وُلِدَ اَلْعَلَّامَة اِبْنُ بَدْرَانَ فِي بَلْدَتِهِ دُومَا سَنَةَ 1280 هـ () وَنَشَأَ بِهَا إِلَى أَنْ أُخْرِجَ مِنْهَا نَحْوَ سَنَةِ 1318 هِـ كَمَا صَرَّحَ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ "مَوَارِد اَلْأَفْهَامِ " حَيْثُ يَقُولُ: "وَلَقَدْ كُنْتُ اِبْتَدَأَتُ هَذَا اَلشَّرْحِ فِي عَامِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَثَلَاثمِائَةٍ وَأَلْفٍ, فَوَصَلْتُ فِيهِ إِلَى بَابِ اَلتَّشَهُّدِ فِي اَلصَّلَاةِ, ثُمَّ تَلَاعَبَ بِي اَلزَّمَانُ, وَهَجَرْتُ اَلْأَوْطَانَ وَالْخِلَّانَ, إِلَى أَنْ أَنَخْتُ رِكَابِي بِدِمَشْقَ… " ().
طَلَبُهُ لِلْعِلْمِ وَمَشَايِخُهُ:
تَلَقَّى اِبْنُ بَدْرَانَ اَلْعِلْمَ مِنْ جَدِّهِ اَلشَّيْخِ مُصْطَفى ().
كَمَا أَخَذَ عَنْ شَيْخِهِ مُحَمَّدٍ بْنِ عُثْمَانَ اَلْحَنْبَلِيِّ اَلْمَشْهُورِ بِخَطِيبٍ دُومَا , () وَقَدْ تَأَثَّرَ بِشَيْخِهِ. وَاسْتَفَادَ مِنْهُ طَرِيقَةً حَمِيدَةً حَيْثُ يَقُولُ نَقْلاً عَنْ شَيْخِهِ هَذَا: " وَكَانَ -رَحِمَهُ اَللَّهُ- يَقُولُ لَنَا: لَا يَنْبَغِي لِمَنْ يَقْرَأُ كِتَابًا أَنْ يَتَصَوَّرُ أَنَّهُ يُرِيدُ قِرَاءَتَهُ مَرَّةً ثَانِيَةً ; لِأَنَّ هَذَا اَلتَّصَوُّرَ يَمْنَعُهُ عَنْ فَهْمٍ جَمِيعِ اَلْكُتُبِ, بَلْ يَتَصَوَّرُ أَنَّهُ لَا يَعُودُ إِلَيْهِ مَرَّةً ثَانِيَةً أَبَدًا."
وَكَانَ يَقُولُ: كُلِّ كِتَابٍ يَشْمَلُ عَلَى مَسَائِلَ مَا دُونَهُ وَزِيَادَةً, فَحَقَّقَ مَسَائِلَ مَا دُونَهُ لِتَوَفُّرَ جَدُّكَ عَلَى فَهْمِ الزِّيَادَةِ " () اِنْتَهَى.
وَقَدْ رَحَلَ اَلْعَلَّامَة اِبْنُ بَدْرَانَ فِي طَلَبِ اَلْعِلْمِ بَعْدَ أَخْذِهِ عَنْ مَشَايِخِهِ فِي بَلْدَتِهِ دُومَا, فَهُوَ يَقُولُ -رَحِمَهُ اَللَّهُ تَعَالَى-: "هَذَا وَلَمَّا كَانَ اَلْأَمْرُ كَمَا قُرِّرَ وَخُلِّدَ فِي بُطُونِ اَلدَّفَاتِرِ وَسُطِّرَ, وَكَانَتْ اَلرِّحْلَةُ فِي طَلَبِ اَلْعِلْمِ عَلَّامَة اَلنُّبْلِ, وَدَلِيلٍ اَلْحِلْمِ, لَا جَرَمَ هَجَرْتُ اَلْأَوْطَانَ وَوَاصَلْتُ دِمَشْقَ وَغَيْرَهَا مِنْ اَلْبُلْدَانِ. . . " ()
وَقَدْ أَخَذَ فِي دِمَشْقَ عَنِ شَّيْخِ اَلشَّامِ, وَرَئِيسِ عُلَمَائِهَا اَلشَّيْخِ سُلَيْمِ بْنِ يَاسِينَ اَلْعَطَّارِ, اَلشَّافِعِيِّ () وَقَدْ أَجَازَهُ بِالْحَدِيثِ إِجَازَةً عَامَّةً, وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ 1306 هـ. ()
قَالَ اِبْنُ بَدْرَانَ: "وَقُلْتُ لَمَّا خَتَمَ شَيْخُنَا ـ أَيْ: سُلَيْمُ اَلْعَطَّارُ ـ "صَحِيحَ اَلْبُخَارِيِّ" وَبَقِيَّةَ دُرُوسِنَا حِينَ جَاءَ شَهْرُ رَمَضَانَ وَدَعَانَا لِبَيْتِهِ اَلْعَامِرِ:
طِيبِي ثَنَاءً يَا دِمَشْقُ وَغَرِّدِي فَلَكِ اَلْمَنَازِلُ فَوْقَ هَامَ اَلْفَرْقَدِ
وَاشْدِي عَلَى أَغْصَانِ دَوْحَاتِ الهَنَا وَاتْلِي اَلْمَحَامِدِ فِي الصَّبَاحِ وَرَدِّدِي
فَلَقَدْ حَوَيْتِ اَلْيَوْمَ شَهْمًا قَدْ سَمَا عِنْدَ اَلْمَفَاخِرِ كُلَّ شَهْمٍ أَوْحَدِ
تَتَقَاسَمُ اَلْأَقْطَارُ طِيبَ ثَنَائِهِ فَتَعُودُ فِي سَعَةِ اَلْمَلِيكِ اَلْأَمْجَدِ
مَوْلَى اَلْفَضَائِلِ شَيْخُ أَهْلِ اَلْحَقِّ مَنْ كُلِّ اَلْأَنَامِ لِمَجِْهِ كَالْأَعْبدِ
بَحْرُ اَلْعُلُومِ سَلِيمُ طَبْعٍ مَا لَهُ فِي كُلِّ عَصْرٍ مِنْ نَظِيرٍ مُرْشِدِ
بِمَكَارِمِ اَلْأَخْلَاقِ وَالْعَلَمِ اَلَّذِي بَهَرَ اَلْعُقُولَ أَنَارَ نَهْجَ اَلْمُهْتَدِي
طُوبَى لَنَا هُوَ شَيْخُنَا بُشْرَى لَنَا فَلَقَدْ وَرَدْنَا صَفْوَ عَذْبِ اَلْمَوْرِدِ
يَا سَيِّدًا بَهَرَ اَلْأَنَامَ بِفَضْلِهِ أَنْتَ اَلْإِمَامُ لِكُلِّ شَهْمٍ مُقْتَدِي
فَاسْلَمْ وَدُمْ مَا غَنَّتِ الْوَرْقَا عَلَى دَوْحِ اَلرِّيَاضِ وَجَادَهَا اَلطَّلُّ اَلنَّدِي ()
وَأَخَذَ عَنِ اَلْعَلَّامَة مُحَمَّدِ بْنِ مُصْطَفًى اَلطَّنْطَاوِيِّ اَلْأَزْهَرِيِّ, نَزِيلِ دِمَشْقٍ, وَقَدْ كَانَ بَارِعًا فِي عِلْمٍ اَلْهَيْئَةِ وَالْحِسَابِ وَالْمِيقَاتِ () فَأَخَذَ عَنْهُ هَذِهِ اَلْعُلُومَ, كَمَا أَنَّهُ أَخَذَ عَنِ اَلشَّيْخِ عَلَاءِ اَلدِّينِ عَابِدِين اَلْحَنَفِيِّ ()
¥