ثانياً: من السُّنة: ما رواه البخاري (1503) ومسلم (984) عن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال: (فرض رسول الله زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعًا من شعير على العبد والحرِّ والذَّكر والأنثى والصَّغير والكبير من المسلمين، وأمر أن تُؤدى قبل خروج النَّاس إلى الصلاة) < o:p>
فقوله (فرض) نصٌ في الوجوب، وقوله (أمر بها) تأكيداً للحكم السابق.< o:p>
ثالثاً: الإجماع، نقله غير واحدٍ من علماء المسلمين:< o:p>
- قال إسحاق ابن راهويه كما في شرح مسلم للنووي (3/ 12): (إيجاب زكاة الفطر كالإجماع من أهل العلم) < o:p>
- قال ابن المنذر في رسالته (الإجماع) (ص: 56): (وأجمعوا على أن صدقة الفطر فرض) < o:p>
- وقال البيهقي في الكبرى (4/ 159): (أجمع العلماء على وجوب صدقة الفطر) < o:p>
- و قد عدَّ الإمامُ ابن عبد البَّر- رحمه الله- القولَ بعدم وجوبها ضربًا من الشذوذ، فقال كما في فتح المالك (5/ 81): (القولُ بأنَّها غيرُ واجبةٍ شذوذٌ أو ضربٌ من الشذوذ).< o:p>
المبحث الثاني: شروط وجوبها< o:p>
ذكر العلماء ثلاثة شروط لصدقة الفطر وهي كالآتي:< o:p>
1- الإسلام: فلا فطرة على من لا إسلام له؛لأنَّ الفطرة قُربة من القُرُبات وطُهرة للصائم، والكافر ليس من أهل ذلك (7)؛ ولأنَّ الحديثَ قيَّدها بالمسلمين كما في الصّحيحين عن بن عمر- رضي الله عنهما- قال: (فرض رسول الله زكاة الفطر من رمضان على النّاس صاعًا من تمر، أو صاعاً من شعير، على كل حرّ وعبد، وذكر وأنثى من المسلمين) (8) < o:p>
2- الحُرِّية: فليس على الرقيق فطرة نفسه، ولا فطرة غيره، وإنما يتحمَّلها عنه سيّدُه.< o:p>
3- اليسار: فالمُعْسِر لا فطرة عليه بلا خلاف، والإعتبار باليسار والإعسار حالَ الوجوب، فمن فضل عن قوته وقوت من تلزمه نفقته لليلة العيد صاع، فهو موسر، وإن لم يفضل فهو معسر كما سيأتي بيانه – إن شاء الله تعالى-.< o:p>
قال ابن المنذر- رحمه الله- كما في المجموع للنووي (7/ 191): (أجمعوا على أنّ من لا شيء عنده فلا فطرة فطرة عليه) < o:p>
المبحث الثالث: ضبط اليسار< o:p>
يُشترط أن يملك المُخرِج فاضلاً عن قوته وقوت من يلزمه نفقته ليلة العيد ويومه، وهو مروي عن عطاء، والشعبي، وابن سيرين ومالك، والشافعي، وأحمد. (9) < o:p>
وقال أبو حنيفة: لا يجب إلا على من يملكُ نصاباً من الذَّهب والفضَّة، أو ما قيمتُه نصاباً فاضلاً عن مسكنه وأثاثه الذي لا بُدَّ منه، وقول الجمهور هو الصَّحيح لما يلي: < o:p>
1- قال – صلى الله عليه وسلَّم -: (من سألَ وعنده ما يغنيه، فإنما يستكثر من النَّار، فقالوا يا رسول الله: وما يغنيه؟ قال: (قدر ما يغذيه ويعشيه) خرّجه أبو داود في سننه، وإسناده صحيح كما في صحيح أبي داود للألباني (1629) < o:p>
2- روى أبو عبيد القاسم في كتابه (الأموال) بإسناده عن سهل بن الحنظليّة- رضي الله عنه- قال- صلى الله عليه وسلم- (من سأل الناس عن ظهر غنى فإنه يستكثر من جهنّم قلتُ (سهل): يا رسول الله وما ظهر الغنى؟ قال: أن تعلم أنّ عند أهلك ما يُغديهم أو يُعشِّيهم) < o:p>
3- عموم قوله (أما غنيّكم فيزكيه الله تعالى، وأما فقيركم فيرد الله عليه أكثر مما أعطاه) خرّجه أبو داودً< o:p>
4- ولأنها لو تعلقت بالغنى لكثرت بكثرته كسائر الزكوات، ولما يكن كذلك كانت كالكفارة< o:p>
- قال المازَري المالكي- رحمه الله-: (في قوله (على الناس) حجة للكافة في وجوبها على الحضري والبدوي، والغني والفقير؛ لأنه زكاة بدن، لا مال) (10) < o:p>
- وقال الشوكاني – رحمه الله- في نيل الأوطار (4/ 180): (ويعتبر أن يكون مخرج الفطرة مالكاً لقوت يوم وليلة، ولا فرق بين الغني والفقير في ذلك؛ لأنّ النُّصوصَ أطلقت، ولم تخص غنياً ولا فقيراً، ولا مجال للاجتهاد في تعيين المقدار الذي يعتبر أن يكون مُخرِج الفطرة ولا سيما ولأنَّ العلة التي شرعت لها الفطرة موجودة في الغنيّ والفقير وهي التطهر من اللغو والرفث واعتبار كونه واجداً لقوت يوم وليلة أمرٌ لا بدّ منه .. ) < o:p>
المبحث الرابع: هل تجب الفطرة على من عليه ديْن؟ < o:p>
¥