وذهبت الحنفية إلى أن الواجب إخراجه في القمح نصف صاع، وكذا دقيق القمح وسو يقه، وهو مرويّ عن الخلفاء الراشدون، وابن مسعود، وجابر بن عبد الله، وأبي هريرة، وعمر بن عبد العزيز، وكبار التابعين، وأختاره أحمد في رواية، وابن المنذر، وغيرهم، بل نقل الطحاوي في ذلك الإجماع، وكذا الزيلعي في نصب الراية (2/ 406) < o:p>
قال الطحاوي: وما علمنا أنّ أحدا من أصحاب رسول الله، ولا من التابعين روى عنه خلاف ذلك، فلا ينبغي لأحدٍ أن يُخالف ذلك؛ إذ كان قد صار إجماعًا) شرح معاني الآثار (2/ 41) < o:p>
- وأستدل الحنفيّة بأحاديث، وآثار كثيرة، نذكر منها:< o:p>
1- حديث عبد الله بن ثعلبة- رضي الله عنه-: أنّ النبي خطب قبل الفطر بيوم أو يومين، فقال: أدوا صاعاً من بر بين اثنين، أو صاعاً من تمرٍ، أو شعير، عن كل حر وعبد، صغير وكبير)، رواه أبو داود في السنن.< o:p>
2- أخرج عبد الرزاق في المصنف بسند صحيح عن جابر بن عبد الله قال: صدقة الفطر على كل مسلم صغير وكبير، عبد أو حر، مدان من قمحٍ، أو صاع من تمر، أوشعير) < o:p>
3- أخرج ابن أبي شيبة بإسناده عن عائشة: إني أحب إذا وسّع الله على الناس أن يُتموا صاعاً من قمح عن كل إنسان) < o:p>
الترجيح:< o:p>
المتأمل في أدلة الحنفية يحد أنها أقوى وأكثر من أدلة الجمهور< o:p>
قال ابن عبد الهادي الحنبليّ في تنقيح التحقيق (2/ 1472): القول بإيجاب نصف صاع من بر قول قويّ، وأدلتُه كثيرة< o:p>
- وأما قول أبي سعيد – رضي الله عنه-) أما أنا فإني لا أزال أُخرجه ما حييت)، فيُمكن تأويله: (إني إلا أؤدي الصدقة من القمح، فلا حاجة لي إلى العمل بقول معاوية- رضي الله عنه-، بل لا أزال أؤدي بما أودي به في زمن النبي< o:p>
أو يُقال: إنه أراد بالزيادة على قدر الواجب تطوّعاً < o:p>
فإن قيل: هذا تأويل، ونحن متعبدون بظواهر النصوص< o:p>
قلنا: لا بد من هذا التأويل لئلا يُخالف قوله مذهبه< o:p>
- ولأن سلّمنا بظاهره، فلا يعدو أن يكون رأياً رآه- رضي الله عنه-، فلا يُعارض قول الأكثر< o:p>
قال الزيلعي مؤكداً هذا المعنى: ولا تضر مخالفة أبي سعيد لذلك بقوله: أما أنا فلا أزال أخرجه؛ لأنه لا يقدح في الإجماع، سيما إذا كان فيه الخلفاء الأربعة) نصب الراية (2/ 406) < o:p>
المبحث الرابع: مقدار الصاع < o:p>
اعلم- علمني الله وإياك- أنّ الصّاع المعتبر هو صاع أهل المدينة؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما، وهو مخرج في السلسلة الصحيحة: انّ النبيّ قال: الوزن وزن أهل مكة، والمكيال مكيال أهل المدينة< o:p>
ومقدار الصاع: أربعة أمداد،، والمد: ما يملأ كفي الرجل المعتدلتين< o:p>
قال ابن الأثير: (ومن لم يكن عنده مكيال ولا ميزان، فليُخرج أربعة أمداد، ومن تطوّع خيراً فهو خير له) < o:p>
ولما كان يصعب ضبط الكيل على عامة المسلمين، فقد عبّر العلماء بالوزن على سبيل التقريب< o:p>
فمن أراد معرفة الصاع النبّوي فما عليه إلا أن يزن (2040) من البر الجيّد، ثم يبضعها في إناء بقدرها فيُعلمه ثم يكيل به، وهاهنا جدولاً توضيحياً للصاع من أصناف عدة، وما يُقابله بالكيلو أعدّه فضيلة الشيخ محمد علي فركوس- حفظه الله ونفع به-:< o:p>
الصنف الوزن بالغرامات< o:p>
التمر 1800غ< o:p>
الدقيق 2000غ< o:p>
القمح 2040غ< o:p>
ا لأرز 2300غ< o:p>
الفرينة 1400غ< o:p>
العدس 2100غ< o:p>
اللوبيا 2060غ< o:p>
الجلبانة 2240غ< o:p>
الطعام (الكسكسي) 1800غ< o:p>
الزبيب 1640غ< o:p>
الحمص 2000غ< o:p>
المبحث الخامس: من قدر على بعض الصاع هل يلزمه إخراجه؟ < o:p>
ذهب الجمهور إلى وجوب إخراج الجزء المقدور عليه، وإن كان دون الصاع، وذهب أحمد في رواية إلى أنّه لا يلزمه إخراجه كالكفارة، التي لا يلزم إخراج بعضها< o:p>
قلتُ: الفرق بين مسألتنا وبين الكفارة من وجهين:< o:p>
¥