنكم في هذه المخادعة ونصب الحبائل التي تصيب البيوتات بالدمار والخراب تقتدون بأهل أوربة .. فهو من العجب العجاب! فقد تقدم أن أهل أوربة لم يصنعوا ذلك بأيديهم وإنما هو صنع أجيال مضت، بل حاولوا أن يصلحوا تلك الحال، ودونكم البيان:

من المعلوم أن التزوج في البلاد التي لا تزال متمسكة بشريعة الإسلام وآدابه سائرا سيرا حسنا، ومعدل المتزوجات نحو خمس وتسعين في المائة، مع ما تعلمون من شدة ذلك الحجاب، وما ذلك إلا بفضل هداية الإسلام.

أتعلمون أن حكومة هتلر لما رأت أن المتزوجين في المدن الألمانية من الرجال والنساء لا يزيد عددهم على أربعين في المائة سنت قانونا يقضي بتقديم خمسة آلاف مارك (أي أربعمائة دينار، حسب الصرف في ذلك الزمان) لمن يريد التزوج. وهذا المبلغ يكون سلفا عند الزوجين، فإن ولد لهما ولد عفي لهما عن قسط منه، وإن استمرت المرأة تلد الأولاد أسقط عنهما دفعه.

وسنت الحكومة أيضا قانون تكريم الوالدات في كل سنة في الربيع وخصصت الحكومة لهن تحفا وهدايا ذات بال. وسنت قانونا يقضي بمساعدة كل والدين بلغ عدد أولادهما خمسة مساعدات مالية طيبة مع إسقاط الضرائب عنهما. هذا وكانت ضرائب العزاب رجالا كانوا أو نساء في زمان الحرب العالمية الأخيرة تساوي ثلث دخل الشخص في كل شهر، إذا كان راتبه عاليا، والأباء والأمهات الذين بلغ عدد أولادهم خمسة معفوة من الضرائب، ومع ذلك كله لم يزد عدد المتزوجين في المدن على أربعين في المائة، أما في القرى فقد كانت نسبة المتزوجين أعلى من ذلك لضرورة التعاون على المعيشة.

فإن قلت وأي الجنسين كان يتحمل تبعة قلة التزوج في المدن؟ أقول بلا تردد ولا شك الرجال، لأن كل امرأة أيم سواء كانت غنية أم فقيرة كان قلبها يحترق شوقا إلى الزواج، حتى إن الإنسان لا يجد موضوعا يتكلم فيه مع الأيم ليسرها ويطيب نفسها أحسن ولا مماثلا لموضوع الزواج، ولا سيما إن كانت من أولئك البائسات اللاتي تسلط عليهن أحد لصوص الزواج (هايرات شفندلر) فإن هؤلاء اللصوص المجرمين كم أهلكوا من فتيات كن كأزهار الربيع في غاية التألق والسعادة والنعيم فنقلوهن إلى جحيم الشقاوة وقضوا عليهن القضاء الأخير. وهؤلاء الشياطين يردون المدن في صورة شبان قد بلغوا الغاية في الجمال والتأنق وأجادوا كل شيء يغري الفتاة ويسيل لعابها من حسن الهندام والظرف ولطف الحديث وإتقان جميع أنواع الرقص والتبذير في النفقة، وحسن الذوق في انتقاء جميع الأشياء وانتقادها. وهؤلاء لهم أسماء متعددة وكلها من أسماء البيوتات الأرسطقراطية. وقد تكون لهم هويات جوازات متعددة تثبت ذلك ولا يصيدون إلا بنات كبار الأغنياء فيظهر اللص أولا للفتاة أنه ابن أمير أو غني كبير, ويذهب أمامها إلى البنك ويخرج مبالغ كبيرة من المال أو يبعث برقية إلى أحد شركائه فيأتيه المال في الحال، وترى تلك الفتاة صورة الفتيات اللاتي أوقعهن سوء طالعهن في حبالته ومكاتباتهن معه، فترى جمالهن وعلو أدبهن وكونهن من بنات البيوتات فتزداد استهواء وفتنة حتى إذا نضجت ثمرة خداعه وعميت الفتاة وطاش لبها، تظاهر بتأخر حوالة عظيمة كان قد طلبها من أبيه واخترع لذلك عذرا، فتقوم الفتاة الغرة وتأتيه بالمبلغ الذي يريده من المال فيأخذه، ولا يعسر عليه أن يخترع سببا لسفر عاجل وأنه سيرجع إليها, فيكون آخر العهد به، وقد يتركها في بعض الأحيان حاملا، ولكن هذا نادر جدا لأنهم يحتاطون للحمل باستعمال الوسائل المانعة منه، ولا يكادون يتساهلون فيها إلا بعد عقد النكاح بصورة رسمية.

وهل يعلم هؤلاء الدعاة أن المرأة في أرقى دول أوروبا تشعر بالحاجة إلى حماية الرجل وقواميته عليها، ورئاسته ولا يغنيها عن هذه الحاجة مال ولا علم ولا شرف ولا حسب ولا منصب أبدا. ومما يحكى في هذا المعنى أن الملكة البريطانية العظيمة فكتوريا جاءت يوما إلى غرفة زوجها، فدقت الباب، فقال من بالباب؟ فقالت أنا الملكة، فقال: لا حاجة لي بالملكة، فانتبهت في الحين إلى خطئها وتلافته، فقالت افتح! أنا عزيزتك فكتوريا، فقال الآن أفتح.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير