وردت أحاديث كثيرة فيمن يُؤتى أجره مرتين، جُمِعتْ في رسالة اسمُها (مطلع البدرين فيمن يؤتى أجره مرتين)، وأخرى بعنوان (أزهار الروضتين فيمن يؤتى أجره مرتين) للغماري، وقد أوصلها السيوطي في تنوير الحوالك (765) إلى نيفاً وثلاثين في نظم سلس، قال في بدايته:< o:p>
وجمعٌ أتي فيما رويناه أنّهم يثني لهم أجر حووه مُحققاً< o:p>
فأزواج خير الخلق أوّلهم ومَنْ على زوجها أو للقريب تصدقا< o:p>
المبحث الثالث: هل يجوز لمُخرِج الفطرة أخذَها؟ < o:p>
يجوز لمُخرج الفطرة أخذها بعينها كما هو مذهب الشافعيّة، والمعتمد عند الحنابلة، خلافاً للمالكية< o:p>
قال الشافعي كما في المجموع (7/ 234): (ولا بأس أن يأخذها بعد أدائها، إذا كان محتاجاً) < o:p>
قال في الروض المربع (ص:195) (إنْ عادت إلى إنسان صدقته جاز ما لم يكن حيلة) < o:p>
وقال مالك: لا يجوز أن يأخذها بعينها؛ لأنه يمنع من عود الصدقة إلى مخرجها، كما يُمنع من ابتياعها< o:p>
قلتُ: ولعلّ أرجح القولين ما ذهب إليه مالك؛ نظراً لما يترتب على القول به من حسم المادة، وسد الذريعة، ومن تأمّل مذهب مالك وجده أكثر المذاهب تطبيقاً لهذا المبدأ، قال ابن أبي الكفّ في نظمه لأصول المذهب:< o:p>
وسدُّ ذرائع الفساد فمالكٌ له على ذه اعتماد< o:p>
فإعمال مبدأ الذرائع خصيصة تميّز بها مالك، أوجبت له ثناء المنصفين من المذاهب الأخرى< o:p>
قال الذهبيّ في السيّر (8/ 62): (وبكل حال فإلى فقه مالك المُنتهى، فعامة آرائه مسدّدة، ولو لم يكن له إلا حسم مادة الحيلة ومراعاة المقاصد لكفاه) < o:p>
المبحث الرابع: هل يجوز نقل الفطرة من بلد إلى آخر؟ < o:p>
الأصل في الزكوات أن لا تُنقل عن محل مُخرجها؛ لحديث أنس بن مالك في البخاري (63)، وفيه أنّ ضمام قال للنبيّ-صلى الله عليه وسلم-: ( .. أُنشدك بالله، آلله أمرك أن تأخذ هذه الصدقة من أغنيائنا، فتقسمها على فقرائنا؟ < o:p>
فقال: اللهم نعم) < o:p>
-- أما إذا استغنى أهلُ بلده، أو أراد نقلها إلى أحد أقاربه جاز ذلك< o:p>
سُئل الإمام أحمد عن رجل له قرابة محتاجون في غير بلده الذي فيه، ترى أن يُؤخذ إليهم من زكاة ماله؟ قال: نعم يُجزئ) (33) < o:p>
فائدة:< o:p>
من أمضى رمضان في بلد، ثم سافر إلى بلد آخر، وجب عليه أن يُخرجها في البلد الذي يطلع عليه فيه فجر العيد< o:p>
المبحث الخامس: هل يبعث المغترب بفطرته إلى بلده الأصيل؟ < o:p>
الأحوط أن يخرجها في البلد الذي صام فيه ودخل عليه فجر العيد فيه؛ لان الذي وجبت عليه هو السبب الرئيس لوجوبها، فتفرق في البلد الذي سببها فيه؛ ولأن ذلك أبرأ لذمته، فقد يتأخر وصولها إلى بلده الأصيل، وبمثل هذا أفتى العلامة الألباني- قدس الله روحه- كما في سلسلة الهدى والنور.< o:p>
- وأما إنْ جهل فقراء البلد الذي نزل به، وَكّل مَنْ يُخرج عنه في بلده الأصيل، وهو المبحث السادس.< o:p>
المبحث السادس: هل يجوز التوكيل في إخراج الفطرة؟ < o:p>
يجوز للمكلف أن يوكّل غيره بأن يُخرج عنه الفطرة من ماله، أي: مال الموّكِل، إلا أنه يُستحب أن يخرجها بنفسه حتى يتيقّن وصولها إلى مستحقيها< o:p>
قال الإمام أحمد رحمه الله: (أعجب إليّ أن يُحرجها بنفسه، وإن دفعها إلى السلطان فهو جائز) < o:p>
تنبيهان:< o:p>
الأول: لو أخرج إنسان الفطرة عن أجنبي بغير إذنه لا يُجزؤه بلا خلاف (34)؛ لأنها عبادة فلا تسقط عن المكلَف بها بغير إذنه، أما إن أذن له أجزأ، ومن هنا يتبيّن خطأ بعض الآباء الذين يُخرجون فطرة أبنائهم المغتربين من غير إعلامهم بذلك، والله المستعان.< o:p>
الثاني: لا يُجزئ إخراج الفطرة إلا بنية لقوله (إنما الأعمال بالنيات .. )، وأداؤها عمل؛ ولأنها عبادة تتنوّع إلى فرض ونفل، فافتقرت إلى النية كالصلاة.< o:p>
ومعنى النية المُشترَطة: أنْ يقصد المُخرِج بقلبه أن ما أخرجه هو زكاة فطره.< o:p>
¥