تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فإنه بعد أن قرر ضعفه , فقال ص 269: حكم عليه أبو داود وغيره بالنكارة. عاد فقال: والحديث ليس بمنكر على طريقة الفقهاء لوجود الشواهد المعنوية له من الموقوف وغيره , وقد ذكر أبو داود عجز الحديث مع ما فيه (1) , لأنه ذهب للعمل به جماعة من الصحابة , ومن بعدهم فلم يجتمع الناس على ترك الاحتجاج به.

ثم ذكر أثرًا عن عمر وهو منقطع , ولم يعلم , فزيد بن أسلم لم يسمع من عمر بن الخطاب

, بل لم يسمع إلا حديثين من عبد الله بن عمر بن الخطاب , لأنه كان طفلاً صغيرًا ,

يدخل عليه فلا يقول: ((السلام)).

ثم ادعى أنه مذهب أبي هريرة , وذكر كلام ابن التركماني في الجوهر النقي في أكثر من

صحيفة , ثم قال: ((وملمح ابن التركماني أن الحكم لا يكون للإسناد بمفرده , فالعمل يقوي الحديث المتكلم في أحد رجاله , والقدح في أحد رجال الإسناد لا يعني القدح في المتن , وهو اتجاه قوي)).

قلت: المتقرر في الأصول أن المنكر لا يصلح أن يدخل ضمن عناصر التقوية , وهذا ما صحت به , ولم تسكت , ونقلته مرارًا عن الترمذي في تعريف الحديث الحسن , وشرطت لقبول حديث المستور شرطين لم توفِ بهما، ومنهما.فإذا تقرر أن حديث ابن عباس هذا أنكره أبو داود وغيره من الأئمة , وأن الصواب فيه الوقف (2).فكيف يصح في العقل السليم تقوية الخطأ؟.

ثم قوله: ((فالعمل يقوي الحديث المتكلم في أحد رجاله .... )) , ليس محله هنا , لأن الحديث استنكر لهذا المتكلم فيه , فخرج من الخطأ المحتمل لذاك الراوي إلى الخطأ المحقق وهو المنكر , وقد قررتَ ذلك في مقدمتك في الرد على الألباني في كونه جعل الضعيف يفيد الظن الراجح فنفشت ريشك عليه هناك. فما لنا نراه مقصوصًا الآن؟.


(1) على طريقته في تقديس أهل التصنيف , ومحاولة إلباسهم لباس العصمة!.
(2) وقد لجأ للإجمال في ذكر من أعل هذا الحديث , وهذا شأنه يخنس ويدحر في كل ما لا
يوافق هواه!.

*****

ومع ذلك فإطلاق أن العمل يقوي الضعيف خطأ , بل العمل لا يقوي الضعيف , كما أن عدم
العمل لا يضعف الصحيح!.
وهذا الإمام أحمد يقول في الضعيف: ((ليس بصحيح والعمل عليه)) , وهذه قاعدة هامة فإن العمل بالضعيف لم يتغير حاله عند الإمام أحمد , بل ظل غير صحيح كما هو , إلا أنه يعمل بمحتواه كما هو معروف عنه وعن غيره من الأئمة في فقه العمل بالضعيف أنه يُعمل بمعناه ولا يعكس العملية , يعني نجعل عمل ذاك الإمام أو الصحابي أو التابعي مقويًّا لضعيف الرواية , لأنه مهما عمل به أحد , فإن الأمر يئول إلى أنهم عملوا بمعناه وليس لكونه صحت نسبته عندهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
لأن الأصل الذي لا يمكن العبث به هو أن الأئمة مجمعون على التشدد في أحاديث الأحكام
وأن لا ينسب لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ما صحَّ اقتداءً بفعل الصحابة في الاحتياط في الرواية عن الرسول صلى الله عليه وسلم وصيانة لجناب الشريعة.
وقد اضطرب المخالف في هذه المسألة فساق فصلاً في إثبات عمل الأئمة بالضعيف في
المقدمة (آخر الفصل الثالث ص 121 و 126)، ثم نسى بعد ذلك فصار يعكس الأمر فيقوي
الضعيف بعمل الأئمة وهم أصلاً عملوا (بالضعيف) من باب الاحتياط ومحبة العمل بما
فيه إسناد ولو ضعف , وكراهة العمل برأي الرجال ولو قوي , مع ملاحظة اندراج هذا
الضعيف في الأصول وعدم منافرته لها.
مثال ثالث: ما ذكره (2/ 213 رقم 70): حديث ثور بن يزيد , عن رجاء بن حيوة , عن
كاتب المغيرة , عن المغيرة بن شعبة قال: ((وضأت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك , فمسح أعلى الخفين وأسفلهما)) , قال أبو داود: وبلغني أنه لم يسمع ثور هذا الحديث من رجاء.
فبعد الاعتراف بعلة الحديث بقوله: ((فيبقى التعويل في هذا الحديث على المرسل وهو
أيضًا ضعيف الإسناد , فإن رجاء بن حيوة لم يلق كاتب المغيرة , كذا قال أحمد
والبخاري وأبو زرعة ... )) , عاد فتناقض فقال: ((وإن صح سماع رجاء من ورَّاد
الثقفي فيكو نهذا المرسل صالحًا للعمل به، فإنه يتأيد بعمل ابن عمر رضي الله عنهما
.... على أن الحديث لم يسكت عليه أبو داود , ومع ذلك فالوهن فيه ليس بقوي كما ترى ,
وقد جرى عمل كثير من الأئمة على معنى الحديث وهو غسل أعلى الخف وأسفله , وإن
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير