تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو عمر الدوسري]ــــــــ[17 - 03 - 06, 06:12 م]ـ

الثقافة التي نحتاج إليها

الدكتور محمد تقي الدين الهلالي: المدرس في الجامعة

هذا موضوع مهم جدا وواسع يحتاج بيانه بالتفصيل إلى تأليف كتاب مستقل، ولكن نجمل الكلام فيه إجمالا حسبما يسمح به المقام فنقول: إن كل شعب يبغى أن يعيش سعيدا يحتاج إلى أمور ..

أولها: القوة الروحية وهي تتوقف على الدين الصحيح الذي يملأ قلوب أبناء الشعب إيمانا وحماسة ويؤلف بينهم ويكون العروة الوثقى التي لا تنفصم، ومن أراد أن يرى بعينيه شاهدا على ذلك فلينظر إلى العرب قبل الإسلام وبعده. وأما حالهم قبل الإسلام فكل من له أدنى إلمام بالتاريخ يعرفها حق المعرفة. ومن لم يكن له إلمام بالتاريخ ففي القرآن الذي هوكتاب متواتر لا يشك في تواتره أحد لا موافق ولا مخالف، فيرى فيه أن العرب كانوا يقتلون أولادهم بسبب الفقر ويئدون بناتهم لأسباب خسيسة وكانوا لا يورثون الإناث ولا الصبيان لأنهم كانوا يحصرون امتلاك الأموال في من يحمل السلاح ويقاتل لأن العاجز عن ذلك كالنساء والصبيان لا يستطيع أن يدافع عن المال ويصد عنه غارات المغرين المتوالية إذ كان يجب على كل من يملك شيئا أن يقاتل عنه ضرورة أنه لم يكن لهم قانون ولا دولة ولا نظام ولا وازع ديني يكفّهم عن سلب الأموال والأرواح بل كانوا يرثون النساء زيادة على عدم توريثهم كما قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً} سورة النساء.

قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: "قال البخاري بسنده إلى ابن عباس قال كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته إن شاء بعضهم تزوجها وإن شاءوا لم يزوجوها فهم أحق بها من أهلها فنزلت هذه الآية .. هكذا ذكره البخاري وأبوداود والنسائي وغيرهم من حديث أبي إسحاق الشيبانى. ومن هنا نعلم فضل الإسلام على العرب أولا ثم على جميع المسلمين ثم على جميع العالمين كيف رفع قدر النساء بعد أن كن متاعا يورث كسائر الأموال ولم يكن أحد يفكر لا من العرب ولا من غيرهم في تسويتهن بالرجال في حرية التصرف بأنفسهن وفي أموالهن حتى جاء الإسلام فرفع عنهن هذه العبودية وأعطاهن حقا مساويا للرجال في الميراث فيما فرض الله لهن وفي أنهن إذا كن بالغات سن الرشد لا يتزوجن إلا برضاهن ولا يستطيع أحد أن يكرههن على التزوج بمن لا يرغبن فيه، ودونك الدليل: أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن" قالوا: "يا رسول الله وكيف إذنها؟ " قال: "أن تسكت".

وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر تستأمر وإذنها سكوتها" رواه مسلم. وفي لفظ أي من رواية ابن عباس "ليس للولي مع الثيب أمر واليتيمة تستأمر .. " رواه أبوداود والنسائي وصححه ابن حبان. اهـ. وإنما اكتفى الشارع الحكيم من البكر بالصمت لغلبة الحياء عليها. قال العلماء فإن وقع شك في رضاها أمرت بالتكلم ويجب أن تخبر قبل ذلك بأنه لا مكره لها وأنها إن امتنعت لا يستطيع أحد أن يزوجها كما سيأتي صريحا في الحديث. قال صاحب سبل السلام: "والإذن من البكر دائر بين القول والسكوت إنما اكتفى منها بالسكوت لأنها قد تستحي من التصريح. وقد ورد فى رواية أن عائشة قالت: يا رسول الله إن البكر تستحي قال: "رضاها صماتها". أخرجه الشيخان، ولكن قال ابن المنذر: "يستحب أن يعلم أن سكوتها رضي، قال ابن شعبان يقال ثلاثا إن رضيت فاسكتي وإن كرهت فانطقي" اهـ.

حديث آخر عن ابن عباس أن جارية بكرا أتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه أحمد وأبوداود وابن ماجه وأعل بالإرسال، وأجيب عنه بأنه رواه أيوب بن سويد عن الثوري عن أيوب موصولا، وكذلك رواه معمر ابن سليمان الرقى عن يزيد بن حبان عن أيوب موصولا، وإذا اختلف في وصل الحديث وإرساله فالحكم لمن وصله، قال المصنف: "الطعن في الحديث لا معنى له لأن له طرقا يقوي بعضها بعضا" اهـ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير