والصراط: الطريق وهو بالصاد والسين وقد قرئ بهما في المشهورة وكذلك نطقت به بالسين جمهور العرب إلا أهل الحجاز نطقوه بالصاد مبدلة عن السين لقصد التخفيف في الانتقال من السين إلى الراء ثم إلى الطاء قال في لطائف الإشارات عن الجعبرى: إنهم يفعلون ذلك في كل سين بعدها غين أو خاء أو قاف أو طاء وإنما قلبوها هنا صادًا لتطابق الطاء في الإطباق والاستعلاء والتفخم مع الراء استثقالا للانتقال من سفل إلى علو اهـ. أى بخلاف العكس نحو طست لأن الأول عمل والثاني ترك. وقيسٌ قلبوا السين بين الصاد والزاي وهو إشمام وقرأ به حمزة في رواية خلف عنه. ومن العرب من قلب السين زايًا خالصة قال القرطبي: وهي لغة عذرة وكلب وبني القين وهي مرجوحة ولم يقرأ بها، وقد قرأ باللغة الفصحى (بالصاد) جمهور القراء وقرأ بالسين ابن كثير في رواية قنبل، والقراءة بالصاد هي الراجحة لموافقتها رسم المصحف وكونها اللغة الفصحى. ()
وقال: واختلفوا أيضا في حركة ميم ضمير الجمع الغائب المذكر في الوصل إذا وقعت قبل متحرك فالجمهور قرأوا ?عليهم غير المغضوب عليهم? () بسكون الميم وقرأ ابن كثير وأبو جعفر وقالون في رواية عنه بضمة مشبعة ?غير المغضوب عليهمو ? () وهي لغة لبعض العرب وعليها قول لبيد:
وهمو فوارسها وهم حكامها
فجاء باللغتين وقرأ ورش بضم الميم وإشباعها إذا وقع بعد الميم همز دون نحو ?غير المغضوب عليهم ? () وأجمع الكل على إسكان الميم في الوقف.
وفي قوله ? فمن اضطر غير باغ? () قال:
وقرأ أبو جعفر: فمن اضطر بكسر الطاء، لأن أصله اضطرر براءين أولاهما مكسورة فلما أريد إدغام الراء الأولى في الثانية نقلت حركتها إلى الطاء بعد طرح حركة الطاء. ()
وانظر أيضا في تعرضه للأصول في القراءات كلامه في قوله تعالى ? ءأنذرتهم? ()
وهذا خروج سافر عما أخذه على نفسه من عدم الإطالة في القراءات فجل المفسرين إنما يتكلمون في الخلاف المؤثر في المعنى أو المتعلق به لا في الأداء ونحوه.
وقد أخطأ خطأ فاحشا في عزو القراءات في قوله تعالى ? يخادعون الله والذين آمنوا ومايخدعون إلا أنفسهم ومايشعرون? () حيث قال:
ويؤيد هذا التأويل قراءة ابن عامر ومن معه: يخدعون الله. وهذا إنما يدفع الإشكال عن إسناد صدور الخداع من الله والمؤمنين مع تنزيه الله والمؤمنين عنه، ولا يدفع إشكال صدور الخداع من المنافقين لله.
وأما التأويل في فاعل ?يخادعون? المقدر وهو المفعول أيضا فبأن يجعل المراد أنهم يخادعون رسول الله فالإسناد إلى الله تعالى إما على طريق المجاز العقلي لأجل الملابسة بين الرسول ومرسله، وإما مجاز بالحذف للمضاف، فلا يكون مرادهم خداع الله حقيقة، ويبقى أن يكون رسول الله مخدوعا منهم ومخادعا لهم، وأما تجويز مخادعة الرسول والمؤمنين للمنافقين لأنها جزاء لهم على خداعهم كذلك غير لائق. ()
وقال:
واعلم أن قوله ?وما يخادعون إلا أنفسهم? () أجمعت القراءات العشرة على قراءته بضم التحتية وفتح الخاء بعدها ألف، والنفس في لسان العرب الذات والقوة الباطنة المعبر عنها بالروح وخاطر العقل. ()
وهذا الذي ذكره هو عكس الحقيقة فقد أجمع القراء على قراءة ? يخادعون الله والذين آمنوا? بضم الياء والألف على المفاعلة، وأما في الموضع الثاني فاختلفوا فقرأها الجميع ماعدا نافع وابن كثير وأبي عمرو واليزيدي ? ومايخدعون إلا أنفسهم? بفتح الياء وسكون الخاء بدون ألف، وقرأها الباقون كالحرف الأول. ()
وقد أطال إطالة شديدة في اختلافهم في قراءة ? ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله ? ()
عاشرا: موقفه من الفقه والأصول:
أطال رحمه الله نفسه كعادته في بعض المسائل التي لا علاقة لها بالتفسير ومن ذلك قراءة البسملة عند الشروع في قراءة السورة أو أجزائها. ()
وقد أطنب في مسألة هل البسملة آية من كل سورة أم لا إطناب الفقهاء لا المفسرين. ()
ومن مواضع حديثه عن الفقهيات بتطويل مسألة استقبال القبلة. ()
وله كلام فقهي عجيب في ماذبح بنية أن الجن تشرب دمه ولايذكرون اسم الله عليه تحت قوله تعالى ? وما أهل به لغير الله? ()
وهو لا يلتزم مذهب مالك () وينقل عن الظاهرية وأهل الحديث ()
ومن كلامه الجيد في الفقه مع كونه استطرادا في التفسير قوله:
¥