وبـ"شَرْحِ اَلْعَضُدِ عَلَى مُخْتَصَرِ اِبْنِ اَلْحَاجِبِ ", وَبِمُطَالَعَةِ شَرْحِهِ و بِـ "اَلتَّوْضِيحِ شَرْحِ اَلتَّنْقِيحِ ", وَحَاشِيَتِهِ "اَلتَّلْوِيح", و بِـ "شَرَحِ الْمِرْآةِ " مَعَ مُطَالَعَةِ حَوَاشِيهَا, هَذَا مَعَ مَا كُنْتُ أَشْتَغِلُ بِهِ مِنَ اَلْفُنُونِ اَلَّتِي هِيَ مَوَادُّ هَذَا اَلْفَنِّ, وَلَا يَخْفَى مَكَانُهَا وَمَوَادُّ اَلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
وَإِنِّي -بِحَمْدِ اَللَّهِ تَعَالَى- لَمْ أَقْرَأْ عَلَى اَلشُّيُوخِ إِلَّا مُدَّةً لَا تَزِيدُ عَنْ خَمْسِ سِنِينَ, مَعَ اَلْإِشْرَافِ عَلَى فُنُونِ اَلْمَعْقُولِ, وَمِنْهَا اَلْهَيْئَةُ, وَفَنُّ اَلْمَوَاقِيتِ وَغَيْرُ ذَلِكَ, وَلَا أَذْكُرُ ذَلِكَ تَبَجُّحًا وَافْتِخَارًا, وَإِنَّمَا أَذْكُرُهُ شُكْرًا لِلَّهِ عَلَى مَا أَنْعَمَ, وَفَتَحَ عَلِيَّ بِهِ, فَلَهُ اَلْحَمْدُ حَمْدًا يَدُومُ عَلَى اَلدَّوَامِ… " ().
وَيَقُولُ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ اَلْحَنْبَلِيُّ اَلْعَمَّانِيُّ: "ثُمَّ بَعْدَ تِلْكَ اَلْمُدَّةِ ـ أَيُّ اَلسِّتِّ سَنَوَاتِ ـ عَكَفَ عَلَى اَلْمُطَالَعَةِ لِنَفْسِهِ حَتَّى بَرَعَ فِي اَلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ, وَالْأَصْلَيْنِ وَالْمَذْهَبِ, وَمَعْرِفَةِ اَلْخِلَافِ وَسَائِرِ اَلْعُلُومِ اَلْعَقْلِيَّةِ وَالْأَدَبِيَّةِ وَالرِّيَاضِيَّةِ … " ().
وَقَدْ قَرَأَ عَلَى بَعْضِ مَنْ لَا يُحْسِنُ اَلْعِلْمَ فَانْتَقَدَ طَرِيقَتَهُ وَمَنْهَجَهُ فِي اَلتَّدْرِيسِ فَقَالَ: " وَلَقَدْ كُنْتُ فِي بَدْءِ أَمْرِي أَقْرَأُ كِتَابَ "دَلِيلِ اَلطَّالِبِ" عَلَى بَعْضِ مَنْ يَدَّعِي اَلتَّدْرِيسَ, فَمَرَرْنَا بِمَسْأَلَةِ عَدَمِ نَقْضِ اَلْوُضُوءِ بِمَسّ اَلْفَرْجِ اَلْبَائِنِ فَقُلْنَا لَهُ: مَا هُوَ اَلْفَرَجُ اَلْبَائِنُ ? فَقَالَ: هُوَ مَا بَيْنَ اَلذَّكَرِ وَحَلْقَةِ اَلدُّبُرِ. وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ اَلْمَقْطُوعُ.
وَكَانَ بَعْضُ أَتْرَابِي يَقْرَأُ عَلَيْهِ فِي بَابِ اَلْعِتْقِ, فَقَالَ لَهُ: مَا مَعْنَى اَلْعَبْدُ اَلْمُدَبَّرُ يَا سَيِّدِي ? فَقَالَ لَهُ اَلشَّيْخُ:هُوَ مَنْ سَيِّدُهُ وَطِئَهُ فِي دُبُرِهِ! وَمَعَ هَذَا فَقَدْ كَانَ مَصْدَرًا لِلْإِفْتَاءِ فِي بَلَدِهِ. وَأَيْضًا حَضَرْتُ فِي اِبْتِدَاءِ شَرْحِ "اَلْإِقْنَاعِ" عَلَى رَجُلٍ كَانَ يُشَارُ إِلَيْهِ بِالْبَنَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد, وَكَانَ وَلَدُهُ يَقْرَأُ مَعَنَا, فَكَانَتْ اَلْمَسْأَلَةُ تَأْتِي, فَيَخْتَرِعُ وَلَدُهُ قَاعِدَةً عَامِّيَّةً, وَيُحَاوِلُ أَنْ يَبْنِيَ اَلْمَسْأَلَةَ عَلَيْهَا, فَيُسَلِّمُهَا لَهُ وَالِدُهُ, وَيُصَعِّبُ عَلَيْهِ تَطْبِيقَ اَلْمَسْأَلَةِ عَلَيْهَا, فَيَكْثُرُ اَلشَّغَبُ وَالْجِدَالُ بَيْنَهُمَا, وَكِلَاهُمَا لَا خِبْرَةَ لَهُ بِفَنّ اَلْأُصُولِ, فَأَقُولُ لِلشَّيْخِ: لِيَنْظُرْ مَوْلَانَا أَوَّلاً فِي اَلْقَاعِدَةِ هَلْ هِيَ مِنَ اَلْأُصُولِ أَمْ هِيَ مَأْخُوذَةٌ عَنْ عَجَائِزِ أَهْلِهِ وَيُرِيحُنَا مِنْ هَذَا اَلْعَنَاءِ ... " ().
ـ[ aboumalik] ــــــــ[10 - 11 - 03, 12:40 ص]ـ
أخصر المختصرات2
عَقِيدَتُهُ وَمَذْهَبُهُ
عَاشَ اَلْعَلَّامَة اِبْنُ بَدْرَانَ فِي بِيئَةٍ كَانَتْ فِيهَا اَلصُّوفِيَّةُ مُنْتَشِرَةٌ, وَالْجَهْلَ فِيهَا مُتَفَشٍّ, وَقَدْ قَرَأَ عَلَى بَعْضِ اَلشُّيُوخِ اَلَّذِينَ كَانَ مَسْلَكُهُمْ صُوفِيًّا كَمَا مَرَّ فِي ذِكْرِ شُيُوخِهِ, وَقَدْ صَرَّحَ -بِفَضْلِ اَللَّهِ عَلَيْهِ- وَأَنَّهُ اِتَّبَعَ مَنْهَجَ اَلسَّلَفِ اَلَّذِي هُوَ أَحْكَمُ وَأَعْلَمُ, وَهُوَ طَرِيقَةُ اَلْقُرُونِ اَلْمُفَضَّلَةِ, وَمِنْهَاجُ اَلْأَئِمَّةِ اَلْمُصْلِحِينَ.
¥