تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذا منهجه رحمه الله، فإذا عرضت هذا الكتاب عليه وجدته لا يتناسب معه، لما يشتمل عليه من روايات واهية وحكايات غريبة وبدع مخالفة للسنة، من أمثال تلقين الميت بعد دفنه والقراءة على المقابر وغير ذلك، ومن قرأ هذا الكتاب جزم أنه ليس من مؤلفات شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، ولكن المغرضين أرادوا أن يتخذوه حجة لهم في الطعن على الشيخ , أو التبرير لما هم عليه من البدع أو غير ذلك من الأغراض، ولكنها والحمد لله حجة داحضة وكرة خاسرة.

الدليل الخامس:

على بطلان نسبة هذا الكتاب إلى الشيخ ما فيه من الخلل والقصور في فن التأليف , فموضوعه يخالف عنوانه، فلا يتطابق مما جاء فيه مع العنوان إلا أحاديث يسيرة في أول الصفحة الأولى، وبقية الكتاب خارجة عن الموضوع.

ثم هو مجرد سرد أحاديث من غير بيان لدرجتها ومن غير تبويب لموضوعاتها، وفيه من الركاكة وضعف التأليف دلالة واضحة على بطلان نسبته إلى الشيخ إذا قورن بمؤلفاته المعروفة - والله أعلم -.

الدليل السادس:

أن هذا الكتاب يختلف محتواه عن طريقة الشيخ في تعليم الناس، لأنه رحمه الله كان يرى وجوب الاهتمام بشأن العقيدة وتصحيحها، ومعرفة ما يضادها أو يخل بها، وكان ما يكتبه أو يختاره من الكتب يدور حول هذا الموضوع، ويركز على ما فيه نفع للناس، ويكره الاشتغال بالكتب التي تشوش على الناس في أمر دينهم أو يقل نفعها لهم، قال حفيده الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله، في كتابه " فتح المجيد " صفحة (420)، في شرح قول علي رضي الله عنه: حدثوا الناس بما يعرفون، قال: وقد كان شيخنا المصنف رحمه الله لا يحب أن يقرأ على الناس إلا ما ينفعهم في أصل دينهم وعباداتهم ومعاملاتهم الذي لا غنى لهم عن معرفته , وينهاهم عن القراءة في مثل كتب ابن الجوزي ك- " المنعش " و " المرعش " و " التبصرة " , لما في ذلك من الإعراض عما هو أوجب وأنفع , وفيها ما الله به أعلم مما لا ينبغي اعتقاده , والمعصوم من عصمه الله. . .

وكان أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان ينهى القصاص عن القصص , لما في قصصهم من الغرائب والتساهل في النقل وغير ذلك , ويقول: " لا يقص إلا أمير أو مأمور " , وكل هذا محافظة على لزوم الثبات على الصراط المستقيم علما وعملا ونية وقصدا , وترك كل ما كان وسيلة إلى الخروج عنه من البدع ووسائلها والله الموفق للصواب ولا قوة إلا بالله. . . انتهى.

فإذا كانت هذه طريقة الشيخ فيما ينبغي أن يقرأ من الكتب , وما ينبغي أن يترك مما يؤثر على عقائد الناس , فكيف يؤلف كتابا من هذا القبيل مشحونا بالروايات الواهية والحكايات الغريبة , ولا سيما في موضوع حال البرزخ التي هي من علم الغيب الذي لا يجوز الكلام فيه إلا بما ثبت عن الله ورسوله , ولا يجوز الاعتماد فيه على الأحاديث الضعيفة والمعلومة والحكايات والمنامات , مما يشمل عليه هذا الكتاب المشبوه.

إن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب أبعد ما يكون عن موضوع هذا الكتاب , وكل من قرأ كتبه وعرف منهجه العلمي والعملي يجزم بنفي هذا الكتاب عنه وبراءته منه , وكل يعلم أنه لا يكفى في نسبة الكتاب إلى شخص ما وجوده بخطه لو فرضنا أن هذا الكتاب بخط الشيخ , فقد ينسخ العالم مؤلفا لغيره وهو لا يرتضيه , إما للرد عليه والتحذير منه أو لغير ذلك من الأغراض , وكان أهل العلم ينسبون الكتب إلى مؤلفيها عن طريق الرواية بالسند المتصل إليهم أو عن طريق الاستفاضة التي تغني عن السند مع مطابقة تلك الكتب لمنهجهم العلمي , أما أن ينسب كتاب إلى شخص لمجرد توهم أنه بخطه فليس هذا من التحقيق العلمي في شيء , ولا هو من منهج العلماء. . .

الدليل السابع:

أن هذا الكتاب لم يرد ذكره في مؤلفات الشيخ , فكل الذين كتبوا عن الشيخ قديما وحديثا وذكروا مؤلفاته لم يذكروا هذا الكتاب منها ومن أوثق هؤلاء وأقدمهم الشيخ حسين بن غنام , وهو من تلاميذ الشيخ الذين أخذوا العلم عنه , وأرخ لدعوته وسيرته في كتابه المشهور " روضة الأفكار والأفهام " , وذكر مؤلفات الشيخ ورسائله ولم يذكر هذا الكتاب منها , وقد عاش بعد الشيخ وأرخ لوفاته ورثاه لما مات , حتى لا يقال لعل كتابة ابن غنام متقدمة، وهذا الكتاب جاء بعده. . .

وكذلك الشيخ عبد الرحمن بن قاسم لم يذكر هذا الكتاب في مؤلفات الشيخ لما ترجم له في كتاب " الدرر السنية " وذكر مؤلفاته، وقد قرأ هذا الكتاب وهذه الترجمة على أكابر نجد من ذرية الشيخ وغيرهم، وهم الشيخ محمد بن عبد اللطيف، والشيخ محمد بن إبراهيم، والشيخ سعد بن حمد بن عتيق، والشيخ عبد العزيز العنقري، وكتبوا عليه تقريظات، ولو كان هذا الكتاب: " أحكام تمني الموت " من مؤلفات الشيخ لاستدركوه عليه وأمروه بذكره، فهذا دليل قاطع على أنه ليس منها.

الدليل الثامن:

أن مجرد وضع اسم شخص على كتاب لا يدل على أنه من تأليفه، بل قد يوضع خطأ أو دسا عليه، في حين أن الذي وضع اسم محمد بن عبد الوهاب على هذا الكتاب لم يقل إنه من تأليفه، وإنما قال هذا الكتاب بخطه.

والعنوان الذي جاء على ظهر المطبوعة وهو: " أحكام تمني الموت " تأليف شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، إنما هو من تصرف المصححين أو المشرفين على الطباعة من غير تثبت ولا برهان، وقد أخطئوا في هذا خطأ واضحا وخالفوا قواعد التحقيق العلمي وجاءوا بتعبير من عند أنفسهم ليس موجودا على ظهر المصورة التي اعتمدوا عليها.

ولا أظن أنه بعد هذا البيان يبقى أدنى شك عند من يريدون الحقيقة أن هذا الكتاب ليس من تأليف شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب.

أما الذين يريدون المغالطة ويتصيدون الشبهات فلا سبيل إلى إقناعهم، لأنهم لا يريدون الحق ومن لا يريد الحق فلن تستطيع هدايته إليه.

{وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا}، ولا حول ولا قوة إلا بالله وحسبنا الله ونعم الوكيل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. . .

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير