تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال صاحب سبل السلام عقب هذا الحديث: "وقد تقدم حديث أبي هريرة المتفق عليه وفيه "ولا تنكح البكر حتى تستأذن". وهذا الحديث أفاد ما أفاده فدل على تحريم إجبار الأب لابنته البكر على النكاح وغيره من الأولياء بالأولى وإلى عدم جواز إجبار الأب. ذهبت الحنفية والأوزاعى والثوري وأبوثور وأبوعبيد وابن المنذر وهوإحدى الروايتين لأحمد لما ذكر ولحديث مسلم: "البكر يستأذنها أبوها" وإن قال البيهقي زيادة الأب في الحديث غير محفوظة فقد رده المصنف بأنها زيادة عدل يعني فيعمل بها" اهـ ..

قال كاتب هذا المقال ومراده بالمصنف الحافظ ابن حجر العسقلاني.

وذهب أحمد والشافعي وإسحاق إلى أن للأب إجبار ابنته البكر البالغة على النكاح عملا بمفهوم "الثيب أحق بنفسها" كما تقدم فإنه دل أن البكر بخلافها وأن الولي أحق بها ويرد بأنه مفهوم لا يقاوم المنطوق وبأنه لوأخذ بعمومه لزم في حق غير الأب من الأولياء وأن لا يخص الأب بجواز الإجبار، وقال البيهقي في تقوية كلام الشافعي: "إن حديث ابن عباس هذا محمول على أنه زوجها من غير كفء"، قال المصنف: "جواب البيهقي هو المعتمد لأنها واقعة عين فلا يثبت الحكم بها تعميما"، قلت كلام هذين الإمامين محاماة عن كلام الشافعي ومذهبهم وإلا فتأويل البيهقى لا دليل عليه فلوكان كما قال لذكرته المرأة بل قالت إنه زوجها وهى كارهة فالعلة كراهتها فعليها علق التخيير لأنها المذكورة فكأنه قال صلى الله عليه وسلم: إذا كانت كارهة فأنت بالخيار.

وقول المصنف: "إنها واقعة عين" كلام غير صحيح بل حكم عام لعموم علته فأينما وجدت الكراهة ثبت الحكم وقد أخرج النسائي عن عائشة رضي الله عنها أن فتاة دخلت عليها فقالت: "إن أبي زوجني من ابن أخيه يرفع بي خسيسته وأنا كارهة" قالت: "اجلسي حتى يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم" فلما جاء وسول الله فأخبرته فأرسل إلى أبيها فدعاه فجعل الأمر إليها فقالت: "يا رسول الله قد أجزت ما صنع أبي. ولكن أردت أن أعلم النساء أن ليس للآباء من الأمر شيء". ولفظ النسائي "علم للبكر والثيب" وقد قالت هذا عنده صلى الله عليه وسلم فأقرها عليه والمراد بنفي الأمر عن الآباء نفي للتزويج للكراهة لأن السياق في ذلك اهـ.

قال صاحب هذا المقال: إن كان الأب مجبرا فما فائدة استئذان البكر وما فائدة صمتها أوتصريحها بالأباء إذ لابد للإستئذان من نتيجة وهي إما صمت يدل على الرضا فتزوج أوتصريح بالآباء يدل على الامتناع والكراهية فلا تزوج وإلا كان الاستئذان عبثا وأوامر العقلاء تصان عن العبث فكيف بأمر سيد العلماء والحكماء صلوات الله وسلامه عليه ولاعجب من الشارح كيف لم يتنبه إلى هذا المعنى ومن سوء الحظ أنه ليس عندي في الوقت الحاضر من شروح كتب الحديث غيره ..

قولها: "ليرفع بي خسيسته" قال في اللسان: "يقال رفعت من خسيسته إذا فعلت به فعلا يكون فيه رفعته".

قال الأزهري: "يقال رفع الله خسيسة فلان إذا رفع حاله بعد انحطاطها" إهـ

قال كاتب هذا المقال: ولا يخفى أن المصاهرة ترفع حال المتزوج وتلحقه بمنزلة من تزوج ابنته فإذا كان الشاب يتيما فقيرا، وإن كان البلوغ يضع لليتم حدا لكن عواقبه تستمر معه وكان عمه غنيا نابها من إشراف القوم فزوجه ابنته رفع ذلك قدره وأعلا منزلته بين الناس. وكأني بغراب من عبيد الاستعمار ينعب يقول: كيف تدعون أن الإسلام أعطى النساء حقوقهن في الميراث كاملة غير منقوصة مع أنه لم يجعل للمرأة إلا نصف ميراث الرجل، فأقول في جوابه أن الإسلام حين جعل للمرأة نصف ميراث الرجل قد وفاها حقها ولم ينقصها شيئا لأنه أوجب على أخيها أن ينفق عليها إن كانت محتاجة ولم تكن متزوجة ولأن الإسلام أوجب على أخيها صداقا يقدمه لزوجته زيادة على نفقتها ونفقة أولاده وإخوته الصغار ووالديه إذا كانا محتاجين أما أخته فإن تزوجت أخذت صداقها تتصرف فيه كيف تشاء وتأخذ ميراثها من والديها ونفقتها على زوجها وكذلك نفقة أولادها وإن كانت غنية، فلوأن الإسلام سوّى بين الأخ وأخته مع ما أوجبه على الأخ من النفقات التي لا يجب منها شيء على الأخت لكان قد حمّله ما لا يطيق فإذا كانت الأخت نفقتها على أبيها أوأخيها أوزوجها ومع ذلك تأخذ نصف ما يأخذه أخوها على سبيل الإحتياط تحفظه لتقلبات الزمان فقد رفق بها الإسلام غاية الرفق وأكرمها غاية الإكرام.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير