تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَتَارَةً يَنْقُلُ اَلْمُتَرْجِمُ اَلْكَرَامَةَ وَلَا يَتَفَطَّنُ لِمُنَاقَضَتِهَا اَلشَّرْعَ وَالْعَقْلَ, وَأَنَا أَضْرِبُ لَكَ مِثَالاً لِيَتَّضِحَ بِهِ اَلْمَرَامُ, وَهُوَ مَا حَكَاهُ اِبْنِ خِلِّكَانَ وَصَاحِبُ " شَذَرَاتِ اَلذَّهَبِ" عَنِ اَلشَّيْخِ يُوسُفَ, ذَلِكَ أَنَّ اِبْنَ خِلِّكَانَ قَالَ: سَأَلْتُ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْهُ. فَقَالَ: كُنَّا مُسَافِرِينَ, وَالشَّيْخُ يُونُسُ مَعَنَا, فَنَزَلْنَا فِي اَلطَّرِيقِ بَيْنَ سَنْجَارَ وَعَانَةَ, وَهِيَ مُخَوِّفَةٌ, فَلَمْ يَقْدِرْ وَاحِدٌ مِنَّا أَنْ يَنَامَ مِنْ شِدَّةِ اَلْخَوْفِ, وَنَامَ اَلشَّيْخُ يُوسُفُ, فَلَمَّا اِنْتَبَهَ قُلْنَا: كَيْفَ قَدَرْتَ تَنَامُ ? فَقَالَ: وَاَللَّهُ مَا نِمْتُ حَتَّى جَاءَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِمَا اَلسَّلَامُ - وَتَدَرَّكَ اَلْقُفْلَ, وَدَخَلْنَا سَالِمِينَ بِبِرْكَة اَلشَّيْخِ يُونُسَ.

فَانْظُرْ أَوَّلاً إِلَى اَلْمُتَكَلِّمُ, وَلَوْ حَمَلْنَاهُ عَلَى مَحْمَلٍ حَسَنٍ, وَقُلْنَا: إِنَّهُ صَادِقٌ, فَهَلْ يَلِيقُ بِهِ أَنْ يَجْعَلَ سَيِّدَنَا إِسْمَاعِيلَ أَوْ وَالِدَهُ اَلْخَلِيلَ - عَلَيْهِمَا اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حَارِسَينِ عِنْدَهُ لِيَنَامَ نَوْمًا هَنِيئًا, وَهُمَا سَاهِرَانِ كَالْأَجِيرِ اَلَّذِي يَأْخُذُ أُجْرَتَهُ, وَيُدَافِعُ عَنْ مَالِ سَيِّدِهِ ?! وَهَبْ أَنَّ اَلْأَمْرَ صَحِيحٌ, فَكَيْفَ جَازَ لَهُ اَلِاتِّكَالُ عَلَى غَيْرِ اَللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ?! نَعَمْ! لَوْ قَالَ: إِنِّي قَبْلُ نَوِّمِي دَعَوْتُ اَللَّهَ تَعَالَى, وَفَوَّضْتُ أَمْرِي وَأَمْرَ اَلْقَافِلَةِ إِلَيْهِ, لَكَانَ كَلَامُهُ مَقْبُولاً! ثُمَّ لَيْتَ شِعْرِي هَلْ ذَلِكَ اَلرَّاوِي صَادِقٌ فِيمَا نَقَلَهُ, أَوْ هُوَ عَدْلٌ مَرَضِيُّ اَلشَّهَادَةِ أَمْ لَا ?, مَعَ أَنَّ رُوَاةَ اَلْحَدِيثِ لَا نُصَدِّقُهُمْ حَتَّى تَتَحَقَّقَ لَنَا عَدَالَتُهُمْ, وَنَعْلَمَ صِدْقَهُمْ! فَكَيْفَ نُجِيزُ قَبُولَ خَبَرِ وَاحِدٍ مَجْهُولِ اَلْحَالِ ?! تَالَلَّهِ مَا هَذَا إِلَّا هَذَيَان, وَعَدَمُ تُمَكُّنٍ مِنَ اَلْعِلْمِ اَلصَّحِيحِ! … " ().

وَقَالَ مُحَمَّدُ تَقِيّ اَلدِّينِ اَلْحِصْنِي: "وَكَانَ سَلَفِيَّ اَلْعَقِيدَةِ …". ثُمَّ قَالَ: "قَالَ أَحَدُ اَلْأُدَبَاءِ -عِنْدَ كِتَابَتِهِ عَنْ وَفَاتِهِ فِي اَلصُّحُفِ-: إِنَّهُ كَانَ خَصْمًا شَدِيدَ اَلْخُصُومَةِ لِرِجَالِ اَلْحَشِوِيِّينَ اَلَّذِينَ مَلَئُوا هَذَا اَلدِّينَ اَلسَّهْلَ خُرَافَاتٍ وَسَخَافَاتٍ هُوَ بَرَاءٌ مِنْهَا, حَتَّى رَمَوْهُ بِأَنَّهُ زِنْدِيقٌ أَوْ أَنَّهُ وَهَّابِيٌّ, كَمَا كَانَتْ اَلْوَهَّابِيَّةُ إِثْمًا زَمَنَ اَلسُّلْطَانِ عَبْدِ اَلْحَمِيدِ يُرْمَى بِهَا كُلُّ مَنْ أَتَاهُ اَللَّهُ نَصِيبًا مِنَ اَلْحِكْمَةِ وَبُعْدَ اَلنَّظَرِ … " ().

وَقَالَ اَلْمُؤَرِّخُ خَيْرُ اَلدِّينِ اَلزِّرِكْلِيّ: "كَانَ سَلَفِيَّ اَلْعَقِيدَةِ …".

وَحَدَّثَنِي اَلْأَدِيبُ اَلْكَبِيرُ اَلشَّيْخُ عَلِيٌّ اَلطَّنْطَاوِيُّ - أَجْزَلَ اَللَّهُ لَهُ اَلْأَجْرَ وَالْمَثُوبَةَ - حِينَمَا سَأَلْتُهُ عَنْ اَلْعَلَّامَة اِبْنِ بَدْرَانَ فَقَالَ: "كَانَتْ اَلْوَهَّابِيَّةُ تُعَدُّ تُهْمَةً خَطِيرَةً مُخِيفَةً, وَكَانُوا يُحَذِّرُونَنَا مِنَ اَلِاجْتِمَاعِ بِهِمْ, فَوَقَفْتُ مَرَّةً فِي حَلْقَةِ اِبْنِ بَدْرَانَ اَلْعَالِمِ اَلْحَنْبَلِيِّ اَلْمَعْرُوفِ, وَكَانَ هُنَاكَ طُلَّابٌ يَمُرُّونَ فِي اَلْأَسْوَاقِ, فَرَأَوْنِي فِي حَلْقَةِ اِبْنِ بَدْرَانَ وَقَدَّمُوا فِيَّ تَقْرِيرًا إِلَى اَلْمَشَايِخِ, فَضُرِبَتْ (فَلَقَةٌ) (). فِي رِجْلَيَّ "

قُلْتُ: وَسَبَبُ هَذَا اَلْأَمْرِ أَنَّ اِبْنَ بَدْرَانَ كَانَ عَلَى مَنْهَجِ اَلسَّلَفِ -رَحِمَهُ اَللَّهُ- وَكَتَبَ لَهُ اَلْأَجْرَ وَالْمَثُوبَةَ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير