ج ـ أخرج البيهقي بسند حسن عن زيد بن حارثة: كان صنم من نحاس ـ يقال له إساف ونائلة ـ يتمسح به المشركون إذا طافوا فطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم وطفت معه فلما مررت مسحت به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تمسه" قال زيد: فطفنا فقلت في نفسي: لأمسنه حتى أنظر ما يكون، فمسحته، فقال: "ألم تنه" قال زيد: فوالذي أكرمه وأنزل عليه الكتاب، ما استلم صنماً قط حتى أكرمه الله تعالى بالذي أكرمه وأنزل عليه.
د ـ أنه كان لا يقف بالمزدلفة ليلة عرفة بل كان يقف مع الناس بـ (عرفات)، عن جبير بن مطعم قال: أضللت بعيراً لي بعرنة فذهبت أطلبه فإذا النبي صلى الله عليه وسلم فذهبت أطلبه فإذا النبي صلى الله عليه وسلم واقف فقلت: إن هذا من (الحمس) ما شأنه ها هنا؟!.
وهذا درس لكل داعية أن يكون على منهج الله في سلوكه وعمله ولو كلفته الاستقامة على هذا النهج العنت من الناس واللوم والإعراض منهم والأذى والتشهير كذلك، فلا عذر للداعية في مجاراة قومه في منكر عاداتهم وضلال سلوكهم وانحراف عقيدتهم. وما لم يكن الداعية قواماً على الحق في قومه فلن يستطيع أن يقودهم إلى النور، ويخرجهم من الظلمات، والتميز والمفاصلة في السلوك والموقف والعقيدة أمر أساسي بالنسبة للدعاة إلى الله، إن التساهل من الدعاة في هذه الجوانب هو الذي مكن من التساهل في استعمال التلفاز في كل بيت وهو الذي يحوي الغث والثمين، والمعازف فيه تكاد تملأ معظم برامجه وقلما ينجو من إثم هو أو أحد أهل بيته وهو يستمع لها أو يسكت على سماعها.
2. التأكيد على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان متمتعاً بخصائص البشرية كلها فكان يجد في نفسه ما يجد كل الشباب من مختلف الميول الفطرية فكان يحس بمعنى السمر واللهو إلا أن حكمه الله اقتضت عصمته مع ذلك عن جميع مظاهر الانحراف وعنه كل ما لا يتفق مع مقتضيات الدعوة التي هيأه الله لها، وهذا شأن أصحاب الدعوات أعلام الناس. قال الفضيل بن عياض: إني لأعصى الله فأعرف ذلك في خلق دابتي وجاريتي، وللشيخ الراشد كلام جميل في رعاية الله لعبده.
ـ[الطيماوي]ــــــــ[17 - 02 - 08, 01:57 م]ـ
أولاً: سفر أبي طالب به إلى الشام:
1. وقصة الراهب معروفة في المغازي وما أدري أرك البعثة أم لا، وقد وقع في بعض السير أنه كان من يهود تيماء، وفي مروج الذهب للمسعودي: أنه كان نصرانياً، وسماه الحافظ ابن حجر في الإصابة بحيرا.
2. وفي القرآن الكريم خبر هؤلاء الرهبان وأنهم (يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ)، وأن فريقاً منهم لم يكونوا يكتمون، منهم بحيرا الراهب، وعبد الله بن سلام، وبعض من التقاه سلمان الفارسي من الرهبان.
3. ولعل بحيرا ممن اطلع على الكتب السماوية وعلم ما فيها من صفات النبي صلى الله عليه وسلم أو لعله ممن عنى النبي صلى الله عليه وسلم:"قد كان فيمن كان قبلكم من بن إسرائيل رجال يكلمون من غير أن يكونوا أنبياء" أي يلهمون، قال بحيرا: "إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق شجر ولا حجر إلا خر ساجداً ولا يسجدان إلا لنبي" فرأى بحيرا ما لم يره غيره وقد ورد في الخبر الصحيح أن الحجارة بمكة كانت تبدأ النبي صلى الله عليه وسلم بالسلام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العبر والعظات:
1. أن النبي صلى الله عليه وسلم استفاد من سفره وتجواله مع عمه وبخاصة من أشياخ قريش حيث اطلع على تجارب الآخرين وخبرتهم والاستفادة من آرائهم فهم أصحاب خبرة ودراية وتجربة لم يمر بها النبي صلى الله عليه وسلم في سنه تلك قال الغزالي في إحياء علوم الدين: " وإنما سمى السفرسفرا لأنه يسفر عن الأخلاق: ولذلك قال عمر رضي الله عنه للذي زكى عنده بعض الشهود: هل صحبته في السفر الذي يستدل به على مكارم أخلاقه: لا، فقال: ما أراك تعرفه وكان بِشرٌ يقول: يا معشر القراء سيحوا تطيبوا فإن الماء إذا ساح طاب، وإذا طال مقامه في موضع تغير. وبالجملة فإن النفس في الوطن مع مواتاة الأسباب لا تظهر خبائث أخلاقها لاستئناسها بما يوافق طبعها من المألوفات المعهودة، فإذا حملت وعناء السفر وصرفت عن مألوفاتها المعادة وامتحنت بمشاق الغربة انكشفت غوائلها ووقع الوقوف على عيوبها فيمكن الاشتغال بعلاجها".
2. حذر بحيرا من النصارى، وبين أنهم إذا علموا بالنبي صلى الله عليه وسلم سيقتلونه وناشد عمه وأشياخ مكة ألا يذهبوا به إلى الروم فإن الروم إذا عرفوه بالصفة يقتلونه، لقد كان الرومان على علم بأن مجئ هذا الرسول سيقضي على نفوذهم الاستعماري في المنطقة ومن ثم فهو العدو الذي سيقضي على مصالح دولة روما، ويعيد هذه المصالح إلى أربابها، وهذا ما يخشاه الرومان، ولما عرض النبي صلى الله عليه وسلم نفسه على بني حنيفة كان جواب المثنى بن حارثة: إنا نزلنا أنهار كسرى وإني أرى هذا الأمر الذي تدعونا إليه مما تكرهه الملوك.
¥