الله عنهم أنهم سلّموا تسليمة واحدة , وهو من الاختلاف المباح , والاقتصار على
الجائز. وذكر نحوه الترمذي عن الصحابة ثم قال: قال الشافعي: إن شاء سلّم تسليمة واحدة , وإن شاء سلّم تسليمتين.
حديث (323): ((دعها عنك ـ يعيني الوسادة ـ إن استطعت أن تسجد على الأرض , وإلا
قأوم إيماءً , واجعل سجودك أخفض من ركوعك)).
قال (1/ 643): ((وقد روى أبو عوانة في مسنده 2/ 238 عن عمر بن محمد قال: دخلنا على
حفص بن عاصم نعوده في شكوى , قال: فحدثنا , قال: دخل عليَّ عمي عبد الله بن عمر ,
قال: فوجدني قد كسرت لي نمرقة ـ يعيني الوسادة ـ , قال: وبسطت عليها خمرة قال: فأنا أسجد عليها , قال: فقال لي: يا ابن أخي! لا تصنع هذا , تناول الأرض بوجهك , فإن لم تقدر على ذلك فأومئ برأسك إيماءً)).
- حديث (269): ((من تعزى بعزى الجاهلية , فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا)).
قال: ((قد عمل بهذا الحديث الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه , فقال:
من اعتز بالقبائل فأعضوه , أو فامصوه)).
والأمثلة كثيرة عند الألباني بحيث تدلل على أن هذا من صميم منهجه , ومنها الأحاديث
(2402) , ذكر في تقويته قول الشافعي , ومن يفتي به , ومن عمل به.
والحديثان (2369) و (2408) , ذكر فتوى للصديق أبي بكر رضي الله عنه.
والأحاديث التي يستشهد بالموقوف والمقطوع كثيرة , بالإضافة لما ذكرنا , فمنها:
الحديث (30) ذكر له ستة آثار موقوفة.
والأحاديث: (42) و (51) و (60) و (107) , ذكر موقوفات لتعضيدها , وقولاً للتابعي
في الحديث (109) عن مجاهد , وكذا الحديث (2402).
وقد يستشهد بالقرآن كما في (5/ 596) وغيره.
إلا أن الشيخ له منهج مختلف عمّا يفعله هذا المخالف: فأغلب الموقوفات ـ إن لم يكن
كلها ـ تكون أمورًا غيبية , لا مجرد أقوال وأفعال محتملة , لذا لا يجد الشيخ غضاضة
في الاستشهاد بها لغلبة ظنه أنها متلقاة عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
وكذا عمل الصحابة , لا يقوي به إلا عند الأمن من حصول الاختلاف بينهم , بحيث يطمئن
إلى أنه أيضًا يشبه أن يكون متلقي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولا تجده يفعل ذلك في المسألة المختلف فيها إلا عند سهو , ومثل ذلك ما يذكره من أقوال التابعين.
فهذه ضوابط التقوية عند الألباني بالموقوف والمقطوع , والفتوى والعمل , أما غيره كالمخالف فلا يميز.فلكي يقوي حديث: ((كان يستدفئ بعائشة بعد الغُسل)).
استشهد له بقول ابن عباس (2/ 356) قال في الاستدفاء: ((ذاك عيش قريس في الشتاء))
.
فقال: ((وله حكم المرفوع! والآثار عن الصحابة في استدفاء الرجل بامرأته بعد الغسل متوافرة)) , ثم ذكر قول الترمذي: ((وهو قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين: أن الرجل إذا اغتسل فلا بأس أن يستدفئ بامرأته , وينام معها قبل أن تغتسل المرأة , وبه يقول سفيان الثوري , والشافعي , وأحمد , وإسحاق))
.
قلت: فقوى الحديث بقول ابن عباس , وقول بعض أهل العلم.
ولو نظرنا لهذا المثل لوجدناه مجرد فعل مباح من أفعال العادات ولا دخل للتعبد فيه ,
وليس هو قولاً , ولا يدل على أنه غيب , أو أنه متلقى بالضرورة عن الرسول صلى الله عليه وسلم , بل قول ابن عباس فيه إشعار بأن هذا العمل أصلاً من عادات قريش المتأصلة عندهم , ولا يلزم أنهم أخذوها عن الإسلام.
فقوله: ((له حكم المرفوع)) , و ((فيه تقوية للمرفوع ولا بد)) , مجرد تحكم لا دليل على الأخذ به إلا الهوى أو الجهل بقواعد العلم. إنما يجوز تقوية المرفوع بما يجانسه , أو على الأقل ما يشابهه , لذا كان من حُسن صنيع الألباني التقوي بمثل هذه الأدوات في مواضع دون مواضع , أما اطراد ذلك فخطأ محض , ويفضي إلى التقول على الرسول صلى الله عليه وسلم.
وللمخالف أمثلة لا تُحصى تدل على فجاجة أسلوبه , وحمق منهجه في العلم.
ومن شراهته في التعقب على الشيخ التي توقعه في الاضطراب والتناقض , ما فعله في الحديث (2/ 267 رقم 92) عن ابن عباس مرفوعًا: ((إنما الوضوء على من نام مضطجعًا))
.
¥