للعلماء في هذه المسألة ثلاثُة أقوال، طرفان ووسط:< o:p>
القول الأول: تجب عليه مطلقاً، سواء طُلب بالديْن أم لا< o:p>
القول الثاني: لا تجب مطلقاً سواءً طولب بالديْن أم لا< o:p>
القول الثالث: التفصيل في ذلك، و إليه إشارة الزركشي في شرحه للخِرقي (2/ 547)، وهو التحقيق (11) < o:p>
أ- حالة عدم المطالبة: إن لم يُطالب صاحب الَّديْن بديْنه لزمته الفطرة لثُبوتها في ذمته؛ ولأنها و الحال هذه أكد وجوباً بدليل وجوبها على كل قادر من المسلمين، فجرت مجرى النفقة< o:p>
ب- حال المطالبة: إذا طالب صاحب الدَّيْن بديْنه، وجب على الَمدِين قضاءه، وتسقطُ عنه الفطرة، لأن تسديد الديْن عند المطالبة آكدٌ من إخراج الفطرة، وذلك لكونه حق آدميّ مُتعيّن لا يسقط بالإعسار؛ ولأنه إذا تزاحم حقُّ اللَه مع حق الآدمييّن -في الأموال-، قُدِّم الأخير لغنى الله سبحانه، ولفقر المخلوقين < o:p>
بالإضافة إلى كون الِّدين أسبقُ سبباً، وأقدم وجوباً، يأثم بتأخيره لقوله-صلى الله عليه وسلّم - (مطلُ الغنيّ ظلم)؛ ولأنّ تأخيرَه يفضي إلى التباغض والمشاحنة المنهيّ عنهما (12) < o:p>
تنبيه: ذَكَر ابن نجيم الحنفي في الأشباه والنظائر (ص:366) ما يمنع الديْن وجوبَه، وما لا يمنع، فذكر صدقة الفطر، ثم نقل الاتفاق على ذلك< o:p>
قلتُ: يُحمل الاتفاق الذي نقله ابن نُجيم- رحمه الله- على حال المطالبة، وإلا فالخلاف ثابت كما سبق والله تعالى أعلم.< o:p>
المبحث الخامس: هل يستدين لإخراجها؟ < o:p>
من لم يكن عنده فضل قوته وقوت عياله فلا تلزمه الفِطرة، ولا يجب عليه أن يقترِض لإخراجها، لكن إنْ اقترض وغلب على ظنِّه الوفاء، فهذا إحسان منه، والأ صل في ذلك كّله قوله تعالى {واتقوا الله ما استطعتم}، وقوله-صلى الله عليه وسلم-: (إذا أمرتُكم بأمر فاتوا منه ما استطعتم)؛ ولأنه لا واجب مع العجز < o:p>
- وذهب المالكية- في المعتَمَد- أنَّه يجبُ عليه أن يقترض، إذا وجد من يُقرضه وكان يرجو القضاء؛ لأنَّه قادر حكماً< o:p>
قال الإمام مالك- رحمه الله- كما في الكافي لابن عبد البر (ص:111): (يستسلف إذا وجد من يُسلف ويؤدي) < o:p>
والصواب: ما تقدم من عدم وجوب ذلك عليه؛ لأنَّ القُدرة على الاقتراض مع إعساره لا تُخرجه عن الإعسار، ولأنَّ الله- عز وجل- {لا يكلف نفساً إلا وسعها} < o:p>
المبحث السادس: في وقت وجوبها< o:p>
اتفّق الفقهاء على إستحباب إخراج الفطرة صَبيحة يوم العيد قبلَ الخروج للصّلاة؛ لحديث ا بن عمر، و اختلفوا في تحديد وقت وجوبها< o:p>
فذهب الجمهور: مالك (13)، والشافعي في الجديد (14)، وأحمد (15) إلى أنّ وقت وجوبها يبدأ من غروب شمس اليوم الأخير من رمضان، وأستُدل لهم بـ: < o:p>
1- ما رواه مسلم في صحيحه (984) عن عبد الله بن عمر-رضي الله عنها-: (أنّ رسولَ الله فرض زكاةَ الفطر من رمضان ... ) الحديث، فقوله (من رمضان) فيه أنَّ وقتَ وجوبها إنّما هو بعد غروب شمس رمضان< o:p>
2- زكاة رمضان تسمى (زكاة الفطر) فهي متعلّقة بالفطر لفظًا وحكماً، والفِطر في رمضان يتحقَّق بغروب الشَّمس ليلة عيد الفطر*< o:p>
- وقال آخرون: تجب بعد طلوع فجر يوم العيد، وهو مذهب الحنفيّة، والرواية الثانية عن مالك، وهو اختيار ابن حزم (16)، وأستدل لهم بـ:< o:p>
1- ما رواه البخاري (1503) من حديث بن عمر-رضي الله عنهما - (وأمر أن تُؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة) < o:p>
2- إنما يتبيّن الفطر الحقيقي بالأكل بعد طلوع الفجر من يوم العيد؛ لأنّ الليل ليس محلاً للصوم< o:p>
سبب الخلاف:< o:p>
الذي يظهر- والله أعلم- أنّ حرف المسألة يكمن في اختلافهم في تحديد معنى (الفِطر) في حديث عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-، هل هو الفطر المُعتاد في سائر أيام الشهر، فيكون وقت الوجوب عند الغروب، أم أنّ المقصود به الفطر؟ < o:p>
الترجيح:< o:p>
¥